تبدأ بكذبة وتنتهي بواقع حقيقي.. الشائعات.. تدسّ السمّ في العسل

تبدأ بكذبة وتنتهي بواقع حقيقي.. الشائعات.. تدسّ السمّ في العسل

شعوب وعادات

السبت، ٨ فبراير ٢٠٢٠

إلهام العطار:   
هي ليست قضية حديثة الولادة، فحكايتها قديمة متجددة وقد رافقت الإنسان في كل مراحل حياته وسببت له الكثير من المشكلات ولاسيما أثناء الحروب والأزمات، فالشائعات -كما يؤكد الكثير من الأبحاث والدراسات- سلاح يعد من أعتى الأسلحة الفتاكة، فهي تنتشر كانتشار النار في الهشيم مهددة السلم والأمن للأفراد والمجتمعات على حد سواء، لأنها تعمل على النيل من إرادة وصمود الجيش والمواطن والمجتمع، فتساهم في إضعاف ثقة أفراده بقدراتهم وتنشر الطاقة السلبية بينهم ما يجعلهم يعانون الخوف والقلق وتسيطر عليهم مشاعر وأفكار مختلطة، وما يزيد في استعار نيرانها هذه الأيام ليست ظروف الحرب والأزمة التي نمر فيها فحسب، بل مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف مسمياتها التي تطالعنا كل يوم بـ«بوستات» وأخبار فيها الكثير من الإثارة والتشويق والحيوية وبالطبع تختلف أهدافها وأغراضها تبعاً لمروجي الشائعة والمستفيدين من نشرها الذين يستغلون هذه المواقع ويعملون على تحويلها إلى منصات تساهم في سرعة انتشار الشائعات وفي زيادة تأثيراتها وانقياد الناس وراءها.
 
أنواع وأشكال مرض العصر– الشائعات– كما أحب الكثيرون تسميتها، وما تحمله بين طياتها من تأثيرات اجتماعية ونفسية واقتصاديه، والسمات الخاصة للأشخاص الذين يبرعون في إتقان فن الشائعات وترويجها، ولأولئك الذين يتلقونها من دون تدقيق أو حتى تفكير بصدقها من عدمه، والأهم كيفية التصدي لها وسبل مواجهتها، وغيرها من التساؤلات التي تدور في الأذهان، محاور طرحتها «تشرين» لمناقشتها مع ضيوف ملفها الذين أكدوا على اختلاف اختصاصاتهم أن الشائعات كانت ولا تزال زاد الحرب النفسية وزوادتها.
نحو 60 % يصدقون ما يشاع
هل تصدق كل ما يذاع من أخبار ومعلومات خلال يومياتك وعلى صفحات «الفيسبوك»، سؤال أربك الكثيرين ممن التقتهم «تشرين» في الأسواق وأمام الأفران ومحلات بيع الغاز والمؤسسات الاستهلاكية وغيرها من الأماكن التي تشهد ازدحاماً يومياً، ولكن في النهاية أجاب نحو 60% منهم: «كل ما سمعنا خبر منركض وراه لنؤمن حاجة بيوتنا وولادنا، شو نحنا خبراء، لنعرف إذا كان هذا الخبر صحيح أم لا!».
سهام أبو عبدالله، مدرّسة لغة عربية، رأت أن نشر الخبر ثم تكذيبه على المواقع والصفحات وخاصة عندما يتعلق الموضوع بالوضع المعيشي أو أثناء الامتحانات أو إعلان النتائج على سبيل المثال، خلل يجعل الناس في تشكيك دائم ويجرها تالياً إلى تناقل الخبر الذي يتناسب مع أهوائها وتطلعاتها.
أما المهندس سليمان الشيخ، فقد ضرب مثالاً على الشائعة بقوله: منذ فترة بدأ الحديث عن رفع تسعيرة ركوب «السرافيس» في جرمانا من 25 إلى 50 ليرة، و«التاكسي» من 300 إلى 500 فما فوق واعتمد السائقون على موضوع التكرار، فحققت شائعتهم الغرض المطلوب وبالفعل كان لهم ما أرادوا من دون صدور أي قرار يؤكد رفع التسعيرة، وهذا المثال ينطبق على قصص كثيرة في حياتنا أدت إلى جعل الناس تستدين من أجل شراء المتة والسكر والزيت وغيرها من المواد التي تحتاجها الأسرة.
