ما حكاية مشروع كابل الإنترنت البحري الصيني الذي يمر عبر الشرق الأوسط ويثير غضب أمريكا؟

ما حكاية مشروع كابل الإنترنت البحري الصيني الذي يمر عبر الشرق الأوسط ويثير غضب أمريكا؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٨ أبريل ٢٠٢٣

يبدو أن الحرب التكنولوجية بين الصين وأمريكا ستهدد البنية العالمية للإنترنت، بعد أن كشفت تقارير ‏حديثة أن بكين تخطط لإنشاء كابل بحري بقيمة 500 مليون دولار أمريكي.‏
وتخطط شركات الاتصالات الصينية المملوكة للدولة، لإنشاء شبكة واسعة من كابلات الإنترنت عبر الألياف الضوئية، تحت سطح البحر، بغرض ربط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
كابل “EMA”
الكابل الذي يحمل اسم “EMA” (اختصارا لأوروبا والشرق الأوسط وآسيا بالإنجليزية)، سيكلف قرابة 500 مليون دولار لإكماله وتصنيعه، ووضعه من قبل شركة “إتش إم إن” الصينية المحدودة، وهي شركة كابلات سريعة النمو، والتي كانت شركتها السابقة مملوكة بالأغلبية لشركة “هواوي” الصينية الرائدة في مجال الاتصالات.
ومن المتوقع أن تمتلك أكبر 3 شركات اتصالات في الصين هي “تشاينا تيليكوم” و”تشاينا موبايل ليميتد” و”تشاينا يونايتد نيتوورك” أكثر من نصف الشبكة الجديدة للكابل البحري الجديد، وفقا لموقع “CircleID”.
 
الدول المستفيدة
سيربط كابل “EMA” هونغ كونغ بمقاطعة جزيرة هاينان الصينية، قبل أن يشق طريقه إلى سنغافورة، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وفرنسا.
ووقعت شركات النقل الصينية مذكرات تفاهم منفصلة مع 4 شركات اتصالات، هي شركة “أورانج” الفرنسية، وشركة الاتصالات الباكستانية المحدودة “PTCL”، وشركة المصرية للاتصالات، وشركة “زين” السعودية ، وهي وحدة تابعة لشركة الاتصالات المتنقلة الكويتية “K.S.C.P”، فضلا عن أنه تم إجراء محادثات مع شركة سنغافورة للاتصالات المحدودة “سينغتل”.
 
سر غضب أمريكا
إن الكابلات التي تبنيها أمريكا والصين بالتوازي بين آسيا وأوروبا غير مسبوقة، وهي مؤشر على أن البنية التحتية العالمية للإنترنت، من الممكن أن تشهد انقساما خلال السنوات العشر المقبلة، وإذا كان على البيانات أن تتبع الطرق التي تمت الموافقة عليها في واشنطن وبكين، فسيصبح من السهل على البلدين التلاعب والتجسس على تلك البيانات، وسيعاني مستخدمو الإنترنت من تدهور الخدمة، كما أنه سيصعّب من التفاعل بين الناس حول أنحاء العالم، وإتمام الأعمال بينهم.
وسينافس كابل “EMA” مشروع كابلات آخر، تقوم شركة “سابكوم” الأمريكية بتنفيذه في الوقت الحالي، وسيربط أيضا سنغافورة بفرنسا، عبر باكستان والسعودية ومصر و6 دول أخرى.
ويحمل الكابل الأمريكي الجديد اسم “سي مي وي-6″، وهو اختصار لـ”جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وغرب أوروبا-6″، والذي سينقل البيانات من آسيا إلى أوروبا، عبر أفريقيا والشرق الأوسط، بسرعات فائقة السرعة تزيد عن 12 ألف ميل من الألياف، الممتدة على طول قاع البحر.
وعلى مدى الأربع سنوات الماضية، نجحت الحكومة الأمريكية في إحباط عدد من مشاريع الكابلات البحرية الصينية في الخارج، بما في ذلك المشاريع التي تقودها شركات “غوغل” و”ميتا” (المحظورة في روسيا بسبب نشاطها المتطرف) و”أمازون”.
وتضمنت حملة الهجوم الأمريكية على كابلات الإنترنت الصينية، توفير منح تدريبية بملايين الدولارات لشركات الاتصالات الأجنبية، مقابل تفضيلها التعامل مع الشركات الأمريكية عن الشركات الصينية.
كما أن الحكومة الأمريكية فرضت عقوبات على شركة “إتش إم إن” الصينية، وهي المؤسسة لكابل “EMA” في ديسمبر/ كانون الأول 2021، بحجة أنها تعتزم الحصول على التكنولوجيا الأمريكية لتحديث الجيش الصيني.
 
متى سيرى الكابل الصيني النور؟
تمضي الصين قدما في مشروع كابل “EMA”، وتتوقع إتمام العقود بحلول نهاية العام الحالي 2023، والحصول عليه في نهاية الأمر مع حلول نهاية عام 2025.
ومن المتوقع أن الكابل الجديد سيمنح شركات الاتصالات الصينية المدعومة من الدولة، وصولا وحماية أكبر، في حال استبعادها من الكابلات المدعومة من أمريكا في المستقبل.
الصين تعلق على الكابل
في أول تعليق منها لوكالة “رويترز” بشأن الكابل الصيني، ذكرت وزارة الخارجية الصينية أنها شجعت دائما الشركات الصينية على تنفيذ الاستثمار الأجنبي، والتعاون دون التطرق صراحة إلى مشروع كابل “EMA”.
 
تقارير: كابلات الإنترنت البحرية “منجم ذهب للتجسس”
شكّلت الكابلات البحرية جبهة جديدة في الحرب التكنولوجية الجارية بين أمريكا والصين، والتي أصبحت واضحة في شهر فبراير/ شباط 2023، عندما تم قطع كابلي اتصالات يربطان تايوان بجزر ماتسو، ما أدى إلى قطع اتصال الإنترنت الخاص بـ 14000 ساكن، حسبما ذكرت التقارير في 8 مارس/ آذار.
كما أصبحت كابلات الإنترنت البحرية، التي تحمل الغالبية العظمى من حركة الإنترنت في العالم، نقطة خلاف رئيسية بين القوتين العظميين العالميتين، إذ يمكن لوكالات الاستخبارات الاستفادة من الكابلات لإجراء عمليات التجسس، بحسب موقع “Eurasian Times”.
وهناك أكثر من 400 كابل تحت البحر تحمل أكثر من 95% من جميع حركة الإنترنت الدولية على مستوى العالم، وفقا لبيانات من “TeleGeograph”، وهي شركة أبحاث اتصالات مقرها العاصمة الأمريكية واشنطن.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في الإدارة الأمريكية واثنين من المحللين الأمنيين، قولهم إن قنوات البيانات هذه، التي تنقل كل شيء من رسائل البريد الإلكتروني والمعاملات المصرفية إلى الأسرار العسكرية، معرضة لهجمات التخريب والتجسس.
وقال جاستن شيرمان، زميل مبادرة “Cyber Statecraft” التابعة لمجلس أتلانتيك كاونسيل، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن الكابلات البحرية كانت “منجم ذهب للمراقبة” لوكالات الاستخبارات العالمية.