الزواج من بنت العم.. توفير أم هروب؟

الزواج من بنت العم.. توفير أم هروب؟

شعوب وعادات

الأربعاء، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٩

أمام جملة من الالتزامات المالية المفروضة قسريا على الشباب اليوم، ومنها ارتفاع تكاليف الزواج، هناك من يقول إن تكاليف الزواج من بنت العم يمكن التحكم بها لتكون أقل من المتوقع؛ إذ تشفع له صلة القرابة بتذليل كافة الأعباء المادية التي قد يتحملها إذا ما تقدم لفتاة أخرى من خارج العائلة.
إذاً هي "موروثاتنا الاجتماعية".
ويروي الكثيرون ممن خاضوا تلك التجربة أن الزواج من إحدى بنات العائلة، وخصوصا بنت العم، فيه شيء من التعاون والتعاطف من قبل العروس وأهلها؛ ما يعني بصورة أخرى التخفيف من التكاليف المبالغ بها، فيصبح الزواج منها أفضل خيار أمام الشاب، وتحديدا بعد أن تزايدت عليه وعلى الشباب أعباء الحياة بشكل عام.
زواج بلا شروط قاسية
المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات، يؤيد هذه الفكرة، في حديثه مع "فوشيا" مع توشيح الفكرة بعدة نصائح وملاحظات.
فهو يقر أن زواج الشاب من ابنة عمه قد يكون الأفضل ليتجنب فرض شروط قاسية تثقل كاهله وتعجزه فيضطر للانسحاب بهدوء، بالمقابل إن ارتبط بأخرى من خارج العائلة، فقد تواجهه العديد من الطلبات "الثقيلة" التي إن لم يكن قادرا على تحقيقها، قد يجد نفسه امتنع عن فكرة الزواج أساسا.
وبحكم العلاقات الأخوية والمجاملة الأسرية، فإن تسهيلات كثيرة يقدمها والد العروس لابن أخيه، بدءا من المهر ومرورا بتحضير مستلزمات العروس والأثاث، وصولا إلى إتمام حفل الزفاف وشهر العسل، مختصرا على زوج ابنته مصروفات باهظة هي في الواقع تؤرق تفكير أي شاب إن كان ما زال في بداية تأسيس حياته.
في معظم الحالات يكون زواج الأقارب مدفوعا بالرغبة في "السترة " وهو مبدأ اجتماعي متوارث فيه الكثير من الإيجابيات المنطقية.
وباعتقاد العمارات، هناك من الشباب من يحبون ابنة عمهم بشكل جدي، وهذا أمر مقبول. بالمقابل هناك من يرى الزواج منها الوسيلة الأسرع والأسهل بل والأوفر، بدلا من طرق أبواب فتاة من خارج أسرته قد تملي عليه شروطا قاسية تمنعه من رحلة الارتباط، في وقت أصبحت أعباء الزواج تتعدى حدود طاقات الشباب المقبلين عليه، وهو ما سبب عزوف الكثير منهم، وعدم التطرق لمجرد الحديث فيه.
ويستحضر الباحث الاجتماعي كيف أن بعض الآباء يرون أن زواج ابنتهم من ابن عمها هو الأنسب والأضمن أو هو "الأحق بها"، وسيكون هو سندها وسترها وغطاؤها مدى الحياة، خصوصا أنهم يعرفونه معرفة كبيرة ودقيقة ويعرفون تفاصيل حياته جراء قربهم وتعايشهم معا، وهو ما يسهل الترتيب للزواج وتدبير الأعباء المادية في حدود الإمكانات المتاحة، حيث يقدم كل طرف جزءا من هذه الالتزامات، فتصبح الصورة معبرة عن التعاون والتعاطف بحكم القرابة وصلة الرحم من "النسيب الجديد"، بحسب العمارات.
وبموجب خبرة العمارات فإن فكرة تسهيلات الأقارب في الزواج كانت سببا لتوجه الكثير من الشباب لطرق باب بنات العائلة، بل والتهافت عليهن، خصوصا مع ارتفاع أرقام الزواج إلى أرقام يكاد يعجز عنها الكثير من الشباب.
إذاً هي الأفضل للهروب إليها
عندما لا يعود أمام الشباب سوى المفر من محاربة "البذخ" الذي سينفقه إن ارتبط بفتاة لا تقربه، حتما سيهرب إلى الزواج من بنت العم التي ستكون الأكثر صبرا وتحملا لحالته الاجتماعية والمعيشية، والاقتناع بالتخفيف من النفقات الزائدة التي لا قيمة لها أمام احترامه لها، كما يرى العمارات.
ورغم كل المنطق في زواج الأقارب والتشجيع عليه، إلا أن الباحث الاجتماعي العمارات يسجل زيادة ملحوظة في عدد الشباب الذين يرفضون هذا المبدأ من زاوية أن زواج الأقارب ينقل بعض الأمراض الوراثية، أو من مبدأ الخشية من تأثير الخلافات بين الزوجين على الأسر، وعلى مقتضيات حفظ الترابط الأسري من أي تصدعات محتملة بين هذين الزوجين.