الحب غير المشروط بين الأزواج حقيقة أم خيال؟

الحب غير المشروط بين الأزواج حقيقة أم خيال؟

آدم وحواء

الاثنين، ١٣ مارس ٢٠٢٣

عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الأزواج، قد يعني الحب غير المشروط تلك العاطفة الرحيمة والمتقدة، التي تحارب التحديات في الشخصية، أو المظهر، أو الظروف، فقط لأنك فتنت بالشريك دون سبب. وسواء كان يلبي مطالبك أم لا، سيكون لديك استعداد للاستمرار في منحه الحب دون توقعات في المقابل. لكن، هل هذا الحب بعيد المنال، كما يبدو في قصص الخيال والروايات، والأفلام السينمائية؟ وما سماته؟ وهل يكفي مجرد الحب غير المشروط لاستمرار العلاقة، أم أن هناك أموراً مهمة ومطلوبة؟.. «زهرة الخليج» وضعت الأمر برمَّته على طاولة النقاش، واستطلعت بعض زواياه وملامحه.
 
سعادة.. وأمان
 
«يمكنك الاعتماد فقط على شخص يحبك.. دون قيد أو شرط»، هكذا وصفت (ربا. س ـ موظفة) علاقتها مع زوجها، التي استمرت لأكثر من عقدين، مضيفة: «فهو يعتني بي، ويحميني». وتوضح: «قابلت زوجي وانبهرت بشخصيته، رغم اكتشافي أن هناك الكثير من عدم التوافق الشخصي في ما بيننا، وأيضاً في ما يخص ظروفنا، ولم يكن هذا ليقف عائقاً بيننا في الارتباط بقصة حب كبيرة، توجناها بالزواج، والعشرة الطويلة». وتؤكد: «قَبِلَني على ما أنا عليه.. وقبلته»، ثم تضيف: «ما جمعنا هو الحب غير المشروط، وهو شعور غير أناني يضمن لك وجود شريك من أجلك في كل الأحوال، تستطيع الوثوق به، فزوجي حتى إن لم يكن راضياً عن سلوك أو صفة فيَّ، لكنه يسمح لي بأن تكون لي طريقتي الخاصة في فعل ما أرغب فيه، دون أن ينقص حبه شيئاً».
 
 
ويؤكد (إبراهيم.ن ـ مهندس مدني): «رغم مرور عشرة أعوام على زواجنا، فمجرد وجود زوجتي معي يشعرني بالسعادة والأمان، لقد تقبلتني في أحلك الساعات، وأوقات الاختبار والمواقف المقلقة، حتى عندما ارتكبت أخطاء فادحة، أو حينما تدفعني هي، أحياناً، إلى الجنون بسبب تصرفات لا تعجبني، نستمر في حبنا، دون طرح أي أسئلة، وهي لا تحاول أن تغيرني، ولا تطلب مني التغيير». ويضيف: «من خلال تجربتي، أستطيع القول بأن الحب غير المشروط ثابت؛ لأنه يعني القبول والاحترام الكامل للشريك، دون انتقاده أو الحكم عليه».
 
قيود.. وحرية
 
من وجهة نظر متخصصة، وفي تعريفها الحب غير المقيد وإمكانيته، تقول الدكتورة يسرا طه، أخصائية الطب النفسي، إن الحب غير المشروط علاقة يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، لكن لن تكون بكمال العاطفة التي تكون عند الأم تجاه أطفالها، مثلاً؛ «إذ إن هذا النوع من الحب عاطفة متغيرة، تزيد وتنقص حسب تقلبات الحياة، لكن من المهم في علاقة الأزواج العاطفية وضع حدود صحية في الحب غير المشروط؛ حتى لا ينتهي الأمر بتضحية أحد الشريكين في هذه العلاقة. الحدود لا تعني التخلي عن الحبيب عندما يعاني ظروفاً معينة لم تكن في بداية العلاقة، لكن يجب أن تكون هناك حدود صحية في العلاقة، لا تسيء إلى الطرفين».
 
وتستطرد في الحديث، قائلة: «حتى لو لم يكن شريكك مناسباً لك، بالإمكان تحقيق هذا الحب؛ إذا اخترت المضي قدماً في المسامحة والمحبة، فأنت لا تعتمد على ما يُقَدَّم لك في المقابل. أنت ببساطة تحبه، ولا تريد أكثر من سعادته»، مؤكدة أن هناك عناصر أخرى، مثل: الثقة، والاحترام، والإخلاص، لها القدر نفسه من الأهمية، لكن عندما تحب شخصاً ما بما يتجاوز التوقعات ودون شروط، فإن العناصر الأخرى ستجد مكانها أيضاً في تلك العلاقة.
 
