«سنوات الحب والرحيل» ينهي مشاهده في دمشق

«سنوات الحب والرحيل» ينهي مشاهده في دمشق

سينما

الأحد، ٢٢ أغسطس ٢٠٢١

سوسن صيداوي
فكر فني متميّز يطرح آفاقاً مختلفة لدراما عربية مشتركة من عدة دول: سورية، مصر، السعودية، لبنان. العمل لن يأتي مستعرضاً بل يأتي ناقداً لمرحلة زمنية استمرت لأربعمئة عام. هذا ويمنح فرصة للشباب في عمل تاريخي اجتماعي ضخم. إنه المسلسل «سنوات الحب والرحيل»، الذي كان سابقاً يحمل اسم «سفر برلك» وهو من تأليف مجموعة من الكتّاب من بينهم أجانب، ومعهم عمرو علي نجل الراحل حاتم علي. مقرر في عشرين حلقة، وإخراج الليث حجو.
 
تجدر الإشارة إلى أن العمل كان مقرراً أن يقوم بإخراجه الراحل حاتم علي، إذ كان يعدّه ويحضر له منذ عامين سابقين لوفاته، وكان سيبدأ بتصويره في مصر التي قصدها خصيصاً من كندا، قبل أن تغيّر وفاته الترتيبات المتفق عليها، وهي أن يقوم حجو بإخراج الجانب السوري فقط. ولكن الموت يأتي مفاجئاً وعلى غفلة وصادماً بحدوثه، فغيّب عنّا المخرج حاتم، ولكن تقديراً لجهوده جاء قرار شركة الإنتاج أن يقوم الليث حجو بإخراج كامل المسلسل، مع بقاء اسم الراحل حاتم علي موجوداً على شارة العمل التي أصبحت «سنوات الحب والرحيل» وبرضا منه.
 
عن المسلسل
 
ما أصبح معروفاً لدى الجميع بأن حتوتة مسلسل «سنوات الحب والرحيل» تتحدث عن حقبة تجري فيها أحداث مثيرة للاهتمام، من حيث الشخصيات التاريخية والأحداث المأساوية ال تي جرت خلالها، إذ يتناول فترة النفير العام الذي صدر بأمر سلطاني عثماني، من السلطان محمد رشاد عام 1914، عند دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول المحور، ليمتد قرار الخدمة الإلزامية بطبيعته إلى كامل المناطق التي تقع تحت سيطرة العثمانيين في تلك الفترة. ومن المتوقع أن يثير العمل جدلاً عند عرضه من الإعلام والنقاد، لأنه سيتناول بالنقد فترة حكم الدولة العثمانية للعالم العربي لأربعة قرون.
 
ولكن ومن جهة ثانية وإلى جانب مآسي الحرب والبطش العثماني، يبقى للحب مكان كبير، حيث يتخلل أحداث المسلسل الدرامية الاجتماعية مسارات مؤثرة جداً، ورغم قسوة العيش تحضر الرومانسية لتبعث بالأمل في حياة لأربعة شبان هم أبطال العمل وهم: الفنان السعودي عبد الرحمن اليماني، والسوري أنس طيارة، واللبنانيان وسام فارس وبيو شيحان.
 
بقايا أعمال لكنّها شاخت!
 
عمليات تصوير مسلسل «سنوات الحب والرحيل» بدأت فعلياً منذ شهر آذار وبداية من مصر، بإدارة المخرج الليث حجو، الذي تابع في سورية وانتهى منها بعد أن استمرت لمدة أسبوع، لينتقل على الفور إلى لبنان.
 
وفي اتصال «الوطـن» مع المخرج حجو شرح لنا مدى الضغط الكبير الذي يقع على كل كادر العمل في مواقع التصوير المختلفة والمتنوعة بين الدول العربية التي ذكرناها، مضيفاً بأنه لن يبوح بأي شيء حول المسلسل لأنه سيترك للجمهور متعة الفُرجة، وخصوصاً بأن الكل يعيش شوقاً كبيراً ليرى العمل الذي حضّر له المخرج حاتم علي لمدة عامين.
 
هذا وعمليات التصوير في العاصمة دمشق، انتهت بعد تصوير مشاهد لكل من الفنانين: عبد الهادي صباغ، وسام فارس، أنس طيارة، طلال الجردي، شادي الصفدي، ونانسي خوري.
 
