مربيات الأطفال.. دور بديل عن الأم.. وعبء مالي على الأسرة

مربيات الأطفال.. دور بديل عن الأم.. وعبء مالي على الأسرة

شعوب وعادات

الجمعة، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٩

بعد أن انقضت أشهر الأمومة الخجولة بعددها مقارنة بالحاجة الكبيرة والماسة كي تكون أكثر من مجرد أشهر قليلة لا تفي بالغرض المطلوب، والمسؤوليات، والرعاية الكبيرة التي يحتاجها الطفل في بداية حياته، فإن مها لم تملك خيارات كثيرة للبقاء لمدة أطول من ذلك مع صغيرها كون الوضع المعيشي لا يسمح بذلك، لتبدأ رحلة البحث عن مربية أطفال ترعى لها طفلها خلال فترة عملها الوظيفي، كون الروضات تحمل تكاليف كبيرة ولا تسمح بالضرورة بوجود أطفال بعمر الأشهر، لتجد الخيارات الكثيرة بالعدد، والقليلة في النوع في آن معاً.
 
ربح تجاري
 
لا يخلو حي أو شارع من وجود تلك المربية التي امتهنت رعاية الأطفال في منزلها خلال فترة غياب أمهاتهم عنهم لأسباب عديدة انقسمت بين الحاجة الماسة لتحسين الوضع المعيشي، ومساعدة أزواجهن بالدخل الشهري كونهن لا يمتلكن شهادة تؤهلهن للعمل في مجالات أخرى، وبين من وجد في هذا العمل وسيلة تجارية للربح السريع الكثير بأقل رأسمال ممكن،  لنجد بعض النسوة قد اكتسبن الخبرة في رعاية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من الأشهر الأولى وحتى الخمس سنوات، ولم يكتفين بوضع طفل أو اثنين، لنجد الكثيرات جعلن من منازلهن روضات صغيرة خلال فترة النهار، ومنهن أم أحمد التي وصل عدد الأطفال الذين تضعهم تحت رعايتها إلى 25 طفلاً من كافة الأعمار بعد أن صنعت لنفسها اسماً معروفاً في رعاية الأطفال بشكل جعل الكثيرات يتجهن لوضع أطفالهن لديها، في الوقت الذي استغلت به هذا الصيت ورفعت من تسعيرة حضانة الطفل، في المقابل نجد بعض النساء اللواتي ضاقت بهم الحياة ذرعاً خلال السنوات الأخيرة ووجدوا في رعاية طفل أو طفلين منفذاً لسد الحاجات المعيشية بشكل لا يشكّل ضغطاً وعبئاً إضافياً على الحياة اليومية.
 
وسواس
 
رحلة البحث عن مربية ترعى الطفل لفترة لا تقل عن ست ساعات يومياً ليست بالأمر السهل، فالأم التي تبحث عن هذه المرأة تضع في ذهنها مواصفات كثيرة، أهمها النظافة والحنان اللذان يحتاجهما الطفل بشكل كبير، حيث تلجأ بعض النسوة اللواتي يقمن برعاية أطفال بأعداد كبيرة إلى إعطاء الطفل عند بكائه دواء يساعد على النوم لأطول وقت ممكن للتقليل من تحمّل عبئه، أو تركه يبكي لوقت طويل، أو حتى ضربه كي يهدأ، الأمر الذي يؤثر حتماً على سلوك الطفل ونفسيته، لذا نجد أن رحلة البحث هذه تستغرق أشهراً في بعض الأحيان، وفي أحيان كثيرة تلجأ أغلب الأمهات إلى الحصول على إجازة دون أجر كي تستطيع البقاء مع أطفالها في هذه المرحلة المهمة على تكوينهم النفسي والجسدي، فقد أثبتت دراسة التأثير السلبي للمربية على الطفل، خاصة في مراحل عمره الأولى، إذ إن 57% من الأطفال في الوطن العربي يقلدون المربية ويتخذونها قدوة، وأكدت الدراسة أن أغلب المشكلات النفسية التي يعانيها الأطفال في مرحلة الطفولة والمراهقة ناجمة عن تخلي الأم عن دورها، وتحميل مربية الأطفال المسؤولية كاملة، وفي السياق نفسه كشفت دراسة أخرى أن وجود المربية يؤثر سلباً على النمو اللغوي، حيث يكتسب الطفل من خلال المربيات مفردات لغوية ركيكة غير متماسكة.
 
مشاركة الأطفال
 
كثيرة هي المهام الملقاة على عاتق مربية الأطفال، حيث أكدت الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، أن جليسة الأطفال ليس بالضرورة أن تحمل شهادات جامعية في حال كانت ترعى الأطفال ضمن منزلها، ولكن يجب أن تكون ملمّة بعدة أمور أساسية في تربية الأطفال خلال فترة وجود الأطفال لديها، حيث تبدأ مرحلة الطفولة عند الأطفال من الولادة وحتى سن التاسعة، وخلال تلك الفترة يكون النمو سريعاً، ويطور الطفل إحساسه بنفسه، وبمهاراته اللغوية، والاجتماعية، والانفعالية، والجسدية، بالإضافة لمهارات حل المشكلات، لذا يجب على المربية أن تقوم بتوفير بيئة آمنة للعب، إذ إن لعب الطفل في سنوات عمره الأولى يسهم في تعزيز نموه، إضافة إلى الحرص على مشاركة الأطفال في اهتماماتهم، بأن تلعب المربية معهم عندما يطلبون منها ذلك، وأن تحرص على نظافة تلك الألعاب، خاصة في حال وجود أطفال رضع بين الأطفال الذين ترعاهم، وأن تكون الألعاب هادفة كالمكعبات، وتشكيل مجسمات متنوعة، إضافة إلى قدرة المربية على اقتراح أفكار إبداعية لتعليم ومشاركة الأطفال أفكارهم واقتراحاتهم، وهذا يحتاج لتحلّيها بالصبر، وبالشخصية اللطيفة، وحبها للأطفال بالضرورة.
 
ميس بركات