«سـن اليأس».. عقــدة نفسـية أم مرحلة.. انكفاء أم نضج وعطاء؟ نساء يرفضن التسمية: كل مرحلة عمرية لها أهميتها ورونقها

«سـن اليأس».. عقــدة نفسـية أم مرحلة.. انكفاء أم نضج وعطاء؟ نساء يرفضن التسمية: كل مرحلة عمرية لها أهميتها ورونقها

شعوب وعادات

السبت، ٢٠ يوليو ٢٠١٩

كان الإجماع واضحاً من جميع من أبدى رأيه في هذا الموضوع، سواء من السيدات أو المختصات، على رفض تسمية «سن اليأس» بهذا الاسم، وتجلت القناعة بأن هذه المرحلة من عمر أي سيدة مثلها مثل بقية مراحل حياتها، ستمر بما فيها من إيجابيات وسلبيات، صعوبات وتحديات وسهولة ويسر، وأن التأثيرات الصحية والاجتماعية والنفسية الكثيرة التي قد تصيب المرأة يمكن تجاوزها باتباع بعض النصائح والإرشادات، التي تساعدها على تجاوز أي اضطرابات يمكن أن تصيبها في هذا السن، والحرص على عدم إهمال ذلك لأن تفاقم تلك الأعراض، سواء الصحية أو النفسية، قد يؤدي إلى خطر حقيقي… ويلعب الدور الأساس في الخروج من هذا الإطار المرأة أولاً؛ بما تملكه من وعي وقوة ودور اجتماعي فاعل، ومن ثم بقية أفراد العائلة وخاصة الزوج، إضافة إلى تأثير الثقافة المجتمعية بشكل عام.
لكن تطبيق إرشادات دخول هذه المرحلة بسلام لا تأتي بهذه السهولة، رغم بساطتها، والموضوع بحاجة إلى نشر توعية مجتمعية على نطاق واسع بين النساء، توعية نفتقدها بشكل واضح في البيئات الاجتماعية التي تتسم عموماً بأنها أقل تعليماً وأكثر فقراً، وما تقوم به بعض الجمعيات والهيئات التي تهتم بالمرأة في هذا المجال من خلال تقديم التوعية والاستشارات الطبية المجانية يعدُّ محدوداً إلى حدٍ ما وبحاجة إلى تعزيز أكثر.
 