وكنا سألنا في اتصالنا بالليث حجو حول ما كتبه على صفحته على الفيس بوك، والذي جاء معنونا بـ(بقايا أعمال لكنّها شاخت!)، فكان جوابه: «بأن ما كتبته كان من أعماق داخلية لي، لشيء شعرت به وصاغته كلماتي بصدق كبير، وهو ليس له علاقة بالحالة أي بالمسلسل، بل هي حالة شخصية لكلّ سوريّ». وفيما كتبه:
 
بعد العودة إلى دمشق لتصوير المشاهد المتبقية من مسلسل «سنوات الحب والرحيل»، «سفربرلك» سابقاً وبعد رحلة طويلة من التصوير في كل من مصر ولبنان والتحضيرات الإنتاجية والفنية الكبيرة التي رافقت المسلسل لصناعة مشاهد تحاكي الحقبة الزمنية للعمل، وعلى الرغم من مدة التصوير القصيرة في دمشق التي لم تتجاوز تسعة أيام إلا أنها أعادت لي الشعور بأهمية المكان كشريك حقيقي في صناعة العمل، دمشق بشوارعها وبيوتها تشكّل مواقع تصوير جاهزة ما زالت إلى يومنا هذا لا تحتاج إلى أي إضافات.
 
في رحلتنا القصيرة مررنا بمواقع تصوير أعمال عدة سابقة «أهل الغرام، الانتظار، بقعة ضوء وغيرها».
 
بالنسبة لي لم تكن علامات الشيخوخة التي ارتسمت على ملامح هذه المواقع هي المتغير الوحيد ولكن ما تغيّر أيضاً هو أسئلةُ المارة في الشوارع حيث تبدّلت من «ما بدكم بطل للمسلسل؟» أو «ما ناقصكم نجمة» لتصبح «فيني اشحن الموبايل عندكم عالمولدة»، « بدل ما تصوروا هالمسلسلات وزعولنا خبز».
 
لتثقلك علامات الدهشة على وجوه الناس عند رؤيتهم زجاجات الماء.
 
هل يعقل أن تعطش دمشق؟
 
الأحلام أيضاً تبدّلت مع الزمن.
 
هل ستنهض هذه المدينة وترفع عنها وعنَّا كل ملامح الشيخوخة والتعب، كم أتمنى.
 
كم أتمنى أن أعودَ لمواقع التصوير فأرى الناس يزينونها بأحلامهم وأن يصبحوا أبطالاً ونجوماً.
 
حبّ ورجاء أكبر
 
اعتدنا أن ينثر حاتم علي بكل أعماله حالة فيها الكثير من المشاعر الجميلة، وسيكون الأمر كذلك حتى اللحظة إلى حين عرض مسلسل «سنوات الحب والرحيل» وما بعدها، إذ لن يكون هناك أي اختلاف، والدليل على كلامنا هذا البوست الذي نشره مخرج المسلسل الليث حجو على صفحته على الفيس بوك، إذ كان له الأثر نفسه، عبر تحريضه للكثير من المشاعر التي بها حب وامتنان لأرض سورية، والتي دفعت الكثير من العاملين معه إلى إعادة نشر ما كتبه أو ليخطوا ما حصل معهم خلال تصوير مشاهد الجانب السوري في دمشق، والذي استمر لمدة أسبوع.
 
من بينهم نذكر لكم مصممة الأزياء رجاء مخلوف، التي كتبت على صفحتها على الفيس بوك قائلة:
 
كان من المفترض أن يبدأ تصوير مسلسل سنوات الحب والرحيل.. السفر برلك.. في شباط الماضي في دمشق. لكن وفاة المخرج حاتم علي الصاعقة غيّرت كل شيء. وها نحن بعد ثمانية أشهر نختم التصوير في دمشق، وللمفارقة كانت اللقطة قبل الأخيرة أمام المبنى العريق لمؤسسة مياه عين الفيجة في شارع النصر حيث افترشنا الرصيف وكدنا نصرخ زينوا المرجة والمرجة لنا.
 
كانت أزقة الشام في الأيام التسعة للتصوير مختلفة.. مكثفة.. كانت لنا.. للريح.. وللحزن.. طفلة تأتيني وترفض ارتداء الملابس الفقيرة قائلة لي: أنا مو شحادة ولا أمي شحادة.. لكأنها تبوح لي بأمر ما شديد الألم.. لكن (الليث) أعطاها وبقية الأطفال لقطة جميلة ظهروا فيها أبطالاً لمشهد شهداء ساحة المرجة.
 
الإرهاق الشديد كان مغلفاً بحزن عميق لا يبارح.. تعبنا من الهرولة في شطآن ليست لنا وشطآننا تستصرخنا لا تتركوني وحيدة.. كم أسعدني أن أكون إلى جانبك وأن تعود أيها (الليث) لتصور في الشام ولو لمدة قصيرة وبقية الأصدقاء الذين لم يصوروا في الشام منذ سنين.
 
يا شام.. أعرف أزقتك شبراً شبراً.. أرجوكِ دلينا على طريق العودة إليكِ، نتلاشى فيكِ ونرشح عبرك ماء للعطاش وأمناً وأماناً للخائفين.