زواج «الويكند».. باب موارب للخيانة الزوجية أحياناً

زواج «الويكند».. باب موارب للخيانة الزوجية أحياناً

آدم وحواء

السبت، ١٧ ديسمبر ٢٠٢٢

ما بين رغبة الهروب من روتين الحياة الزوجية والخوف من ملاحقة الشريك السابق وتكرار تجربة زواج فاشلة أو الحفاظ على نوع من الحرية ، برز زواج «الويكند» حيث يعيش الزوجان الحياة الطبيعية باللقاء يوم أو يومين في نهاية الأسبوع دون التقييد بتأسيس منزل أو الالتزام بتقاليد الزواج الأخرى ليكون المهرب لكل الحالات التي ذكرت وغيرها الكثير من الحالات التي لا تجد في الزواج الطبيعي الراحة والاستقرار.
«كل الأسرة» سألت المختصين في الشؤون الأسرية والزوجية وعلم الاجتماع والشريعة الإسلامية والقانون لمعرفة الهدف الرئيسي من هذا الزواج؟ ومدى شرعيته؟ والظروف التي تستدعي اللجوء إليه؟
من واقع معايشته لحالات مختلفة يروي المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، قصة رجل متزوج لديه أبناء يزاول أعمالاً حرة وجد فرصة للزواج من امرأة أجبرتها ظروفها القاهرة في العزوف عن الزواج بسبب خوفها ورغبتها بالاعتناء بإخواتها بعد وفاة والدها، فاتفقا على الزواج وتجهيز مكان يلتقيان به نهاية كل أسبوع مراعاةً لظروفها ومشاعر زوجته وأبنائه.
على الرغم من رفض المجتمع سلبيات هذا النوع من الزواج إلا أنه بالنسبة للبعض أفضل طريقة لتحقيق التوازن والتفاهم كالقضية التي كشف عنها الشريف عندما أقدم رجل خليجي على الزواج من سيدة عربية مطلقة لديها أبناء اتفقا على أن تكون عشرتهما أيام العطلات الأسبوعية والموسمية، حيث تعيش الزوجة مع أبنائها من زواجها الأول طوال أيام الأسبوع وتلتقي بهذا الزوج في منزل أعد لهذا الغرض في نهاية الأسبوع بينما يذهب الأبناء مع أبيهم، جاء هذا الحل بطلب من الزوجة خوفاً من تبعات الزواج التي يمكن أن تتسبب بحرمانها من أبنائها وتغيير حياة الزوج مع زوجته الأولى وأبنائه.
إذاً ما هي الدوافع التي تجبر الرجل أو المرأة على اللجوء لهذا النوع من الزواج؟
تؤكد أستاذ قسم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية- جامعة الشارقة «إسعاف حمد» ليس غريباً أن تكثر في هذا العصر الموضات والصرعات، لكن الغريب حقاً أن يصبح الزواج إحداها، فقد برز زواج (الويك اند) كإحدى الموضات التي لاقت مؤخراً رواجاً في بعض المجتمعات العربية، بعد أن طرح فكرته المحامي المصري (أحمد مهران) بدافع القضاء على الطلاق، والحد من انتشاره، وارتفاع سن الزواج، وضرورة تغيير ثقافة المجتمع لتسهيل الزواج والحد من المشاكل الزوجية»، تشير د. إسعاف لدوافعه «تختلف من شخص لآخر، فقد يكون الهروب من الملل والروتين والمشاكل الزوجية، وعدم الرغبة بتحمل المسؤولية، وتلبية الرغبات بشكل (شرعي) وسهولة شروطه وقلة نفقاته، من بين أهم الأسباب التي تدفع الرجل للإقدام على هذا الزواج، بينما يكون الهرب من شبح العنوسة لدى من لم يتزوجن سابقاً، والخوف من تكرار تجربة زواج فاشلة هو السبب لدى المطلقات اللواتي يوافقن على هذا الزواج، وربما يكون الشعور بالوحدة والحاجة إلى شريك حياة يقدم الدعم المعنوي والمادي هو السبب لدى المطلقات أو الأرامل، أو عدم الرغبة في إزعاج الأبناء من الزوج السابق بوجود رجل آخر في المنزل وراء دوافع المرأة للقبول به، وقد تكون الرغبة بالحرية وعدم الالتزام بالتواجد مع زوج أو زوجة كل يوم من أسباب تفضيل هذا الزواج لدى الجنسين».
تعقب «وعلى الرغم من عدم تحريمه أو تجريمه شرعاً بحسب فتوى عدد من رجال الدين إلا أنه يمكن أن يلقي بظلاله على المجتمع ويؤثر سلباً في معنى تماسك واستقرار الأسرة التي حرص عليها ديننا الحنيف، كما تحرص عليها وترعاها قوانين الدول العربية. إضافة إلى أنه يفتقر للقاعدة الأساسية المتعارف عليها في الزواج وهي تواجد الزوجين بشكل دائم في منزل الزوجية وليس التقيد بزمن معين أو محدد».
الإشهار والعدل والحب، الاحترام والحفاظ على حقوق الزوجة وصيانتها أهم ما يجب أن يتوفر في مؤسسة الزواج
ضوابط رادعة