حالات ناجحة
 
«تشرين» التقت عدداً من السيدات اللواتي تحدثن عن تجاربهن الناجحة _إن صح التعبير_ في هذه المرحلة، لكون من لم توفق في الـتأقلم مع هذه المرحلة غالباً ما ترفض الحديث عنها، ومن بينهن السيدة (ب. ب) التي قالت: أولاً أنا أرفض تسميتها بـ«سن اليأس»، فلكل مرحلة من مراحل العمر متعتها ورونقها، وتستحق منَّا أن نعيشها بكامل أبعادها، ورغم أنني لم أصل إلى هذه المرحلة بعد، لكنني اقتربت منها، وأجهز نفسي لها صحياً ونفسياً، ولدي بعض المعلومات الصحية عنها، وأراقب جسدي وأنتظر بعض التغييرات… أما بالنسبة للحالة النفسية، فما يتحكم بها هو الإفرازات الهرمونية التي بطبيعة الحال تتغير ولا تنتظم، وأيضاً سأعمل على ضبطها، ولا أعتقد أن هذه المرحلة ستكون السبب في تغير نمط وترتيب حياتي، أو هكذا أتمنى.
أما السيدة (ص. ا) التي وصلت إلى هذه المرحلة بعمر الخامسة والخمسين فتقول: صحياً؛ عانيت من بعض الأعراض، أما الأعراض النفسية فكانت طفيفة، لكوني انشغلت بتخرج أولادي في الجامعات ومشاريعهم في العمل، كما أن قرب زوجي مني وتعاطيه مع الموضوع بطريقة جيدة جنبني الكثير من الحالات الانفعالية، واستطعت عبر الرياضة وتكثيف بعض الأعمال التغلب على العوارض الصحية، كما أنني استشرت البعض، ومن ضمنهم بعض صديقاتي، عن الطريقة الأفضل للتعاطي مع الموضوع، لأن التوعية العامة فيما يخص هذا الأمر قليلة. وتختم: مثلي مثل أغلبية السيدات، أكره تسمية «سن اليأس».
السيدة (ح. ع) ترى أن ما يدعونه «سن اليأس» كان بالنسبة إليها أجمل مرحلة، ويجب أن يصبح اسمها مرحلة الوعي والسعادة، وأن تعيشها السيدة برضا، وتوضح أنها دخلت هذه المرحلة بسن الخمسين، ولم تمر بأي من الأعراض الصحية التي تحدث مع البعض، ومن الناحية النفسية كانت متصالحة مع نفسها، ولم يشعر أحد من الذين حولها بما يحصل معها لأنها لم تخبر أحداً باستثناء الطبيب من أجل أخذ الاحتياطات فيما لو حصل أي أعراض.
كذلك السيدة (ت. خ) تقول إنها لم تشعر بدخولها ما يسمى« سن اليأس» إلا بسبب بعض الهبات الساخنة والقليل من التعرق، وقد كان ذلك في سن الثانية والخمسين، أما من الناحية النفسية، فتقول إنها لم تكن تملك الوقت أساساً للتفكير بالموضوع، بسبب عملها المتواصل داخل وخارج المنزل، إضافة إلى ممارستها الرياضة بشكل متواصل. وعن التسمية، فتراها غير مناسبة أبداً، لأنها توحي بنهاية العمر، وهذا غير صحيح، بل على العكس، فبحسب رأيها هي بداية لحياة جديدة، إذ إن المرأة وبعد هذا العمر تكون قد أنهت إعطاء الحياة لجيل آخر ليبدأ بها.. إنها دورة الحياة.
من جهتها، قالت السيدة (د. ش) إنها لم تشعر بتغييرات فيزيولوجية كثيرة بعد سن الخمسين، باستثناء زيادة في الوزن عزتها إلى انقطاعها عن ممارسة الرياضة، لكنها صارت تميل أكثر للنوم. وتابعت: أحب الحياة الاجتماعية، وكانت مرحلة ممتازة لتعلم كل ما فاتني تعلمه في خضم انشغالي بالدراسة وتربية الأولاد أيام الشباب، بل لم تمنعني هذه المرحلة من بدء حياة زوجية جديدة، لكوني كنت أماً عازبة، وحالياً قدمت استقالتي من عملي، وأمارس المطالعة والكتابة، وخضعت لعدة دورات في شتى أنواع المهارات والاختصاصات، فما يدعى «سن اليأس» لا يعني الركود والمرض والاستسلام، وهذا الاسم بعيد عن توصيف الحالة الحقيقية للموضوع.
ولأن الدخول في هذه المرحلة يختلف من سيدة لأخرى، فقد بدأت مع السيدة (ن. ح) بسن الـ 46، وشعرت بها عبر بعض الهبات الساخنة والقليل من الاكتئاب، لكنها –حسبما أكدت– مرت بسهولة وسلام وهي مرحلة لابدّ من المرور بها عند كل سيدة، موضحة أن ضغط العمل والاهتمام بعائلتها وخاصة أحفادها كان خير معين لها، وككل من أعطى رأيه بالموضوع، اعترضت على تسمية «سن اليأس»، لأنها رأت فيه سناً للأمل ومرحلة ككل المراحل لها صعوباتها ومنافعها، لكن لابدّ من المزيد من التوعية للسيدات بها، لأن الكثيرات يعتقدن أنها مرحلة يأس ومرض واكتئاب، ما يؤدي إلى خوف غير مسوغ منها.
 
