«حكاية في دمشق» الحب بشكل مختلف … تفاصيل حياتية عن أناس يعيشون زمن الحرب بجرعة من الحب والأمل والتفاؤل

«حكاية في دمشق» الحب بشكل مختلف … تفاصيل حياتية عن أناس يعيشون زمن الحرب بجرعة من الحب والأمل والتفاؤل

سينما

الثلاثاء، ٨ مارس ٢٠٢٢

أطلقت المؤسسة العامة للسينما العرض الخاص الأول لفيلم «حكاية في دمشق» من تأليف سماح القتال وإخراج أحمد إبراهيم أحمد في قاعة الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون بحضور رسمي وفني كبير.
 
ويصور الفيلم الذي تدور أحداثه في دمشق القديمة أثر الحرب على الإنسان السوري بعيداً عن الطرح المباشر لها وانعكاساتها على العلاقات الإنسانية وحالة التماهي بين الحب كعلاقة سامية ومدينة دمشق والذي ساعدها على الصمود والاستمرار.
 
وأدى أدوار البطولة غسان مسعود ولجين إسماعيل ورنا كرم وجيانا عنيد وغدير سليمان إلى جانب ضيوف الشرف فائق عرقسوسي وجمال العلي وغادة بشور وأمانة والي وحسن عويتي.
 
عن الحب
 
يتناول الفيلم قصة معاصرة تدور في فلك الحب بمعناه الإنساني المتعلق بظروف الحياة، ويقدّم حالات لشباب سوري يعيش في دمشق في زمن الحرب، فتظهر بائعة الأشغال اليدوية وكذلك الكوافيرة والشاب الذي يعيش بالقرب منهما والعديد من الشخصيات البسيطة المعروفة.
 
ويقدّم قصة في مدينة دمشق يرويها من خلال قصص تجمع شخوص الفيلم بمدينتهم وأمكنتها ومهنها وحواريها، هذه المدينة التي لم تكن لهم مجرد بيوت للسكن وأسواق للتبضع، بل حكايات سجلوا فيها تفاصيل حياتهم وتناقلوها عبر الزمن جيلاً بعد آخر، ويحاول أن يروي قصصاً عن الحب بشكل مختلف.
 
ومن خلال الذكريات ينسج الفيلم تفاصيل حياتية عن أناس يعيشون زمن الحرب بكثير من المعاناة وكذلك الأمل في انتظار مستقبل أفضل.
 
المكون الثقافي
 
وفي كلمته أمام الحضور، قال مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين: «سأستثمر وقوفي أمامكم لأتحدث عن أهمية استمرار عمل الإنتاج السينمائي كجزء أساسي من المكون الثقافي في بلدنا الحبيب ضمن ظروف الحرب التي عشناها وما زلنا نعيشها حتى الآن، فرغم شح الموارد ووحشية الحصار المفروض علينا وقسوة الظروف فإن إنتاج الأفلام كما العروض المسرحية، وإقامة المعارض الفنية والأمسيات الثقافية وحفلات دار الأوبرا، وطباعة الكتب، لم تنقطع يوماً».
 
وأضاف: «إن دل هذا على شيء فهو يدل على أهمية المنتج الثقافي كحاجة أساسية لكل فرد في المجتمع وخاصة في زمن الحرب، وأهمية ذلك تكمن في تأمين الأدوات الأساسية لامتلاك القدرة لدى الأفراد للمحافظة على التوازن النفسي والوجودي في المجتمع ليكونوا قادرين على مواجهة كل الضغوط التي يتعرضون لها ولكي يستطيع كل فرد أن يضبط بوصلته دائماً بالاتجاه الصحيح وليتمكن من التمييز بين ما هو مرحلي مرتبط بأحداث طارئة وبين ما هو أزلي ثابت لا يتغير، فالدمار الذي يحدثه غياب الثقافة لا يقل خطورة عن الدمار الذي تحدثه الحروب، وإذا كانت الحرب تخرّب المدن والبيوت فإن غياب الثقافة يخرّب الأرواح والنفوس، ويحوّلها إلى أوعية صماء خاوية.
 
ورأى أن الثقافة بكل مكوناتها هي التي تمنحنا الطاقة الروحية اللازمة لمواجهة الخراب، وهي التي تبعث في نفوسنا الأمل بالغد، وتحصننا في مواجهة كل أشكال الغزو التي تسعى لاستلابنا وتشويهنا فكرياً وروحياً.
 
