مهرجان دبي السينمائي الـ13... سلّة عروض بغنائم ثمينة

مهرجان دبي السينمائي الـ13... سلّة عروض بغنائم ثمينة

سينما

السبت، ٣ ديسمبر ٢٠١٦

غنائم كثيرة وثمينة، تنوّعت بين تجاري محض ونصوص مفوّضة بالبحث عن هدايات إنسانية ومقاربة بشرها وخطاتها في الدورة الـ13 (7 ـ 14 كانون الأول 2016) لمهرجان دبي السينمائي. في مقدمتها إعلان إدارته عن فيلمي الافتتاح والختام حيث سيعرض صاحب «شكسبير عاشقاً» (1998) البريطاني جون مادن جديده «الآنسة سلون» في الليلة الأولى، وتجسد فيه الممثلة الأميركية جيسيكا تشاستن دور شابة طموحة تنغمس في خضم مؤامرات ومواجهات سياسية لما يُعرف بـ «جماعات الضغط» في محيطي «البيت الأبيض» و «الكونغرس» حيث ترهن كيانها وضميرها الى تكليف خسيس، من قبل مسؤولها اليميني، لدعم قانون اقتناء الأسلحة النارية المثير للجدل بأي ثمن.
من ناحية ثانية، تشكل الحلقة الأخيرة من سلسلة الخيال العلمي الشهيرة المنجزة بنظام الأبعاد الثلاثية «روج وان: حكاية حروب نجم» للبريطاني غارث إدوردز لاختتام الأيام الثمانية، مفاجأة وفرحة مزودجة لعشاق ما أطلقه المخرج والمنتج جورج لوكاس منذ عام 1977. يغزل الشريط (133 د) حكاية مليئة بالحركة والمؤثرات الخاصة حول مجرمة (فليسيتي جونز) يصحو ضميرها، وتنقلب الى مقاتلة متمردة، تُكلّف بتنفيذ مهمة معقّدة وعصية للاستيلاء على مخططات «نجم الموت»، ومواجهة قوات الطاغية دارث فيدر. يتساير هذا الاختيار الهوليوودي مع تضمين المهرجان الى أول فعالية خاصة بأشرطة منجزة بتقنية «الواقع الافتراضي» تعرض خلالها عشرة أفلام مختلفة المنابت والاهتمامات. الى ذلك، يوجه المهرجان ـ في بادرة تُحسب لإدارته ـ تحية خاصة الى الأخوين الفرنسيين لويس وأوغست لوميير اللذين يعود لهما الفضل في نشأة السينما عالمياً عبر اختراعهما جهاز الـ «سينماتوغراف». وتضُم المجموعة 98 فيلماً محفوظاً ومُرمماً بتقنية التصوير العالي الدقة، صُنعت في الفترة ما بين 1895 و1905. وسيقدم العرض المدير الفني لـ «مهرجان كان السينمائي» ومدير «معهد لوميير» الذي تحتضه مدينة ليون الجنوبية تيري فريمو.
تكريم
تحتفي الدورة بثلاث شخصيات عالمية وتُشرفها بجوائز «تكريم إنجازات الفنانين» تقديراً لمساهماتهم السينمائية، وهم المؤلف الموسيقي اللبناني الفرنسي غبريال يارد المساهم في أكثر من 115 فيلماً، أشهرها «المريض الإنكليزي» (1996) و «حيوات الآخرين» (2006)، والممثلة الهندية الشهيرة ريكاه المتباهية برصيدها التمثيلي الذي فاق الـ180 فيلماً، والممثل الأميركي صامويل ل. جاكسون المشهور بشخصية القاتل جولز وينفيلد في شريط كوينتن تارانتينو الهادر «بالب فيكشن» (1994). الى ذلك، عزّز المهرجان حضوره العالمي عبر إطلاقه للمرّة الأولى النسخة العربية من برنامج «نجوم الغد» الهادفة الى «توفير منصة عالمية، يعلن ويسوّق من خلالها لممثلين ومخرجين عرب واعدين» حسب بيان المهرجان، ولعل أهم رهان لإدارته حرصها الدؤوب على تقوية «سوق دبي السينمائي» الذي يُعد مركز أعمال حيويّا وصاعدا، تحوّل إلى بوابة لأسرع أسواق الأفلام والتلفزيون نموّاً في المنطقة حيث ساهم في دعم أكثر من 300 مشروع، وأطلق أخيراً مبادرته الأحدث «نادي دبي للمستثمرين» التي «تُتيح الفرص للمستثمرين من المنطقة التعرّف إلى أساسيات تمويل الأفلام مع خبراء مُعترف بهم دولياً ومختصين من جميع أنحاء العالم».
