الشرود الذهني عند الطلاب هاجس يؤرق الأهل قبل وخلال الامتحانات

الشرود الذهني عند الطلاب هاجس يؤرق الأهل قبل وخلال الامتحانات

شعوب وعادات

السبت، ١٣ أبريل ٢٠١٩

إلهام العطار:
مع بداية ما يسمى في فترة الانقطاع للتحضير لامتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، مشاعر كثيرة كالقلق والتوتر والخوف والاكتئاب وغيرها تتسلل إلى نفوس وعقول الطلاب، وهي مشكلات وفقاً للمرشدة الاجتماعية والنفسية نسرين حسن باتت اعتيادية ومتوقعة، ويمكن أن تهون أمام مشكلة قد تكون أعمق وأهم ألا وهي ما يعرف بالشرود الذهني أو كما نقول بالعامية دخول الطالب في حالة من «السرحان» أي إن جسده حاضر وعقله غائب، وهذه الحالة كما ذكرت حسن تصيب الأهل والمعلمين بالإحباط فهي كما أكدت الدراسات والأبحاث تعد من أخطر المشكلات التي يتعرض لها الطالب لأنها تتسبب في هدر وقته وطاقته وتعرضه لعواقب اجتماعية ونفسية ودراسية، فما هو الشرود الذهني، وما الأسباب التي تقف وراء حدوثه، وهل هناك مفاتيح تسهم في إيجاد حل لهذه المشكلة قبل أن تتفاقم عند الطالب وتقضي على أحلامه وطموحاته؟
تعريف ومظاهر
الشرود الذهني مشكلة يمكن أن تصيب جميع الفئات والأعمار، ولكن يعد الطلاب من أول وأكثر ضحاياها، فهي تزداد لديهم بغض النظر عن مراحلهم الدراسية، وهناك صور شتى يمكن أن تدل عليها من أهمها شرود أو سرحان عيون الطالب، تعمده العبث بالأشياء من حوله، وتشتيت انتباه زملائه في أمور لا علاقة لها بالدرس، تقصيره الدراسي ومحاولة إيجاد أعذار لتسويغ ذلك، تكرار الأخطاء والتهرب من تحمل المسؤولية، حضور المزاجية الحادة في تعامله مع المحيطين به، وبكلمات موجزة يمكننا القول: إن الشرود الذهني هو انشغال الشخص بأمور خيالية بعيدة عن الواقع تمنعه من التأمل السليم والتفكير المنطقي، في الوقت الذي يتطلب منه التركيز والانتباه.
كثافة المناهج التعليمية
وتضيف المرشدة الاجتماعية والنفسية: يشكل الشرود الذهني قلقاً للمدرسين والأهل والمجتمع، لأنه يؤخر في تحصيل الطالب العلمي ويفقده الفرصة في تحقيق أحلامه وطموحاته، ولكن هذه المشكلة لا تأتي من الفراغ، فظروف الحياة الصعبة والمشكلات الأسرية والاقتصادية والاجتماعية والشعور بالحرمان أو فقدان الأمان وبخاصة في حالة الأزمات، كلها عوامل تقف في مقدمة أسباب الشرود الذهني التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر العامل الوراثي، كثافة المناهج التعليمية، كثرة الأعداد في الصف، وجود مشكلات خارج بيئة الدراسة، مثل الاضطرابات العاطفية والنفسية أو الصحية، ومن الأسباب أيضاً شعور الطالب بالتعب إذ تزداد خلال فترة الامتحانات ساعات الدراسة وتقل أوقات الراحة والنوم ما يفقده التركيز والانتباه، تعرضه للتوتر النفسي والعصبي بسبب تخوفه من المستقبل ووقوعه في أحلام اليقظة، يضاف إلى ذلك انشغاله بالتقنيات الحديثة والإفراط فى مشاهدة المسلسلات والأفلام والألعاب الإلكترونية من دون رقيب أو حسيب، وأخيراً لابد من ذكر الغذاء وبخاصة الأطعمة المعلبة والمأكولات السريعة والمملوءة بالسكريات.
مفاتيح الحل
ورداً على سؤالها عن مفاتيح الحل أفادت حسن بأن النجاح في التخلص من تلك المشكلة يبدأ من معالجة الأسباب وإيجاد حلول تسهم في تأمين الاستقرار النفسي والصحي والاجتماعي عند الطالب، وتكون نتيجة تضافر جهود جميع الأطراف بدءاً من الطالب مروراً بالأهل وصولاً إلى المعلم، فالطالب عليه تنظيم وقته خلال فترة الدراسة والامتحانات ففي ذلك سبيل للحصول على قدر كافٍ من الراحة والنوم، وتنظيم ساعات الدراسة ضمن برنامج يخصص فيه ساعات الصباح الباكرة لدراسة المواد الصعبة والفترة المسائية لدراسة المواد العملية، كما أن عليه الحرص على ممارسة الرياضة البدنية واليوغا لأنها تنشط الدماغ وتقوي الذاكرة فتزداد لديه القدرة على التركيز والانتباه، وتتحسن حالته النفسية، تخصيص وقت للاستماع إلى الموسيقا فهي تخفف من مزاجيته ومن التوتر والقلق وتمنع التعرض للشرود الذهني، وإلى جانب ذلك لابد للطالب من تحديد أهداف واقعية تتناسب مع قدراته وإمكاناته، أما بالنسبة للأهل فعليهم أولاً تأمين الأجواء المناسبة للطالب خلال فترة الامتحانات، وإتقان لغة الحوار معه وإتقان أسلوب السؤال والجواب والنظر إليه بشكل مستمر لشد انتباهه ومساعدته على التركيز، والاهتمام بالتغذية المناسبة له والحرص على تقديم الأطعمة التي تحتوي على الحديد والزنك والأطعمة الغنية بنسبة كبيرة من الفيتامينات والبروتينات والمعادن الرئيسة المفيدة لصحة الدماغ والأعصاب، أما بالنسبة للمعلم وهو ركن أساس في مواجهة هذه المشكلة فعليه جذب انتباه الطالب من خلال التحفيز والتشجيع وخلق أجواء التفاعل التي تزيد من ثقة الطالب بنفسه وبمهاراته وتجذبه نحو المشاركة في الدرس والحضور في الصف قلباً وقالباً، ومن الأمور التي نحرص على طرحها أثناء مناقشة وضع الطلاب الذين يعانون الشرود الذهني مع المعلمين مراعاة الفروق الفردية بينهم، وبين أقرانهم داخل الصف، وعدم المقارنة بين مستوياتهم ودرجاتهم العلمية، والعمل على تقديم النصح والمشورة لهم بشكل دائم ومتكرر.
تشرين