آثار نفسية واجتماعية
 
وفي لقاء الدكتورة ضحى قصير (اختصاصية إرشاد نفسي) توضح أن «سن اليأس» علمياً يتمثل بانتهاء القدرة على الإنجاب بشكل طبيعي، وهي مرحلة تواجه جميع النساء مع التقدم في العمر بين سني (45 – 55) عاماً، ويمكن أن يحدث قبل الوصول إلى هذا العمر أو بعده، وهي مرحلة انتقالية طبيعية بيولوجية، مثلها مثل البلوغ والحمل والولادة، لكن ما لا يعرفه الكثير من السيدات أن عبارة «سن اليأس» جملة ناقصة والصحيح هو (سن اليأس من الإنجاب) فقط. وتضيف: تعد هذه المرحلة من أخطر المراحل التي تمر فيها المرأة في حياتها، لما يصاحبها من التغيرات العضوية والفسيولوجية والنفسية، وذلك نتيجة الانحدار المستمر في إنتاج هرمون الاستروجين الذي ينتج عنه ضعف في نشاط ووظيفة المبيض ما يجعل المرأة تواجه العديد من الصعوبات سواءً من الناحية الصحية أو النفسية.
وعما يصيب المرأة في هذا العمر من الناحية النفسية تقول د. قصير: تعاني المرأة من الشعور السريع بالتعب والإرهاق والإجهاد، العصبية والنرفزة واضطراب النوم، فقدان الشهية وعدم الرغبة في القيام بأي عمل حتى ولو كانت أعمالاً روتينية، إضافة إلى التوتر والقلق النفسي الذي قد يتزايد ويصل حدَّ الاكتئاب. وتتابع: تلك التغيرات والصعوبات تترك آثارها الخطيرة على حياة المرأة بكل مجالاتها النفسية والاجتماعية، وتؤثر في حياتها سواء الأسرية أو العامة، وتتمثل الآثار النفسية في الاكتئاب والقلق والتقلبات المزاجية والأرق وزيادة في الحدة والعصبية، كما أن بعض السيدات يعانين خلال هذه الفترة من زيادة الشكوك والوسوسة، ويرتفع عندهن مستوى القلق بسبب (الخرافات) التي يتكلّم عنها الناس عن «سن اليأس»، ما يولد لديها الخوف من التقدم في السن، ويكون هذا الخوف عادةً في اللاوعي أي لا تفكّر فيه المرأة ولكن تشعر به، كما ينتابها القلق بشأن التغيرات الجسدية وخوفها من خسارة أنوثتها. وتضيف: كل هذه الأمور ستؤثر حتماً في الحياة الاجتماعية للمرأة، ما يؤدي إلى حدوث تغير في نوعية الحياة بشكل عام مثل حدوث اضطرابات في العلاقات الاجتماعية، والشعور بالوحدة النفسية والعزلة الاجتماعية، وانعدام الدور، والبعد عن الأنشطة الاجتماعية والترفيهية التي كانت تفضلها قبل هذه المرحلة بحجة كبر سنها وعدم المقدرة الصحية على ممارستها.
 
إرشادات عامة
 
وعن الإرشادات التي يجب أن تتبعها المرأة عند الوصول إلى هذه المرحلة من عمرها، تشير د.ضحى إلى العديد من النقاط أهمها: التغذية السليمة التي تحتوي على فيتامينات، خصوصاً فيتامين E الذي يعمل على تنظيم الهرمونات في الجسم، وتناول الفاكهة والخضر الطازجة، ما يقلل من مظاهر هذه السن عند المرأة، وممارسة أنشطة رياضية لمحاربة الإحساس بالغضب والاكتئاب وتقليل الضغط النفسي وتنشيط الجسد، وذلك من خلال المداومة على أداء تمرينات رياضية خفيفة داخل المنزل والحرص على تخصيص وقت لممارسة رياضة المشي خارج المنزل. وأيضاً تنمية العلاقات الاجتماعية وعدم ترك النفس للعزلة والانطواء ما يساعد على التوازن النفسي ورفع الثقة بالنفس، والاستمرار في العطاء للآخرين، والاشتراك في برامج اجتماعية تساعد على الاختلاط بالناس، إضافة إلى اللجوء للطبيب أو الاختصاصي النفسي لإزالة الأسباب التي تؤدي للاضطرابات الناتجة عن هذه المرحلة من العمر، والمساعدة على تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي.
دور أفراد العائلة
أما عن دور الزوج والأولاد والأهل بشكل عام في مساعدة المرأة على تجاوز صعوبات هذه المرحلة فتقول: قد يصعب على الزوج تفهم كل هذه التقلبات التي تعيشها زوجته بسبب وصولها إلى هذه السن، والتي لا تظهر بعض الأحيان بشكل علني، لكن يجب ألا ينسى الزوج أنها بحاجة له ولدعمه وحبه وتفهمه، فالاستماع لها بصدق ومودة واحترام والرد عليها بعاطفة واهتمام يساعدها على تخطي معاناتها، كما أن الاطمئنان عليها مرات عدة في اليوم والاتصال بها، يرفع من معنوياتها ويدعمها في محنتها، فالزوج يستطيع فعل الكثير للتخفيف من معاناة زوجته خلال هذه المرحلة ، من خلال الابتعاد عن كلمات اللوم والشجار، ومساعدتها على التكلم عن مخاوفها وقلقها، وطلب المساعدة من أحد الأقارب أو الأصدقاء يخفّف من آلامها النفسية، وإذا استمرّ الشعور بالاكتئاب والقلق وبلغ درجة زادت عن حدها، عندها من المهم استشارة طبيب نفسي أو اختصاصي نفسي، وهذا الدور يشمل الأولاد أيضاً في عمر معين حين يصبحون قادرين على تفهم أبعاد هذه المرحلة.
 