وتتوقع الإدارة مشاركة ما يربو على 3000 شخص من الإعلاميين والعاملين في صناعة السينما من 65 دولة لتبادل الخبرات ضمن 25 جلسة نقاشية وورش عمل، أبرزها الحوار المفتوح مع البريطاني أسيف كاباديا، الحائز جائزة الأوسكار عن نصّه الوثائقي «آمي» (2015) حول الحياة المضطربة والقصيرة للمطربة الشعبية الشابة آمي واينهاوس، وأيضا مع صاحب الشريطين المميزين «فرانك» (2014) و «غرفة» (2015) الإيرلندي ليني إبراهامسن.
جهز نفسك
ترفع الدورة شعاراً حماسياً هو «جهّز نفسك» لتصبح مغانمها السينمائية بمثابة تحريض على مشاهدة فريدة ومتنوعة وديناميكية، عمادها 156 فيلماً من 55 دولة، منها 57 فيلماً في عرض عالمي أو دولي أوّل، و73 فيلماً في عرض أوّل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و12 فيلماً في عرض أوّل في الشرق الأوسط، و9 أفلام في عرض خليجي أوّل. وتنطق الأفلام بأكثر من 44 لغة، حسب بيان المهرجان الرسمي. توكيداً على خصب سلة عروض دبي، نشير الى العناوين المنتقاة التالية. فمن جديد المعلّم البريطاني كين لوتش «أنا، دانيال بليك» الحائز «السعفة الذهبية» لمهرجان «كان» السينمائي (أيار الماضي) حول محنة رجل عاطل من العمل مع نظام المعونة الاجتماعية المعقد وغير المنصف، الى وصية المعلّم البولندي أندرية فايدا «أفتر إيميج» وتحاملاته على الحقبة الستالينية عبر حكاية فنان تشكيلي يدعى فلاديسلاف سترزيمينسكي الذي فقد ذراعاً وساقاً في الحرب العالمية الأولى، بيد أن إعاقته لم تمنعه من مواجهة نظام توتاليتاري صارم، مرورا بنصين مختلفين حول الإيراني الراحل عباس كياروستامي، الأول وثائقي أنجزه عنه رفيقه سيف الدين صمديان مع الفرنسية جولييت بينوش ومواطنهما جعفر بناهي، والآخر عمل قصير لمخرج «طعم الكرز» (1997) عنوانه «أعدني الى منزلي» (16 د) صوره في جنوب إيطاليا ووثّق فيه أزقة وبيوتاً ومدرجات وواجهات. هناك أيضا وثائقي الأميركي تيرنس مالك «سفر الزمن» عن نشأة الأكوان وغرائبياتها وطبائع الحياة والموت وهداياتها البشرية والإيمان وقواه الغامضة. فيما يقدم البوسني أمير كوستوريتسا كوميدياه السوداء «على درب الحليب» الجامعة في عوالم بطلها بائع الحليب المهووس بحب امرأة إيطالية صربية (مونيكا بيلوتشي) مغامرات دون كيشوت الهوائية وعذابات سيزيف الحداثي على خلفية حرب تهكمية مدججة بالمقالب والفانتازيات. بالإضافة إلى العمل الروائي الثالث للأميركي داميان شازل «أرض لا لا» الضاج بالموسيقى والرقص لعاشقين يؤديان استرجاعات سينمائية ساحرة، تستلف الحقبة الذهبية لغنائيات هوليوود. فيما يأتي الكوري الجنوبي المميز كيم كي دوك المعروف بأعماله الاستفزازية الباهرة بجديده «الشبكة»، ليفاجئ الجميع بتخليه عن حشرياته وإيروتيكياته كما تجلّت بقسوات نادرة في «بيتا» (2012) و «مينبوس» (2013)، متصيداً حكاية مسيّسة حول الجوسسة بين القطاعين العدوين لشبه الجزيرة الآسيوية، بطلها صياد سمك من الشمال، يعلق إثر دخوله بالخطأ الى المياه الإقليمية للجنوب ليخضع الى تهمة تخترق كيانه وتطامنه وأمانه. بعد مشاركته في دورة عام 2012 وعمله «حياة باي» يعود الصيني (من تايوان) أنغ لي الى المهرجان مع «الشوط الأول من جولة بيلي لين الطويلة» (112 د) المصوّر بتقنية مستحدثة وثورية عن شاب أميركي شارك في الحرب على العراق ضمن قوات «المارينز» ونجا منها بأعجوبة، يواجه استحقاقات بطولة جديدة ولكن على أرض مباراة رياضية شعبية تضمن عزّته العسكرية! ولا بد من الإشارة الى تحفة الفرنسي فرانسوا أوزون «فرانتز» العائلية ومصائب أسرار رجل راحل، يحمل الشريط اسمه، تتكشف أمام أشخاص عاشروه، فتهتزّ ضمائرهم.