وعن الفرق بينه وبين الحب المشروط، تقول الدكتورة يسرا: «عندما تنشأ علاقة حب بين زوجين، فإن معظمنا لديه احتياجات لا تتم تلبيتها، تجبرنا على تقديم مطالب معينة للآخرين، وبعض الناس يعطون حبهم للآخرين فقط عندما يتم استيفاء هذه الشروط، ويسحبونهم عندما لا تتم تلبيتها أو يتم الإخلال بها. وتختم الدكتورة يسرا بالقول: «إنهم يختارون بعناية من يحبونه، وبما يتوافق مع قناعاتهم وتوقعاتهم، إنها محبة فقط عندما يستوفون شروطاً معينة وضعوها لهم، ويحجبونها أو يتراجعون عنها؛ عندما لا تتحقق شروطهم».
 
من وجهة نظر أخرى، يجد مدرب التنمية البشرية، نايف البشايرة، أن أساس الحب غير المشروط هو تبادل المشاعر بطبيعتها دون قيود؛ لذلك هو طبيعي وممكن بين الأزواج. ويضيف: «الحب - في أبسط صوره - هو علاقة ناضجة مبنية على التقبل والرضا والاحترام، مع الحفاظ على مساحتك الخاصة لحماية نفسك، والاحترام والتقبل هنا لا يعنيان أن تتحمل سلوك الآخر مهما فعل، والتغاضي عن الإساءة».
 
ويواصل: «كما أن الحب الناضج يجب أن يكون خالياً من التوقعات والأنانية، وليس مرتبطاً برغبات وشروط وإطلاق الأحكام، وغير قائم على حاجات فكرية ونفسية أو جسدية تجاه الآخر، وليس مرتبطاً بانتظار مقابل نظير ما تقدمه من مشاعر».
 
أما عن كيفية وصول الأزواج إلى هذه النقطة، وكيف ينعكس ذلك على العلاقة الزوجية، فيجيب البشايرة: «يكون من خلال فهم الطرفين لمفهوم الحب الحقيقي، وأن الحب سلوك وليس فقط شعوراً، وعدم الخلط بين الحب وبين الحقوق والواجبات، إضافة إلى لغة حوار مفتوحة بين الطرفين، مبنية على الاحترام، لممارسة تواصل صريح يهدف إلى تلبية الاحتياجات، بعيداً عن وضعية الدفاع والتبرير».
 
منبهاً إلى ضرورة أن يبدأ كل طرف بذاته، من خلال مسامحة نفسه وتقبلها كما هي، بكل ما فيها، واحتواء عيوبه، ويشرح: «فتقبل الأخطاء والقصور مرتبط بالعمل - في ما بعد - على إصلاحها، وإدارة حوار لمناقشة هذا الجانب مع الشريك؛ ليدعم أحدهما الآخر في رحلة تقبل الذات وتقويمها، وتقبل الشريك كما هو، فهي اختيارات تدعم تبادل الحب الحقيقي.. غير المشروط».
 
ويختم بالقول: «وهنا تظهر علاقة أسرية صحية آمنة باتجاه النمو والاستمرار، ما ينعكس على الأبناء؛ لتظهر أسرة خالية من الأمراض والعقد النفسية؛ فيعود ذلك على المجتمع إيجاباً».
 
رفاهية  عاطفية
 
تشير نتائج بعض الدراسات إلى أن «الحب غير المشروط ينشّط بعض المناطق نفسها من نظام المكافأة في الدماغ التي ينشطها الحب الرومانسي، وقد تنتج عن الفعل البسيط المتمثل في حب شخص ما دون قيد أو شرط مشاعر إيجابية، كما يمكن أن يؤدي تلقي الحب غير المشروط إلى إحداث فرق في الرفاهية العاطفية».
 
غير المشروط  قالوا عن الحب
 
غالباً، يتطلع الكثير من الناس إلى المشاهير؛ لمعرفة كيفية تفكيرهم حول علاقاتهم العاطفية.. إليكم اقتباسات عنهم حول تجاربهم مع الحب غير المشروط:
 
«تعرف أنك تحبه بلا شروط؛ عندما يكون كل ما تريده هو أن يصبح هذا الشخص سعيداً، حتى لو لم تكن جزءاً من سعادته».
 
جوليا روبرتس
 
«إن الحب لا يعتمد على الأشياء المادية أو النجاح. يريد الكثيرون من الناس الركوب معك في سيارة (ليموزين)، لكنك تريد شخصاً يساعدك في ركوب الحافلة».
 
أوبرا وينفري
 
«إن الحب هو العطاء، ولا علاقة له بما تتوقع الحصول عليه، فقط بما تتوقع أن تقدمه».
 
كاثرين هيبورن
 
«أن تكون شجاعاً، هو أن تحب شخصاً ما دون قيد أو شرط، دون توقع أي شيء في المقابل».
 
مادونا
 
«الحب الذي تحصل عليه، يساوي الحب الذي تصنعه».
 
جون لينون
 
«الحب غير المشروط يشعرني بأنني لا أقهر، فهناك شخص خلفك في أيامك الجيدة، وأمامك كذلك في أيامك السيئة».
 
إميلي بلانت
 
«أعتقد أن الخطأ، في الكثير من علاقات الحب المقيدة، يكمن في عدم قدرتك على أن تكون على طبيعتك».