دور المجتمع
 
وتختم د. قصير حديثها بالقول: مما لا شك فيه أن للثقافة السائدة في المجتمع دوراً كبيراً في بروز أو عدم بروز أعراض هذه السن، فالمجتمعات التي تمنح المرأة دوراً اجتماعياً صحيحاً ينظر إليها من خلاله على أنها شخص منتج مفكر مبدع، لا تتخوف فيها المرأة من تقلبات وتغيرات هذه المرحلة العمرية، أما المجتمعات التي يكون فيها دور المرأة ثانوياً يتمحور حول المرأة الجميلة، وأن الرجل له سيادة مطلقة، فإننا نجد المرأة فيها تخشى هذه المرحلة العمرية خوفاً من أن يستغل الرجل «سن اليأس» لتسويغ زواجه الجديد أو علاقاته غير المشروعة، مدَّعياً أن زوجته تعيش حالة من اليأس وفقدان الرغبة العاطفية، بالرغم من أن الدراسات النفسية والطبية أشارت إلى أن الرغبة العاطفية لدى المرأة لا تتأثر بتقدم العمر بالشكل الذي يمنعها عن ممارسة حياتها الزوجية مثلها مثل الرجل. وتضيف: ما يؤسفني قوله: إن قسماً كبيراً من النساء في مجتمعنا السوري ينتمي للنمط الثاني، فدور المرأة ثانوي يكاد يقتصر على الاهتمام بالمنزل وتربية الأطفال والاهتمام بجمالها ورشاقتها من أجل إرضاء الزوج، وتالياً فسن اليأس سيشكل عقدة نفسية لها، تلك العقدة يفرضها المحيطون بها، ولاسيما الزوج إذا كان غير متفهم، أما الفئة الثانية_ وإن كانت قليلة_ فهي المرأة التي يكون لديها اتجاه نحو العمل يساعدها في التغلب على كثير من الأعراض النفسية والصحية لبلوغها هذه السن فتكون هذه الحياة العصرية تعويضاً عن حالتها الماضية حيث تشعر بأنها قادرة على العطاء والإنتاج والاندماج في المجتمع كما كانت بانشغالها بعملها وتربية الأحفاد وغير ذلك.
اعتراض على التسمية
نور السبط -رئيسة لجنة المرأة في جمعية تنظيم الأسرة السورية، التي تعترض على تسمية هذه المرحلة من عمر المرأة بـ«سن اليأس» تقول: هو سن الأمل، وسن النضوج وسن الحصاد ففيه تبدأ مرحلة إنتاجية مجتمعية جديدة لدى أغلبية النساء، كما تمكن تسميته بسن الكمال والعطاء، لأنه مرحلة حصاد لمراحل سابقة في عمر المرأة، حيث ترى كل سيدة فيه نتائج تربية أولادها ونتاجها في المجتمع. مضيفة أن هذا العمر الذي تصل إليه المرأة هو حالة طبيعية، ومن سنن الكون أن تصل كل النساء إلى مرحلة تتوقف فيها عن الإنجاب، ويجب لهذه المرحلة أن تمر كغيرها من مراحل العمر إذا عرفنا كيف نتعامل معها طبياً واجتماعياً ونفسياً.
وتشير السبط إلى وجود الكثير من النساء اللواتي لا يملكن الوعي اللازم للتعامل مع أنفسهن في هذه المرحلة، فتصبحن سريعات الانفعال، وكثرة الانفعال تؤدي إلى حالة من الضجر وعدم الرغبة بالخروج من المنزل، ومن ثمَّ الوصول إلى شعور بالاكتئاب، وعلاج ذلك يكون في الأساس من خلال تكوين نظرة إيجابية تفاؤلية إلى هذه المرحلة، تخفف الحالة الاكتئابية التي لابدّ من أن تشعر بها النساء ولو بشكل بسيط، مهما بلغن من درجات العلم والثقافة والمكانة المجتمعية، والحد من تلك الحالة يكون بإشغال المرأة من خلال المشاركة بالحياة الاجتماعية العامة والخاصة، ودفعها إلى قراءة الكتب وقصص النساء الناجحات اللواتي وصلن إلى هذه المرحلة النضجية واستطعن تجاوزها، والنظر إلى القيادات النسائية في سورية والعالم، وكيف حققن في هذه المرحلة العمرية إنجازات متميزة، كل ذلك يندرج تحت إطار التوعية التي يجب أن تكون مضاعفة في الأحياء الشعبية، فهي المناطق الأكثر احتياجاً للتوعية، وللتواصل الاجتماعي المدروس، لأن أغلبية النساء في تلك المناطق ترى أن هذه المرحلة هي مرحلة مرضية، وتسعى إلى علاجها بالأدوية العشوائية والبدائل الطبية التي تؤثر سلباً في صحتها.
 