خبر غير موثوق
ما تحدث عنه المواطنون ما هو إلا نموذج لما يتعرض له الناس من ضغط الشائعات التي عرفتها الدكتورة رشا شعبان- قسم الفلسفة والمجتمع- جامعة دمشق بأنها خبر قد يكون كله كاذباً، وقد يكون نصفه، أو قد يُدس فيه شيء من الحقيقة، بمعنى أنها خبر غير موثوق لا يتحدث عن الحقيقة وإنما يجيّر، وأحياناً قد يكون ممنهجاً ويستخدم لقياس الرأي العام بشأن فكرة معينة، أما أخطر أنواعها فهو الذي يكون نصفه حقيقة لأنه يقوم على مبدأ «دس السم بالعسل»، وأضافت: الشائعات نوع من أنواع الحروب النفسية والمعنوية، هدفها الأساس إثارة الفتن وإخلال ثقة الافراد ببعضهم بعضاً من جهة وبالدولة من جهة ثانية، وهو الأمر الذي يخلق علاقات فوضوية تقلل التفاعل الاجتماعي، وتساهم في تفكيك وحدة المجتمع وترابطه.
كيف تنتشر الشائعة؟
أما إذا تساءلنا: كيف تنتشر الشائعة؟ فيمكننا القول: هي عدوى تعمم وتنتقل بسرعة وسهولة تؤثر في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية والثقافية وتتطور أساليبها بتطور الحياة الاجتماعية، وهي تكثر وتزدهر في المجتمعات التي تسيطر عليها العقلية التسليمية والقدرية أكثر من سيطرة العلم، فهذه تعد بيئة خصبة لنشر الشائعة لأن لديها استعداداً نفسياً بشكل مسبق لتصديق الأخبار التي تتوارد إليها من دون التحقق من مصادرها أو محاولة البحث عن أسبابها وغاياتها.
واستطردت د. شعبان: الشائعة تبدأ بكذبة وتنتهي بواقع حقيقي، وتنتشر بسرعة أكبر حينما يفقد المجتمع المصداقية ويفتقد الشفافية في قول الخبر الصحيح، فهذه الاشكاليات تعد عوامل تفريق وهزيمة فأحياناً يهزم المجتمع من داخله بسبب الشائعات لأن هناك البعض من أفراده الذين يتحولون إلى أدوات لنشر الشائعة، فالعدو عند نشر الشائعة يعمد إلى التأثير في المجتمع من خلال استهداف العقول لتشكيل أفكار تخدم هدفه في تحطيم نفسية الخصم بما يتناسب مع خططه وأهدافه، وتالياً يسيطر على الأفراد الذين يختلفون في طريقة تداولهم وتعاملهم مع الخبر مهما كان نوعه وعنوانه.
الصورة أو الفيديو عوامل إضافية
كلام توافق مع رأي الدكتور مازن خضور- الاختصاصي في علم الاجتماع الإعلامي الذي زاد على ذلك بقوله: هناك مجموعة من العوامل التي تقف وراء سرعة انتشار الشائعات بين الناس وتساعد في انتشارها منها نوع المعلومة والشريحة التي ستتعاطى مع هذه المعلومة المتداولة، فالشائعة التي تخص الشأن المعيشي للمواطن غالباً ما تنتشر بسرعة أكبر من بقية الشائعات لكونها تعنى بأمور الحياة اليومية، كذلك نوع الشائعة لذلك نجد أن الشخصيات العامة والمشاهير من أكثر الأشخاص التي تتناولها الشائعات مثال: أخبار الفنانين الخاصة «الزواج والطلاق وحتى الموت»، أيضاً هناك الأمور المرافقة للشائعة مثل الصورة أو الفيديو وهي عوامل إضافية مساعدة في انتشار الشائعة، إضافة إلى ثقافة المجتمع والفترة الزمنية مثل الأزمات والحروب حيث تكون الأسباب هنا متعلقة بغياب الرقابة وعدم وجود مصادر موثوقة أو معتمدة.
