من بوابة التقنية لعبة “مريم”.. تسلل مشبوه إلى حياة الأطفال والمراهقين.. وخطف مدروس للعقول والخصوصيات

من بوابة التقنية لعبة “مريم”.. تسلل مشبوه إلى حياة الأطفال والمراهقين.. وخطف مدروس للعقول والخصوصيات

شعوب وعادات

الجمعة، ١٨ أغسطس ٢٠١٧

على نحو خطير.. يزداد يوماً بعد يوم تأثير الألعاب الالكترونية التي تحولت ببساطة لتطبيقات صغيرة الحجم، يتم تحميلها بسهولة على هواتفنا الذكية، لكن تأثيرها الفعلي، يتبيّن أنه أخطر من ذلك بكثير، فترافق مستخدمين يمثلون فئات كثيرة في المجتمع، من أطفال ومراهقين وشباب وغيرهم، وتصل إلى حد الهوس والإدمان ببعضهم، حيث يبدأ الأمر ربما بنوع من التسلية، لكنه ينتهي أخيراً إلى حالة من الهوس والإدمان، التي ترضي وتحقق أهداف مبرمجي هذه الألعاب حين يقومون بالسيطرة الكاملة على المستخدمين والتحكم بهم، بعد سرقة بياناتهم الكاملة، والمعلومات المدونة على هواتفهم، وربما يصل الأمر لتوجيههم إلى تحقيق غايات وأهداف مجهولة بواسطة هذه الألعاب.

واللافت مؤخراً هو الضجة التي أثيرت في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي عن تطبيق أو لعبة صغيرة، لا يتجاوز حجم تحميلها الـ 10 ميغا، انتشرت بسرعة على الهواتف الذكية، تحمل اللعبة اسم “مريم”، وتصنف من نمط ألعاب الرعب، فيها شخصية لفتاة تحمل اسم اللعبة، وتسأل المستخدم أسئلة مخيفة، كما تطلب منه القيام بتصرفات غريبة، وحين تثبيت اللعبة، فأنت تمنحها صلاحيات التحكم بهاتفك الذكي، فيمكن أن تتصل بأرقام مجهولة أو تستقبل مكالمات، ما يجعل المستخدم في حيرة من أمره، وحتى حين يقرر أخيراً حذفها، ومسحها من الجهاز، فهي تظهر له رسالة تتوعده فيها، وتنذره أنها ستحول حياته إلى جحيم في حال مسحها، وربما يكون الخطير جداً في الأمر، حين تقوم فئات مثل هذه الألعاب باستهواء فئات من المجتمع غير مكتملة الوعي والإدراك مثل فئات المراهقين والأطفال، فتؤثر على نفسياتهم وتثير مخاوفهم، وتجعلهم ضحايا غاياتها الخبيثة.

شدني الفضول

يتحدث عبد الرحمن، أحد مستخدمي هذه اللعبة، كيف أنه قام بتحميلها كنوع من الفضول، فظهرت له فتاة صغيرة تُدعى مريم، بدأت بطرح الأسئلة عليه، وأخبرته أنها ضائعة عن منزلها، وستسأله بعض الأسئلة للعودة، وبدأت بطرح أسئلة خاصة بها، وأسئلة عن حياته الخاصة، وأسئلة إضافية تتعلق بمحيطه، وأسئلة إضافية في السياسة وسط جو من الموسيقا والإيحاءات النفسية المرعبة، وحين طلبت منه هذه اللعبة الاستيقاظ في الساعة الثالثة فجراً شعر بالخوف الشديد، وما كان منه إلّا أن قام بحذفها على الفور، رغم توعدها له بالانتقام، بعكس أحمد الذي قال: إنه لم يجد فيها هذا التهويل الذي يتم الحديث عنه، لكنه تجنّب إبقاءها على هاتفه بعد أن لاحظ أنها تتطلب الاتصال الدائم بشبكة الانترنت، ما أثار حفيظته وشكوكه، والجدير بالذكر أن هذه اللعبة تسببت بانتحار بعض المستخدمين من الأطفال بعد أن طلبت منهم ذلك، وهي بذلك تشبه لعبة أخرى ذات انتشار عالمي أشيع عنها سابقاً، اسمها الحوت الأزرق، وهي تسبب الإدمان الشديد، وتسببت بـ 150 حالة انتحار، كما ذكرت بعض التقارير التي تخص هذه الألعاب، ويتحدث علي، البالغ من العمر 16 عاماً، وهو أحد مدمني الألعاب الالكترونية، كيف يمضي معظم وقته في متابعة مثل هذه الألعاب، وغيرها من ألعاب القتال الأخرى، ويذكر لنا أنه في بعض الأحيان يصل الليل بالنهار في حال كان يريد ختم اللعبة التي يلعبها، أو المضي قدماً في مراحلها المختلفة، وأنه كنتيجة لهذا الأمر يتغيب في أيام كثيرة عن مدرسته، ويبقى مشتتاً أثناء إعطاء الدروس!.

اقتل بسهولة

وتأكيداً لهذه الحالات، يتطابق الرأي النفسي الذي قدمه د. مهند إبراهيم، اختصاصي علم النفس والنمو، والمدرّس في كلية التربية بجامعة البعث، إذ أوضح أن الاستعمال المتزايد الذي بدأ ينتشر مؤخراً لهذه الألعاب قد يؤثر ويزيد من نسبة الانعزال وقلة التواصل مع الناس، ما يجعل الشاب متقوقعاً داخل عالمه الافتراضي، والوهم المتصل بالواقع لديه، ويصبح من السهل أن يقتل أو يحاكي ما يوجد في هذه الألعاب، وقد تتطور حاله وتصل إلى الإدمان، في حال كان هناك تقصير على المستوى الأسري والاجتماعي في متابعته، كما ستضعف مهارات التواصل الاجتماعي نتيجة قلة الاحتكاك والتفاعل المجتمعي مع الآخرين، فالآثار النفسية لإدمان الشباب على الألعاب الالكترونية تشبه الآثار التي تتركها المخدرات بهم إلى حد كبير، حيث تحدث الكثير من تقلبات المزاج الحادة، والعزلة، والغموض الزائد عن الحد، وفي النهاية التورط بمشاكل لم يحسبوا لها حساباً، وكذلك فالإدمان المرضي على ألعاب الاندرويد يسبب اضطرابات في النوم، وفشلاً على صعيد الحياة الخاصة، أو الدراسة، وكسلاً، وخمولاً، وعزلة اجتماعية لدى الشباب، إضافة إلى التوتر الاجتماعي، وفقدان المقدرة على التفكير الحر، وانحسار العزيمة والإرادة لدى الفرد، هنا من المهم دور الأهل، والإعلام، والمجتمع عموماً للقيام بتوعية مستمرة ودائمة من مخاطر هذه الألعاب أمام المد الكبير الذي تحققه، وقدرتها على خطف أجيال كاملة في المستقبل!.

محمد محمود