تنتهي بالتفريق الخلافات الزوجية.. تؤججها تدخلات الأهل.. والأطفال يحصدون تداعياتها كاملة!

تنتهي بالتفريق الخلافات الزوجية.. تؤججها تدخلات الأهل.. والأطفال يحصدون تداعياتها كاملة!

شعوب وعادات

الجمعة، ٢٤ مايو ٢٠١٩

لا يوجد زواج كله عسل كما يقال، لأنه يمر بمجموعة من الخلافات التي تتراكم مهما كانت بسيطة مهددة استمرار الأسرة التي تصل في النهاية إلى مرحلة متقدمة من الخلافات المؤدية إلى قرار التفريق بين الزوجين، لتنتهي القصة تحت قبة القصر العدلي، وفي متاهات ضياع الأطفال الذين يحصدون انعكاسات هذا الحكم قضائياً، واجتماعياً، ومعيشياً.
مشاكل اجتماعية
أكد لنا العديد من الأزواج أنهم يعانون من تدخل الأهل في حياتهم، ويزداد الطين بلة عند إفشاء أسرار المنزل التي يفترض أن تبقى مصانة، وهذا ما يزيد من حدة الخلافات والمشكلات الزوجية، بالإضافة إلى تأخر الزوجين قبل أن يرزقا بالأطفال، ومع إصرار العائلتين أو المقربين في السؤال المتكرر عن ذلك فقد تنشأ الضغوطات والمشاكل بين الزوجين دون أن يراعي أحد من الفضوليين مشاعرهما، أو يقرر الزوج في بعض الأحيان الزواج على زوجته فقط لأنها لا تنجب سوى الإناث بحسب اعتقاده المخالف للعلم  الذي أكد مسؤولية الذكر عن تحديد جنس المولود، أو قد تنفق الزوجة أموال زوجها بشكل مبالغ به لإضعافه مادياً ظناً منها أن الرخاء المادي سيدفع الزوج للزواج من ثانية.
الاهتمام الكافي
قد نشعر بعدم رضى، وأن هناك شيئاً ينقصنا عند عدم تجاوب الطرف الآخر مع احتياجاتنا العاطفية كما كان في السابق، وفقاً للدكتورة منى كشيك، كلية التربية، جامعة دمشق، أو بسبب انشغال أحد الزوجين بمسؤوليات أو نشاطات أخرى، وأحياناً يأتي سوء التفاهم نتيجة لعدم التواصل، أو عدم الصراحة، وعدم فهم متطلبات الطرف الآخر، ويجب على الشريكين أن يحاولا اختيار الوقت المناسب لمناقشة الموضوع، والتعبير عن احتياجاتهما بصراحة، والإصغاء إلى مشاعر الطرف الآخر لإعادة التقارب والتفاهم بينهما.
عدم الاكتفاء الجسدي
تتأثر الحياة الزوجية بشكل سلبي في حال تراجع العلاقة الجسدية بينهما بحسب الدكتورة كشيك، حيث يسبب رفض الطرف الآخر لرغبات شريكه حالة من الإحباط، ولكن ينبغي احترام مشاعر الطرف  الآخر، وعدم ضغطه للقيام بما لا يريده، لأن ذلك سيؤثر على العلاقة بشكل سلبي على المدى الطويل، وقد لا تتوفر الرغبة لدى أحد الزوجين بسبب التوتر أو التعب أو القلق، ويجب عليه التعبير عن ذلك بأسلوب لا ينفر الطرف الآخر منه كاقتراح زمن قريب، كما يجب عدم لوم الطرف الآخر في حال عدم قدرته على تلبية احتياجات شريكه جسدياً، لأن ذلك سيجرح شعوره، ويزعزع ثقته بنفسه.
الفتور في العلاقة
مع مرور الوقت يصبح الزوجان بعيدين جداً عن بعضهما وكأنه لا يوجد شيء يجمعهما بسبب اختلاف طريقة التفكير، أو خيبة التوقعات المرجوة من الزواج، أو تراكم المشاكل الصغيرة اليومية، أو بسبب عيش كل من الزوجين في بلد، وأحياناً يحدث العكس، حيث يمضي الشريكان وقتاً مفرطاً لدرجة تؤدي إلى الملل بينهما، ونشوب الخلافات لأتفه الأسباب، وفي هذه الحالة يمكن أن يقضي أحد الشريكين بعض الوقت بعيداً عن الطرف الآخر لتتجدد المشاعر بينهما