استشارات مجانية
 
وعن دور جمعية تنظيم الأسرة السورية في تقديم المساعدة للمرأة في هذه المرحلة، تشير السبط إلى أن الإشراف الطبي الذي تقدمه الجمعية يخفف من أي معاناة صحية لجميع النساء من مختلف الأعمار، ومن ثمَّ تُراعى هذه المرحلة من عمر المرأة من خلال نشر الوعي الصحي والاجتماعي بهذا الجانب، وتقديم الاستشارات الطبية المجانية في حال وجود اضطرابات، وذلك عبر عيادات الجمعية في 14 مركزاً على مساحة القطر، ويتم التركيز على الابتعاد عن الأخطاء الشائعة المتعلقة بهذه السن، وضرورة العودة إلى مرجع صحي من قبل مختصين، وتؤكد السبط وجود إقبال جيد من النساء اللواتي يترددن دائماً على عيادات الجمعية للحصول على توعية ونصائح صحية بهذا الشأن على مدار الشهر، بالاعتماد على الجهود التي تقوم بها الجمعية عبر (لجنة المرأة والرجل)، حيث تبحث بهذه المواضيع التي تُعنى بالمرأة وتقدم النشرات التوعوية بهذا الجانب.
وتختم السبط أنه من الضروري توعية الرجل والأولاد في المنزل وتعزيز دورهم الإيجابي في تقديم الدفع المعنوي الذي يشجع المرأة ويقويها في هذه المرحلة، ومن الطبيعي أن يختلف تأثيرهم فيها حسب درجة وعيها وتواصلها الاجتماعي، إضافة إلى ضرورة نشر التوعية الإنجابية بين الصبايا، والاستفادة من المرشدات الاجتماعيات الموجودات في مدارسنا في ذلك.
 