وسائل التواصل الاجتماعي الأقوى في ترويجها
ورداً على سؤاله عن دور وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد من أقوى الوسائل في نشر وترويج الشائعات؟ أفاد الدكتور خضور: قد يكون لها الدور الأكبر الآن لعدد من الأسباب التي يقف في مقدمتها انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة التعاطي معها وتلقيها، ومن ثم هناك سرعة انتشار ما يتم نشره على هذه الوسائل لأنه مفتوح للجميع ولا يحكمه قانون حقوق النشر أو أي رادع قانوني لناحية نقل المعلومة قبل التأكد منها وعدم ارتباطها بأي ضابط قد يعوق وسيلة إعلامية لناحية انتظار مصدر أو بينة متعارف عليها، إضافة إلى الأدبيات الصحفية التي تضبط وسائل الإعلام على عكس وسائل التواصل الاجتماعي.
إذاً كيف يمكن للمواطن التفريق بين الخبر الكاذب والمعلومة الحقيقية؟ وهنا يبين د.خضور أنه يمكن للأشخاص التأكد من بعض الأخبار من خلال عملية بحث بسيطة سواء عن طريق المصادر الموثوقة أو عبر وضع الصور أو الفيديوهات في أي محرك بحث وتظهر النتيجة ويتم وضع معلومات هذه الصور سواء من حيث مكان النشر وتاريخ النشر، مثال العديد من الصور بثت على أنها من سورية خلال الحرب وبعملية بحث بسيطة تبين أنها في اليمن أو البحرين وبعضها عمره عشرات السنين.
سمات مروجيها ومتلقيها
تأثير الشائعات بات أمراً مفروغاً منه، ولكن قبل استعراض تلك التأثيرات لابد من وقفة مع الدكتورة في الصحة النفسية- غنى نجاتي للتعرف على سمات مروجيها ومتلقيها، حيث قالت: يتميز الشخص المروج للشائعات بضعف الوازع القيمي حيث يعاني فقراً وشحاً في مستودع القيم الاجتماعية والثقافية والوطنية والأسرية لديه… ولذلك فهو لا يشعر بالذنب بعد ترويجها ولا يشعر بالأسف على الأذى الملحق بالأطراف الذين يمثلون محتواها ويستطيع الكذب والاحتيال بمهارة عالية وسهولة وسلاسة شديدة ممزوجة بمشاعر الغيرة والحسد تجاه الأشخاص الذين تشملهم تلك الشائعة… وبناء على ذلك ستكون الشخصية المروجة استغلالية وأنانية ولا تهتم سوى بمصلحتها الشخصية ولو على حساب الأسرة أو المجتمع… وحسب نظرية التحليل النفسي فالشخصية المروجة للشائعات تعاني عقدة نقص لاشعورية وتحاول التعويض عن هذا الشعور عن طريق تلفيق ونشر معلومات مزيفة بالشائعة ما يشعرها بالسعادة والمتعة المؤقتة التي لا تلبث أن تنقضي، فيلجأ الشخص لترويج شائعة جديدة ليشعر نفسه بالسعادة والأهمية مجدداً…. علاوة على ذلك فمن وجهة نظر الصحة النفسية يعاني الشخص المروج للشائعات قلة الثقة بالنفس وعدم الأمان النفسي وضعف الاتزان الانفعالي، وهو دائماً ما يحاول ترك انطباع معاكس عند الآخرين، فيلجأ لنشر أخبار كاذبة عن غيره حتى يحظى باهتمامهم لأنه على يقين بأن لا أهمية لشخصه ونفسه عند الآخرين، لذلك يلجأ للحديث عن غيره حتى يشعر بالطمأنينة النفسية والجاذبية الاجتماعية….. ومما لاشك فيه تتميز هذه الشخصية بطلاقة لفظية عالية وذكاء عاطفي واجتماعي يمكنها من نسج محتوى الشائعة بطريقة جذابة للآخرين وإلقائها بطريقة مقنعة…
وتضيف: أما الشخص المتلقي للشائعات فغالباً ما يتميز بذكاء متوسط ودون الوسط أحياناً…. حيث لا يُجري أي محاكمة عقلية للتأكد من صحتها بل يسلم بها كما هي ويعدها صحيحة… وبحسب النظريات النفسية يكون متلقي الشائعة شخصاً شديد التوتر والقلق ويعاني صراعات نفسية داخلية غير معلن عنها… ولو نظرنا للتنشئة الأسرية التي تنتج متلقي الشائعات كشخصية تابعة اعتادت على اتباع الأوامر الوالدية بحذافيرها بالطفولة من دون التفكير بهدفها أو التشكيك بوجود طرق بديلة لها…. وهناك بعض النظريات الشخصية التي تصنف متلقي الشائعات كشخصية مضطربة دائمة الشكوى وساذجة بالتفكير وهي سهلة الانقياد والإقناع والبعض منها يعاني مشاعر عدوانية دفينة يعبر عنها بتصديقه للشائعة وقد تكون هذه المشاعر العدوانية ممزوجة بمشاعر الحسد والإحباط من الأشخاص الذين تشملهم الشائعة.