خاتماً: «الأوطان لا تحيا إلا بأناس أحياء قادرين على تذوق كل ما هو جميل في هذا الكون».
 
مفهوم الحب
 
حول الخط العام للفيلم قال المخرج أحمد إبراهيم أحمد: «نستوحي من العنوان أن أحداثه تدور في مدينة دمشق، وتحديداً في دمشق القديمة، ومن خلال شخصية «لينا» التي لديها محل تبيع فيه أعمالاً يدوية نكتشف الحالات الإنسانية والعلاقات في المجتمع، كما تفتح الشخصية أفقاً مرتبطا بالكشف عن الغموض في الحكاية عبر أحداث متتابعة تتبدى خيوطها تباعاً».
 
وأكد أن الفيلم يحمل بين طياته جرعة من الحب والأمل والتفاؤل، إضافة إلى العلاقات الإنسانية التي تربط سكان المدينة القديمة بعضهم ببعض، ورأى أن العلاقات القائمة على الحب تُعتبر واحدة من أسباب استمرار هذه المدينة حتى الآن، فالفيلم قائم على مفهوم كلمة (حب)، ليس الحب بين شاب وفتاة، وإنما حب الأشياء والناس والمكان والمهنة والعمل».
 
وأشار إلى أن سرّ الحب الذي يقدّمه الفيلم، هو السبب الذي جعل مدينة كدمشق تستمر نابضة بالحياة خلال تاريخ حياتها.
 
وشدد على أن الفيلم اختار دمشق كرمزية تدل على الصمود باعتبارها عاصمة ومركز ثقل، فهذه المدينة عانت وبقيت صامدة مع أهلها رغم الظروف الصعبة، لكن الحكاية سورية بالنهاية بطلها الإنسان السوري الذي تلامس وجدانه ومشاعره.
 
وأبدى سعادته لتعاونه الأول مع الفنان غسان مسعود رغم الصداقة التي تجمعهما منذ 25 عاماَ، مشيراً إلى أنه كان شريكاً حقيقياً في العمل.
 
وختم بأنه عمل مع الكاتبة والفنانين على «بروفات الطاولة» التحضيرية التي كانت تسبق أي عمل فني، لذا فقد دخلوا مرحلة التصوير بكل توافق وانسجام وجاهزية كاملة.
 
أزمة نفسية
 
من خلال هذا الفيلم قدم الفنان غسان مسعود ثاني أعماله السينمائية في سورية بعد فيلم «الاعتراف» الذي قدّمه منذ ثلاث سنوات مع المخرج باسل الخطيب.
 
وقدم دور «العم وجيه»، وهو رجل عاش مراحل طويلة من حياته في مدينة دمشق ويمتلك فيها الكثير من الذكريات مع ناسها وأزقتها ومهنها وأسواقها، يتعرّض لأزمة نفسية عميقة بفقدان ابنته فصار يعاني حالة ذهنية تغيب بسببها بعض ذكرياته، لكنه يقاوم ويصر على أن يكون حاضراً في تلك الأمكنة التي تذكّره بمدينته والأشخاص والمهن التي يحبها.
 
وقال إن الظروف القاسية التي نعيشها لا تحتاج لكثير من الجهد لكي نظهر من خلالها متعبين نفسياً، لكن واجبنا أن نبحث عن أمراض الشخصية النفسية والاجتماعية لنقدمها بالأداء والسلوك.
 
وأوضح أن سورية تحوي ملايين الحكايا المشابهة.
 
باقي الشخصيات
 
وأكدت جيانا عنيد أن «لينا» فتاة حساسة ورقيقة وتربت على يد جدتها، لذلك هي شخص حقيقي يحب الأشياء الدافئة
 
بينما رأى لجين إسماعيل أن هذا الدور يختلف عن كل أدواره السابقة بما فيه من خصوصية سواء في مشاكله والظروف الصعبة المحيطة به أو علاقته بالآخرين.
 
وأشارت رنا كرم إلى أنها جسدت دوراً جديداً ومختلفاً ويشكل الخط المرح الذي لا يخلو من الطرافة ويفسر حالة الميلودراما الموجودة إلى حد ما عبر القصة الإنسانية الموجودة.