ظاهرة متزايدة عمليات التجميل للرجال.. استعادة للشباب وإيقاف للزمن أم تصاب وشعور بالنقص؟!

ظاهرة متزايدة عمليات التجميل للرجال.. استعادة للشباب وإيقاف للزمن أم تصاب وشعور بالنقص؟!

شعوب وعادات

الجمعة، ٧ سبتمبر ٢٠١٨

لم يكن الرجل الأربعيني الجالس على مقعد الانتظار في عيادة الطبيب المختص بعمليات التجميل ينتظر زوجته أو أخته في العيادة، بل كان ينتظر دوره بفارغ الصبر لمقابلة الطبيب، والبدء بإجراء ثاني عملية تجميل له في الوجه، والأمر الغريب أن هذا الرجل لم يكن يشكو من أي تشويه في ملامح وجهه، بل كان الهدف من عمليات التجميل هذه إرجاعه إلى زهرة شبابه في العشرينيات من عمره، ليقوم بنحت أنفه في المرة الأولى، وزراعة شعر رأسه الذي تساقط مع زيادة عدد سني عمره!.
 
الأستاذ وليد كما نادته الممرضة عندما دخل لمقابلة الطبيب ليس الرجل الأول الذي سار مع موجة عمليات التجميل مسابقاً الكثير من النساء اللواتي وجدن في هذه العمليات إحياء لروحهن التي تذبل مع تقدمهن بالعمر، لتصبح عمليات التجميل للنساء ضرورة وأمراً عادياً في مجتمعنا، حتى إن لم يكن بحاجة لها، وموضة للعديد من الرجال المتصابين الذين يحلمون بالعودة إلى عمر المراهقة، وملاحقة الفتيات، واصطيادهن بأوجه منحوتة عند أطباء التجميل.
 
الرجال أولاً
 
أكدت دراسة حديثة أن هوس تجميل الرجال والتصابي ليس ظاهرة صحية، وإنما هو مؤشر لوجود مشكلة نفسية لدى الرجل، كما أشارت الدراسة إلى تفوق الرجال على النساء في ارتياد مراكز التجميل بنسبة وصلت إلى 51% مقابل 49% للنساء في عدد من الدول العربية، أهمها السعودية، والأردن، وتبيّن الدراسة أن نسبة المقبلين على عمليات التجميل من كافة الفئات العمرية ترتفع بين الثلاثين والخمسين، وأكثرهم من حملة الشهادات العلمية العليا، وفي المقابل فإن نسبة ممن يشكون من بعض التشوهات الخلقية وآثار الحوادث والحروق لا تتجاوز 20% ليتنافس الذكور والإناث على عمليات شفط الدهون، وشد الترهلات، وشد الجفون، واستخدام السيلكون، وذكرت الدراسة أهم العمليات التي يقدم عليها الرجال، والتي تتصدرها عمليات شفط الدهون لتقليل الوزن، تتلوها مباشرة عملية شد الترهلات، أما المرتبة الثالثة في عمليات التجميل لدى الرجال فهي تصحيح الأنف وإعطاؤه شكلاً أكثر جمالاً، أما عمليات زرع الشعر فباتت تتربع على عرش العمليات التجميلية، وترتفع عاماً بعد عام، وبيّنت الدراسة أن حقيقة التفكير الذكوري تغير تجاه هذه العمليات، وبات الرجل ينفق ساعات من يومه وتفكيره فيما يرتدي من الملابس، وماذا يرتدي، وكيف يبدو، حتى بات التنافس واضحاً بين المرأة والرجل!.
 
تقليد للغرب
 
بين الرفض والقبول تباينت الآراء حول هذه الظاهرة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة، لدرجة باتت الفتيات تسألن الرجل الذي يتقدم لخطبتهن عن عمليات التجميل التي قام بها وليس العكس، في حين وجد الدكتور مجد ونوس،”اختصاصي تجميل”، أن غالبية الرجال اليوم لهم موقف إيجابي من الجراحة التجميلية، إذ بات الرجال يحبون الخضوع لعمليات التجميل أيضاً مثل النساء تماماً، فالرجال اليوم لا يحبون كتل الدهون المتراكمة على أجسامهم، كما لا يحبون الاحتفاظ بالأنف الحاد، أو الأذنين البارزتين كنوع من التقليد للمجتمعات الغربية التي يحاول مجتمعنا الشرقي التماشي معها في الكثير من الظواهر السلبية قبل الإيجابية، وتحدثت رشا شعبان، “علم اجتماع”، عن لجوء الرجال لاختراع أسباب ومبررات وحجج وهمية لتبرير قيامهم بعمليات التجميل، خاصة أن مجتمعنا لا يتقبّل هذه الظاهرة، ويعتبرها معيبة ومنتقصة من رجولة الذكور، كذلك نجد الكثير من الشباب في مرحلة المراهقة يلجؤون لمثل هذه العمليات كنوع من التقليد للمشاهير، وانعدام الثقة لديهم، كذلك الأمر بالنسبة للرجال الذين تجاوزوا عمر الـ 40 يلجؤون لهذه العمليات لأن الرجل في هذا العمر يبدأ الدخول في مرحلة الشيخوخة، وتظهر عليه علامات الكبر ومعها الخوف من أن يصبح عاجزاً عن الجذب، ما يجعله يتوجه إلى التجميل تعلّقاً بالحياة وبالقدرة على الاستمرار، وهذه الثقافة الدخيلة خاطئة  فرضتها وسائل الإعلان بهدف تسويق المستحضرات التجميلية لديها، ومن المفترض أن يكون التغيير والتجميل في شخصية وسلوك الرجل لا في مظهره الخارجي الذي تربينا على “أن الرجل لا يعيبه شيء”، وما سعي الرجال خلف هذه العمليات إلا دليل قوي على سطحيتهم وشعورهم بالنقص، ووجود خلل نفسي في شخصيتهم، وتناسى الرجال مثلما نسيت النساء الأضرار الصحية والنفسية لمثل هذه العمليات التجميلية مثلما تناسوا الآية الكريمة التي تقول: “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم”، وبالتالي لا ينبغي اللجوء لهذه العمليات إلا في حالات الضرورة.
ميس بركات