لماذا يلجأ الأطفال إلى السرقة؟.. وكيف نُعالج المُشكلة قبل تفاقمها؟

لماذا يلجأ الأطفال إلى السرقة؟.. وكيف نُعالج المُشكلة قبل تفاقمها؟

شعوب وعادات

الخميس، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٨

تغضب الأم عند اكتشافها بأن طفلها يسرق حاجيات الآخرين، سواء من أشقائه أو أثناء الزيارات أو في المدرسة، وقد يمتد الأمر للسرقة من أحد المحلات التجارية، فتقف حينها متعجبة ومتسائلة بذات الوقت، لماذا؟ وما هو الحل؟.
لا تقلقي عزيزتي، فالاختصاصية التربوية الدكتورة أمل بورشك توضح لك الأسباب والحلول حول ذلك، إذ تقول الدكتورة أمل، إن السرقة لدى الأطفال لا تكون بمفهومها لدى الكبار، مع أنهم يعتبرون من الأسباب الكامنة لغرسها لديهم، وتعرف السرقة بمفهومها اللغوي بأنها الاستحواذ على ممتلكات الغير دون معرفة منهم.
الدوافع
ووفق بورشك، تكون السرقة مدفوعة بعدة أسباب منها الإهمال العائلي وقلة الاحترام والحرمان العاطفي والإنساني والجهل بمعنى الملكية، وتشكل دافع الانتقام بسبب الغيرة، وقد يكون السبب وفاة أحد الوالدين، وقد يلجأ إليه الأطفال للتفاخر والمباهاة وحب الاستطلاع والاستكشاف، أو لإشباع مشاعر التمرد الكامنة لدى الآباء والأمهات، لحصولهما على أشكال متعددة من السعادة اللاشعورية من سوء تصرف طفلهما، فتشبع السرقة مشاعر التمرد الكامنة لديهم، والطفل يستشعر الفرحة الكامنة لديهم فيستثار لممارسة سلوك السرقة.
وتضيف الاختصاصية بورشك "أن من بين الأسباب أيضا الدلال المفرط أو انخفاض مستوى القدرات العقلية لدى الأطفال مقارنة بالعمر الزمني لهم، ولأن الطفل بطبيعته لا يميز معنى الملكية والحدود الفاصلة لها، ولم يتطور لديه مفهوم العقاب لأخذه مقتنيات الغير، أو لإشباع حاجاته مثل الفقر والجوع، مع أن بعض الأطفال من الأغنياء قد يسرقون لأسباب نفسية مبنية على التوتر الداخلي مثل الشعور بالقهر وسوء التعبير عن الذات والخوف من عقاب الأهل والشعور بالنقص أو الحاجة للفت الانتباه".
ما هي الحلول اللازمة؟
توضح الدكتورة أمل، أن الوقوف على الدوافع النفسية وأشكال السرقة لدى الأطفال يمثل بداية العلاج الأولي لهذا السلوك، لإطفاء السلوك غير المرغوب فيه وتجاهله، وتوظيف السلوك الجيد وتشجيعه بالتعزيز الإيجابي، وخلق مواقف حية تعزز الأمانة وتحاكيها، كما يفضل الاستعانة بالمختصين إن لزم الأمر لوضع خطة علاجية زمنية مناسبة تعتمد على مراقبة السلوك المستهدف، وملاحظة مدى تكراره، والمقترن بالتوبيخ والعقوبة والمراقبة والمتابعة ومدى استجابة الطفل للسلوك التفاضلي المرغوب فيه.
ويتم إكمال العلاج الشافي بتدارس تصرف وحكمة الوالدين في مراعاة تعليم طفلهما على حدود احترام ملكية الغير مع توفير الضروريات اللازمة للطفل، والحرص على الاستئذان قبل أخذ أي شيء ليس له، وغرس القيم الدينية والأخلاقية في العائلة، وعدم حثه على التمرد والوقاحة وعمل ما يحلو له، وتبيان عواقب السرقة على الأفراد والمجتمع، وإشغال وقت فراغ الطفل بما يعود بالنفع عليه، ومتابعة أقرانه؛ لأنهم قد يكونون من المحفزين لهذا السلوك ولطيبة الطفل يمارسه لإدخال السرور لديهم والتبجح أمامهم.
ولا بد وفقا للاختصاصية بورشك التعامل مع موضوع السرقة بهدوء وروية والتعمق في إدراك السبب الحقيقي وراءه وعدم التسرع في الحكم على السارق أو توبيخه أو عقابه؛ فقد يكون سلوكه هذا صادرا عن غير إرادته، وعدم نعته بأوصاف قاهرة.
دور الأهل
تقول بروشك "قد يدفع الأهل بطريقة غير مباشر الطفل للسرقة وذلك أثناء مناقشتهم الأمور المالية وتذمرهم المستمر من قدرتهم على تلبية احتياجاتهم مما يولد لدى الطفل الرغبة في مساندة الأهل فيلجأ للسرقة، بالإضافة إلى البخل والتقشف الزائد والمحاسبة القاسية والرقابة الصارمة وكثرة الأموال المتواجدة في المنزل تدفع بالأطفال للسرقة من المنزل ودون شعور الأهل وعدم ملاحظتهم ما يحدث لتصبح السرقة عادة مقبولة ومبررة.
كما أن التباهي ومجاراة الزملاء بشراء هدايا في المناسبات والأعياد للتعبير عن مشاعرهم بالآخرين، والتهديد والوعيد والخوف من فقدان أي شيء وعدم تقبل النسيان، أمور تدفع الطفل للسرقة للتخلص من عقاب الأهل فيسرق حاجيات زملائه كعلبة ألوان أو بدلة رياضة.
ومن بين الدوافع الأخرى الدلال الزائد وتعود الطفل على الحصول على ما يريده؛ فهو لا يعي حدود الملكية والأهل يجيزون ذلك، وأيضا عدم وجود قدوة حسنة بالعائلة تتناقل القيم الحسنة فيما بينها، وتحدث الكبار عن بطولاتهم أيام الشباب بسرقة مقتنيات الآخرين وأن أحدا لم يلاحظ ذلك فيرغب الطفل في تقليد تاريخ الكبار بإيحاء غير مباشر منهم.
لذا تقول بورشك "لا بد من إيلاء المشكلة الأهمية التي تستحقها منذ البداية، وحتى لا تتطور إلى سلوك السرقة وتصبح عادة من شخصية الطفل ويلبي احتياجاته من خلالها، ولا يمكن فصل نتائج أثر البيئة المحيطة بالطفل على تمرس عادة السرقة لديه، فنحن نواجه سلوكا فرديا للطفل، ولكن بالعودة إلى ما ذكر أعلاه نجد أن الأسباب الكامنة هي مترابطة دافعة لغرس عادة السرقة ولا يجوز بأي حال من الأحوال تقبل وتبرير السرقة كسلوك لأن لها أثرا سلبيا على كل المحيطين ببيئة الطفل، بل يجب حل المشكلة من جذورها".