تكشف أخصائية العلاقات الزوجية والأسرية تهاني التري، التأثير السلبي للانفتاح في المجتمعات والثقافات المختلفة «أثر الانفتاح الذي نشهده على جميع تفاصيل حياتنا والذي في جوانب مختلفة منه لا يمكننا استيعابه ومواكبته كزواج الويك اند، فما جاءت به الشريعة الإسلامية والقرآن الكريم من ضوابط رادعة وحدود لا يمنح هذا الزواج القبول»، تبين «تعامل البعض مع الزواج بمفاهيم جديدة بعيدة عن المفهوم الحقيقي له كنوع من التسلية والرفاهية أو تلبيةً لاحتياجات الشخص الاضطرارية كغياب الزوجة عن المنزل لبضعة أيام لا يمنح الزوج المبرر لاتخاذ زوجة بديلة». كما أجاز الدين الإسلامي للزوج الزواج من أربع وضع الكثير من الضوابط والاشتراطات حفاظاً على تماسك الأسرة وصيانة كرامة المرأة، توضح تهاني «الإشهار والعدل والحب، الاحترام والحفاظ على حقوق الزوجة وصيانتها أهم ما يجب أن يتوفر في مؤسسة الزواج لضمان استمراره دون خوف أو شبهات وما نشهده اليوم من زيجات تبدأ في نهاية الأسبوع وتنتهي مع بداية الأسبوع الذي يتبعه ما هي إلا ظواهر وممارسات غريبة تهدد كيان الأسرة وديمومتها وتهين كيان المرأة عندما تتعامل معها على أنها تباع وتشترى في أي وقت لإرضاء غرائز ونزوات الرجل».
اجتماع الشروط
يوضح المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف «الزواج رباط مقدس يجب أن تتوافر شروط معينة لصحته، وبتوافر تلك الشروط يقوم بغض النظر عن المسميات التي ابتدعها الناس أو حتى بعض الفقهاء كالزواج الشرعي والزواج العرفي، وزواج المتعة والمسيار وغيرها».
يشرح «الزواج الشرعي هو المسمى الوحيد للزواج الذي تتوافر فيه شروط اشترطها الشرع والقانون لتنظيم العلاقة بين الزوجين من الحل والكفاءة وولي الزوجة وفي صيغة العقد والإشهار والمهر وعدم اشتراط مدة، فأيما عقد توافرت فيه هذه الشروط كان زواجاً شرعياً لا تكون فيه أي حرمة، وأي تخلف في تلك الشروط يسقط شرعيته وقانونيته، وزواج «الويك اند» زواج شرعي صحيح طالما اجتمعت فيه الشروط ولم يخالف الشروط المعتبرة بغض النظر عن مسمى الزواج وما مسألة تفاصيل الحياة الزوجية من تحديد أيام اللقاء إلا هي أمر يترك للزوجين بحسب ظروف كل منهما ومواقفتهما».
في هذا السياق، يوضح د. يوسف «السعادة الزوجية لا ترتبط بمدة المعيشة بين الزوجين بقدر ما تقوم على التفاهم والمحبة وحسن العشرة، وربما كان في زواج (الويك اند) وتنظيم وقت العشرة لهفة وشوق وحنين بين الزوجين تكون دافعاً لحياة زوجية مثالية وطول العشرة والنجاح، فكم من زيجات اتفق فيها الزوجان على أن تقتصر معيشتهما معاً على أوقات أو أيام أو مواعيد محددة وكُتب لها النجاح والاستمرار لما يتحقق فيها من هدوء وحب بين الزوجين، مقارنة بزيجات يعيش فيها الزوجان عشرة دائمة بالشكل المتعارف عليه وبالرغم من ذلك تكثر الخلافات وتنتهي بالطلاق، وفي جميع الأحوال يبقى الزواج كياناً أسرياً محكوماً بتوافق الطرفين في تحمل مسؤولية قرار ونتائج قبول حياة معينة بشكل مختلف عن المعتاد، وكلما توافرت تلك الظروف مع حكمة الزوج وحرصه على توفير حياة لا تشعر معها الزوجة بغيبة أو نقص كانت السعادة من نصيب الزوجين وكان هذا الزواج صحياً ومفيداً للطرفين، وكان الاستقرار والصلاح من نصيب المجتمع في النهاية».
الحكم الشرعي للزواج
يشير أستاذ الفقه وأصول الدين الدكتور إسماعيل كاظم العيساوي إلى «أن الإسلام دعا للزواج وذكر أسس وضوابط العلاقة الزوجية «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون»، إلا أن فيما يسمى بزواج «الويكند» الذي لا تنطبق عليه جميع الضوابط فمن الممكن أن تكون بعض أسبابه مقبولة كأن يكون طرفا العلاقة أو الزوجة منفصلة ولها أطفال تخشى فقدان حضانتهم إلا أن جميع هذه الذرائع والحجج ليست سليمة أمام ما جاء به الإسلام».
يكشف «يجب أن يعي من يفكر في هذا النوع من الزواج أن الهدف من الزواج في الإسلام لا يتوقف عند إشباع الغريزة ففي استيفاء أركانه الأساسية (القبول والإيجاب ووجود الشهود والولي) ما يحفظ الأسرة من الانحلال والضياع «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء»، كما أن تكون المرأة مع الرجل في مكان ما وتوقيت ما بأن تكون الزوجة مع الرجل في الإجازة وفي الأيام الأخرى في مكان آخر، يجلب الشبهات التي تميل لحرمة هذا النوع من الزيجات، لذلك فالحكم الشرعي للزواج الذي تكون فيه الزوجة موجودة أو غير موجودة أو لقضاء فترة معينة أو لغيره لا يجوز فمن شروط الزواج في الإسلام أن يبنى على المودة والرحمة والسكن».