آثار صحية عدة
 
وفي لقاء الطبيبة رهام سليمان- مديرة قسم النسائية في منصة «الميد دوز» الطبية توضح أن ما يسمى «سن اليأس» يبدأ نتيجة تأرجح مستويات إنتاج المبيضين لهرمون الاستروجين، والعمر الوسطي للدخول في هذه المرحلة هو ٥١ سنة، وعن الأعراض الصحية في هذه المرحة تشير إلى أن بعض النساء لا يعانين من أي أعراض، وبعضهن يعانين من أعراض خفيفة، لكن نسبة كبيرة من النساء تعاني أعراضاً شديدة، ومن أكثر تلك الأعراض شيوعاً التي يمكن أن تحدث في هذه المرحلة الهبات الساخنة؛ أي الشعور المفاجئ بالحرارة أشدها في الجزء العلوي للجسم والوجه، قد تستمر هذه الهبات من بضع ثواني إلى بضع دقائق أو أكثر، كما يختلف تواتر حدوثها من بضع هبات في الشهر إلى بضع هبات في اليوم الواحد، إضافة إلى مشكلات النوم مثل الأرق أو الاستيقاظ في وقت مبكر، وبعض المشكلات البولية والتناسلية، والتغيرات العظمية حيث تبدأ خسارة العظم المتزايدة أول ٤-٨ سنوات من هذه السن، وهذه الخسارة المتزايدة قد ترفع من خطر تخلخل العظام الذي يزيد خطر الكسور العظمية خاصة في منطقة الورك والرسغ والعمود الفقري، إضافة إلى المشكلات القلبية الوعائية من حيث انخفاض عامل الوقاية ضد الجلطات القلبية والسكتة الدماغية، وارتفاع شحوم الدم وارتفاع الضغط الشرياني ونقص الفعالية الفيزيائية، إضافة إلى تغيرات المزاج مثل الاكتئاب، القلق وزيادة الحساسية.
وتضيف: إن هذه الأعراض قد تظهر نتيجة تبدلات فيزيولوجية في الجسم ويمكن بالعلاجات المتوافرة حالياً أن نساعد المرأة على تخطي هذه المرحلة، إضافة إلى التركيز على النظام الغذائي المتوازن والنشاط الفيزيائي للوقاية من الأمراض التي يزداد خطر حدوثها عن جميع الأفراد في هذا العمر.
 
معالجة معيضة
 
وعن الوقاية أو الحلول للتخفيف من هذه الأعراض والاضطرابات تقول د. سليمان: أول ما يخطر في البال لمعالجة أعراض تلك المرحلة هو المعالجة الهرمونية المعيضة، وهي تناول هرمون الاستروجين الخارجي الذي تجب مشاركته مع هرمون البروجسترون، وكما لهذه المعالجة فوائد لها مخاطر أيضاً، إذ تعدُّ سلاحاً ذا حدين، لذلك يوصى باستشارة الطبيب قبل البدء بتناولها للتأكد من الجرعة وطريقة الاستعمال وعدم وجود مضادات استطباب لتناولها.
ومن فوائد تلك المعالجة؛ المساعدة في تخفيف الهبات الساخنة والتعرق الليلي، تخفيف الجفاف المهبلي، والحماية من فقدان الكثافة العظمية، ومن ثمَّ تخفف خطر كسور الحوض والعمود الفقري، كما لوحظ أن المعالجة الهرمونية المشتركة (استروجين+ بروجسترون) قد تخفف من خطر حدوث سرطان الكولون… أما المخاطر فتكمن في زيادة خطر حدوث بعض السرطانات مثل سرطان باطن الرحم وسرطان الثدي، وبعض الأمراض كالتهاب الوريد الخثري العميق، وأمراض المرارة والطرق الصفراوية.
 
نصائح طبية
 
السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الكثير من النساء هو: كيف أحافظ على صحتي بعد «سن اليأس»؟ وعنه تجيب د. رهام بالقول: هناك عدة ممارسات صحية يجب على المرأة الالتزام بها للمحافظة على جسم صحي خاصة بعد هذه السن مثل: الغذاء الصحي المتوازن الحاوي على كميات كافية من الفيتامينات والمعادن، والتخفيف من النشويات والأطعمة الحاوية على الدسم غير المشبعة، مع التركيز على تناول الأطعمة الحاوية على كميات كافية من الكالسيوم والفيتامين (د) من أجل المحافظة على صحة العظام، إضافة إلى النشاط الفيزيائي اليومي مثل المشي ٣٠ دقيقة يومياً أو السباحة أو ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة للمحافظة على صحة الجسم، وأيضاً الاهتمام بالرعاية الصحية الروتينية وذلك بمراجعة الطبيب بشكل روتيني للاطمئنان على الصحة، وإجراء الاختبارات الماسحة بغرض الكشف المبكر عن الأمراض الخطيرة.2