تؤدي لاضطراب العلاقات العاطفية والاجتماعية
وفي الحديث عن تأثيرات الشائعات الاجتماعية تشير د. غنى إلى أنها تؤدي لنشر الذعر والخوف في صفوف المجتمع، فهي تعمل على تفكيك الكيان الاجتماعي الثقافي وتسبب بخلل في النظام الأسري وقد تؤدي لاضطراب العلاقات العاطفية والاجتماعية نتيجة الشك والأثر النفسي السلبي الذي تخلفه الشائعة وذلك ينعكس في ضعف الشعور بالانتماء ويضعف حس المسؤولية عند أفراد المجتمع… ويتجلى ذلك بنفور وتباعد النسيج الأسري والاجتماعي وقلة الإنتاج الثقافي والاقتصادي لأن أفراد المجتمع مشغولون بتبادل الاتهامات والشائعات بدلاً من إيجاد طرق واستراتيجيات لتطور المجتمع وتحسين مستوى الحياة النفسية… والجدير ذكره أن الشائعة كانت ومازالت تستعمل في الحرب النفسية لما لها من قوة وتأثير في البنيان القيمي والثقافي والاجتماعي والأسري والنفسي… حيث يتم نشرها بطريقة ممنهجة ومدروسة لمصلحة الطرف المروج لها بهدف تشويه وإضعاف وتطبيع بقية الأطراف بالطريقة التي تخدم مصلحتهم النرجسية..
تأثيراتها الاقتصادية قوية إذا كانت محكمة
وفي السياق ذاته وعن تأثيراتها الاقتصادية يقول د. عابد فضلية- كلية الاقتصاد: أي شائعة تتعلق بالمستوى المعيشي والقوة الشرائية والدخل والملكية والثروة تكون تبعاتها قوية، فعندما يتم تداولها يسلك الناس سلوك القطيع الجماعي ويبدأ بعضهم بتقليد البعض الآخر، أما تصرفاتهم فتكون قائمة على الخوف والثروة، وهذا السلوك نراه بشكل واضح، فالشائعات حتى عندما تكون شيئاً غير مبالغ فيه فإنها تصل وكأنها حقيقية، وفي أيامنا هذه تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورها ويظهر بشدة تأثيرها في أرض الواقع وخاصة إذا كانت الشائعة محكمة ومن قبل أناس محترفين، ففي هذه الحالة لا يعود مهماً من أطلقها وما غاياته فهي انتقلت واكتسبت مصداقية عند الناس.
حتى لا تصبح مصدر قلق عند الناس
وبالنسبة لكيفية التصدي للشائعات حتى لا تصبح مصدر قلق وهاجساً عند الناس نوه د. فضلية بضرورة وجود جهات حكومية ومجتمعية وشخصيات عامة مؤثرة تلجم هذه الشائعات وتخفف من انتشارها، فالتصدي لها يؤدي إلى لجم سلوك خاطئ في السوق، وهذه الجهات موجودة ولكن للأسف ينقصها عنصر الموثوقية عند الناس.
رأي تقاسمه مع الدكتورة شعبان التي أكدت وجوب أن تكون هناك جاهزية من قبل جميع الجهات لتوضيح الحقيقة وتفنيدها بشكل واقعي وملموس، والبعد عن الاستخفاف بعقول البشر وذلك بتقديم الأدلة والبراهين، كما رأت شعبان أن على الأسرة والمجتمع تربية الأجيال على الفكر النقدي ليتمكنوا من معرفة القراءة والتحليل وكيفية التأكد من المعلومة ونقلها بطريقة صحيحة، فاليوم من المهم جداً التربية على العقل النقدي الذي يخضع كل شيء إلى المحاكمة العقلية السليمة والمقارنات لمعرفة صحة الخبر من كذبه.
