مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في خلق شخصية المواطن الصحفي!.. د. المصري: الضوابط وهمية والأهم تفعيل التوعية لدى الجمهور

مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في خلق شخصية المواطن الصحفي!.. د. المصري: الضوابط وهمية والأهم تفعيل التوعية لدى الجمهور

شعوب وعادات

الثلاثاء، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٩

دينا عبد
ما إن يقع حدث عام في الشارع أو الأماكن العامة، حتى يسارع الكثيرون من عامة الناس لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو وبثها مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت مساحة واسعة لتبادل الأخبار والمعلومات على اختلافها، وهو ما ساهم في خلق شخصية المواطن الصحفي.
هذا المصطلح أصبح يسود الكثير من الأخبار والأحداث التي تدور حول العالم على اختلاف توجهها، ليكون المواطن الذي يوجد في الموقع مهما كانت صفته المهنية أو الشخصية، مصدراً لنشر المعلومات، والتي يمكن أن يتم تداولها في الكثير من دول العالم، ليتسارع الكثيرون إلى تقليد صفة «المواطن الصحفي» وكل حسب موقعه واهتمامه أحياناً.
دارين- ربة منزل: ما إن تسمع خبراً عن حادث أو واقعة عربية أو محلية، حتى تبادر إلى مشاهدة صفحة أحد الأشخاص الذين تتابعهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاعتقادها أنه أول من ينقل تلك الأخبار بحرفية ومهنية عالية وأحياناً تزويدها بصور ومقاطع فيديو للحدث.
هذا الاندفاع والمتابعة لهذا الشخص -في رأي دارين- لأنه محايد باعتقادها، ويمارس دوره في نقل المعلومة فقط، من دون انتمائه لجهة معينة أو مؤسسة إعلامية، وهذا ما يكرس مفهوم «المواطن الصحفي» الذي يجد الكثيرون فيه مصدراً موثوقاً للمعلومة، وساهم في ظهور «السوشيال ميديا».
في حين يقوم هاني (طالب جامعي) بتصوير لقطات مرّ فيها كثيرون بشكل عابر خلال ذهابه وإيابه إلى جامعته، وربما يتطلب منه الأمر الوقوف لدقائق عديدة في سبيل تصوير مشهد يراه ويعده مهماً في نظره، ليصار إلى بثه عبر صفحته الخاصة، ومن ثم يقوم العديد من أصدقائه بمشاركة هذا «المنشور» وازدياد رقعة انتشاره بشكل كبير، فيتداوله الجميع ويحصل على أكبر عدد مشاهدات.
يعتقد هاني أنه يجب علينا ألا نترك المواقف والأحداث المهمة أو المؤثرة تمر مرور الكرام، بل يجب أن يكون الشخص مؤثراً في نقل الأحداث أو تسليط الضوء على بعض الأخطاء والتجاوزات في الأماكن التي يتنقل خلالها، لكون التكنولوجيا المتوفرة تساعد في ذلك، ومن شأنها أن تؤثر في تغيير أفكار الناس والوصول إلى أحداث قد لا تصل إليها الصحافة التقليدية بسرعة، وهي فرصة لتوثيق اللحظة والحدث من دون قيود.
د. عربي المصري «كلية الإعلام»- جامعة دمشق يرى أن هناك عدة أسباب ساهمت في ظهور شخصية المواطن الصحفي الذي ينقل كل ما تقع عليه «كاميرته» من أحداث ولقطات، وأبرز تلك الدوافع هو انتشار وسائل التواصل بشكل متاح للجميع، وفكرة الصحفي المواطن هي فكرة إيجابية لتفعيل دور الجمهور، فمثلما صحافة الإنترنت والعالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي على وجه التحديد خلقوا… صحافة المواطن أيضاً في التلفزيون والراديو ووسائل الإعلام الأخرى خلقت الصحافة المدنية مقابل صحافة المواطن، فالأخيرة هي تشجيع لإشراك الناس في العملية التواصلية، وعدم بقاء الجمهور كمتلقٍّ سلبي، بل كمنتج ومرسل وقادر على التفاعل مع الرسالة الإعلامية.
ضوابط هذه المهنة
بالنسبة للصحافة في الإذاعة والتلفزيون والصحف، وحتى المواقع الإلكترونية المرخصة وضعوا ضوابط بالنسبة للصحافة المدنية يكون المختص والمسؤول عن القسم هو الذي يضبط قبل النشر ويقرر إذا كانت المشاركة من قبل الجمهور قابلة للنشر أو لا، وأشار د. المصري إلى أن كل القنوات التلفزيونية والوسائل الإعلامية لديها تطبيقات لمشاركة الجمهور، فالضابط موجود وهو القائم بالاتصال، ولكن في العالم الافتراضي لا توجد ضوابط حقيقية خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وبيّن د. المصري أننا اليوم في ظل إعادة ما كان يسمى بداية القرن التاسع عشر «الميكاكرز» ومعناها الفضائحيون وهي ناحية إيجابية في الصحافة، ولكن في مواقع التواصل الاجتماعي يديره بعض الأشخاص الذين «يرنون» بالفضيحة حينما يلتقطونها أمام الرأي العام، وهو بدوره يسير فيها كالنهر الذي وضع له مجرى ويأخذ ما يتداوله الناشطون الذين نستطيع أن نطلق عليهم شبه مختصين في وسائل الإعلام.
يضيف د. المصري: من الصعب أن توضع ضوابط حقيقية في حال وجود وسيلة مرخصة، لأن الوسيلة تُحاسب في حال أي خلل في الضوابط الأخلاقية والقانونية، ولكن في حال مواقع التواصل الاجتماعي لا تبقى هناك ضوابط أكثر من الجريمة الإلكترونية والمرخص لها، وأضاف د. المصري في آخر مؤتمر تم عقده للفيسبوك، قال: الفيسبوك يحاول أن يحمي الصحفي ويضع برامج خاصة لحجب ومنع الصفحة، ولكن هذه الضوابط وهمية لا يمكن تفعيلها لأنه في العالم الافتراضي يحق لأي أحد أن يفترض ما يشاء.
وختم د. المصري حديثه بأن الضابط الأهم الذي يجب تفعيله هو توعية الجمهور بما يتلقونه عبر هذه المواقع، وتالياً سينشر من ينشر في حال كان الجمهور ذكياً، ولا ينجر وراء كل كلمة تقال، وسيكون الجمهور محقاً وهذا شيء إيجابي في تفعيل دوره في اتصال تفاعلي وحقيقي.
تشرين