من جديد، كما أكدت الدكتورة منى كشيك أن الزوج قد يهمل مشاعر زوجته، وينشغل بنفسه، وبتحقيق رغباته، ويكف عن تقديم الهدايا لها كما كان يفعل أيام الخطوبة، ما يولّد الشعور بأن الحب قد انتهى، وأن الزواج يعني توقف الزوجين عن إبداء مشاعر الحب، أو قد تهمل الزوجة زوجها من أجل الاهتمام بأولادهما وبيتهما، وبشكل يسبب لها الضغط والإرهاق، ما يجعل الزوج يشعر بالوحدة والضيق، وأن زوجته لم تعد تحبه مثلما كانت تفعل في بداية زواجهما، وهنا يجب على الزوج تقاسم بعض الأعمال المنزلية، وتحمّل بعض المسؤوليات مع الزوجة بشكل يؤدي إلى راحتها.
الغيرة وعدم الأمان
أوضحت الدكتورة منى كشيك أنه يجب التمييز إن كانت الغيرة اعتيادية أو خارجة عن الحد الطبيعي بالاعتماد على عدة مؤشرات ، فمن أعراض الغيرة المفرطة الشعور بالغضب عند حديث الشريك مع أي شخص آخر ، وعدم السماح للطرف الآخر القيام بنشاطات لوحده ومطاردته، أو التجسس على جواله ومكالماته أو رسائله.. إن هذه السلوكيات السيئة يصعب تغييرها أو التخلص منها كونها من الطباع الملازمة للأشخاص، ويحتاج تغييرها أن يراجع الشخص نفسه، والإقرار بأن الشك والغيرة المفرطة ربما سيجعلان حياته مع الطرف الآخر جحيماً، واستبدالهما بالثقة والصراحة والتواصل الإيجابي بينهما لحل المشكلة.
مشاكل السنوات الخمس الأولى
تنجم المشكلات التي تحدث خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج عن انتقال الزوجين من أسلوب العزوبية إلى الزواج، حيث تكون المفاجأة بكمية المسؤوليات التي قد لا يعرفان الطرق الصحيحة للتعامل معها، كما أن اختلاف الطباع بين الزوجين يمنعهما من الوصول للتفاهم، وإيجاد نقاط مشتركة بينهما، كما قد تتكاثر المشكلات المالية على الزوج، أو قد لا تعرف الزوجة كيفية توفير المال لأنها لم تعتد على ذلك من قبل، ما يضعها في موقف محرج، ومساءلات من طرف الزوج، كما تختلف  طريقة التعامل مع المال من شخص لآخر، فهناك المبذر، وهناك المدبر القادر على توفير المال مهما كان دخله منخفضاً، والحل الأمثل لهذه المشكلة، وفقاً للدكتورة منى كشيك هو التزام كلا الطرفين بميزانية محددة ومتفق عليها طوال الشهر.
الخيانة الزوجية
ينطبع في مخيلتنا بصورة خاطئة أن الخيانة تعبّر عن عدم الوفاء الجسدي للشريك، إلا أن الدكتورة منى كشيك أكدت أن الخيانة تكون أيضاً على المستوى العاطفي في حالات كثيرة، حيث تؤدي الخيانة العاطفية إلى التباعد في العلاقة، وتتطور إلى خيانة جسدية، لذلك يفضّل تجنبها، وتحدث الخيانة غالباً عند انعدام الرضى الجسدي بين الزوجين، أو حينما يرغب أحد الطرفين بالانتقام من خيانة الطرف الآخر، أو تصفية حسابات سابقة، ويجب الانتباه والتعقل في حل تلك المشكلات بين الشريكين قبل أن تحدث منعكسات خطيرة بينهما قد تتجاوز مسألة الطلاق وخسارة الأطفال إلى الإيذاء.
الطلاق ليس سهلاً
في النهاية لابد من لفت نظر الجميع، وخاصة أهل الزوجين، للتحلي بروح التفاهم، والتنازل، وتبسيط المشكلات، والتدخل الإيجابي بين الشريكين المتخاصمين، والتذكر بأن الطلاق ليس حلاً، ولن يخلو من الآثار الشخصية والاجتماعية المدمرة، وبخاصة على المرأة والأطفال.
بشار محي الدين المحمد