الإعلام الوطني معني بتوضيح الحقيقة
وفيما يتعلق بدور الإعلام في التصدي للشائعات أوضحت شعبان أن له دوراً مهماً وخاصة الإعلام الوطني فهو معني بتوضيح حقيقة ما يجري على أرض الواقع بكل شفافية ومصداقية، وعليه تقع مسؤولية بناء الثقة مع الجمهور لمواجهة الإعلام المغرض، وهناك مواقع يجب أن نعود لها ونعرف مصادرها وعلاقاتها فأحياناً هناك مواقع تبث أخباراً وطنية وفجأة «تسلل» خبراً لتقنع الجمهور بأفكارها وبما يضمن لها تسويق شائعاتها.
لتختم حديثها بالتنبيه والتحذير من التقنيات الحديثة التي تساهم بوسائلها ومواقعها المختلفة عبر تكرار الخبر في نشر الشائعات وتعميمها، لأن هذه التقنيات ليست مصدراً معرفياً، بل تكون في معظم الأحيان وسائل مساعدة بواقع كاذب، فالكل «يحكي» من دون مسؤولية أو إشراف أو توجيه أو محاسبة.
بدوره الدكتور مازن خضور ذكر أن للإعلام دوراً مهماً في التصدي للمعلومات المغلوطة لكن في البداية عليه أولاً أن يمتلك مصداقية بالنسبة للمتابعة بحيث يصبح مصدراً موثوقاً للمعلومة ومن المهم أن يتضمن برامج مختصة تتابع أخباراً كهذه وتسعى لإظهار الحقيقة، هناك قاعدة مهمة في علم الاجتماع تقول: تعديل السلوك أصعب بكثير من اكتسابه وتالياً كلما تفاعل الإعلام بطرح مواضيع كهذه كان له دور في أن يكون مؤثراً ومؤثراً جداً في هذه المواضيع.
وللقانون دور
ختام رحلتنا في عالم الشائعات لا يكتمل إلا بوقفة مع القانون الذي شدد- كما قالت المحامية هيام وهبة- على من يطلق الشائعات، فعاقب الأعمال الدعائية والتحريض على ارتكابها بالمادة ٢٩ من المرسوم التشريعي رقم ١٧ لعام ٢٠١٢ بشأن الجريمة المعلوماتية فقد نص على العقوبة من ستة أشهر إلى ٣ سنوات ولا تقل مدة الحبس عن سنة والغرامة من مئتين وخمسين ألف ليرة، وتضاعف العقوبة وتشدد في حالات إذا كان موضوع الجريمة يمس بأمن الدولة أو السلامة العامة وإذا وقعت الجريمة على قاصر أو استغل مرتكبو هذه الجريمة عملهم الوظيفي أو ارتكبت الجريمة بوساطة عصابة منظمة، أما من ناحية قانون العقوبات فقد عاقب كل من عمل وكل من كتب خطاباً من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو العنصرية بالحبس من سنة إلى سنتين، وشددت العقوبة على كل من يعمل على نشر وقائع ملفقة أو كاذبة لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في أوراق النقد الوطنية حيث يعاقب بالاعتقال وبغرامة تصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية.
وأخيراً
الشائعة وإن اقتصر دورها على الكلمة والفكرة والمستهدف لكن أثرها عميق وخطير، ولذلك يجب على جميع أفراد المجتمع التصدي لها، فأدواتها التي تستخدمها في حروب اليوم الثقافية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، يراد منها التأثير في العقول الشابة واستبدال الثقافات والقيم بثقافات غريبة وغير مألوفة وبعيدة كل البعد عن مجتمعاتنا، وما محاولتنا اليوم إلا خطوة لتسليط الضوء على هذه الحالة غير الصحية التي باتت تعكر صفو حياتنا بطريقة ممنهجة ووفق أسس علمية ونيرانها تطول جميع مناحي الحياة ولا تستثني أحداً على الإطلاق.
تشرين