المسار الانتخابي ينطلق اليوم: آمال المعارضة تَكبر

المسار الانتخابي ينطلق اليوم: آمال المعارضة تَكبر

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٠ مارس ٢٠٢٣

يُنتظَر أن يُعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اليوم، انطلاق المسار الانتخابي، بعدما بات شبه أكيد أن الانتخابات ستجري في الـ14 من أيّار المقبل. وفيما يتواصَل السجال حول قانونيّة تعيين رئيسَي بلديتَي أنقرة منصور ياواش، وإسطنبول أكرم إمام أوغلو، نائبَين للرئيس في حال فوز مرشّح المعارضة، بدأت استطلاعات الرأي تُظهر احتمال فوز كمال كيليتشدار أوغلو في الاستحقاق. أمّا إذا قرّر «حزب الشعوب الديموقراطي» التصويت له، والتزمت قاعدة «الحزب الجيّد» بالاقتراع لمرشّح «طاولة الستّة»، فحينها ستصبح هزيمة إردوغان، محقَّقة
يبدو أن موعد الانتخابات الرئاسية والنيابية في تركيا سيتحدّد في الـ14 من أيّار المقبل. إذ يُرتقب أن يعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اليوم الجمعة، «بدء المسار الانتخابي»، ليترتّب عندها على «اللجنة العليا للانتخابات»، بموجب الدستور، أن تعلن فوراً موعد الاستحقاق في آخر أحد خلال شهرَين، والذي يصادف يوم 14 أيّار. وكان قرار اللجنة مرتبطاً بتقرير وفدها الذي زار أخيراً المناطق التي ضربها الزلزال، للتحقُّق من إمكانية إجراء الانتخابات فيها. ووفق عضو «الحزب الجيّد» في «العليا للانتخابات»، مصطفى تولغا أوزتورك، فإن تقرير الوفد أشار بوضوح إلى أنه لا موانع لوجستية من إجراء الاقتراع في الموعد المحدَّد، مبيّناً أن «اللجنة زارت 11 محافظة و140 قضاء، وتفقّدت المباني القضائية، وفي النتيجة، فإنه إلى حين موعد الانتخابات، لا مشكلة تحُول دون اقتراع تسعة ملايين ناخب وانتخاب 96 نائباً».
في هذا الوقت، تواصَل السجال حول إمكانيّة تولّي رئيسَي بلديتَي أنقرة منصور ياواش، وإسطنبول أكرم إمام أوغلو، موقع نائبَي رئيس الجمهورية، في حال فوز مرشّح المعارضة. إذ اعتبر المستشار القانوني لإردوغان، محمد أوتشوم، أنه لا يحقّ لهما تولّي منصبَيْهما الجديدَيْن، من دون أن يستقيلا من رئاسة البلدية، لأن «الجمع بين منصبَين مخالف للدستور»، على رغم أنه لا يوجد أيّ بند في الدستور يَمنع الجمع، وأن هناك سوابق في هذا المجال. ومع ذلك، جاء في بيان المعارضة، في 6 آذار الجاري، أنه سيُصار إلى تعيين رؤساء الأحزاب الخمسة المتبقّية في «طاولة الستّة»، في منصب نوّاب رئيس الجمهورية، مع اشتراط تعيين إمام أوغلو وياواش «في الزمان الذي يرتئيه، وبالمواصفات التي يحدّدها الرئيس»، منعاً لأيّ ظهور مفاجئ لعقبات في القوانين، ولا سيما «قانون الإدارة المحلّية» الذي يحول دون تعيينهما نائبَين للرئيس. وعليه، يُحتمَل أن يُعيَّنا في المنصب المذكور عندما يُحسَم الموقف القانوني من المسألة، وحتى لا يضطرّا إلى الاستقالة، ولِترك موقعَيهما المهمَّيْن في أنقرة وإسطنبول لـ«حزب العدالة والتنمية». هنا، قد تُطرَح تساؤلات عن الدافع الذي يحدو بالرئيس الجديد إلى هكذا خيار، لا سيما وأنه، وفق صلاحيات النظام الرئاسي الحالي، يمكنه اتّخاذ الكثير من القرارات، وبالتشاور مع رؤساء الأحزاب، من دون أن يكون هؤلاء نوّاباً له. لكن الطرح يستبطن رسالة بِنِيّة المعارضة قيادة البلاد بصورة جماعيّة، بخلاف ما هو عليه الحال في عهد إردوغان، أيضاً، استهدفت التسوية استرضاء رئيسة «الحزب الجيّد»، مرال آقشينير، التي كانت ترى أن إمام أوغلو وياواش أكثر ملاءمةً من زعيم «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كيليتشدار أوغلو، للرئاسة. ولذا، جاءت صيغة التسوية على النحو الذي أُعلن كمخرج «مشرّف» لآقشينير للعودة إلى «الطاولة».
في غضون ذلك، بدأت استطلاعات الرأي تطلّ برأسها، بعدما بات واضحاً أن المعركة ستكون بين إردوغان وكيليتشدار أوغلو، في انتظار حسْم «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي موقفه من تسمية مرشّحه الخاص، أو تأييد مرشّح المعارضة، في الدورة الأولى أو الثانية. وفي هذا الإطار، تقول أوساط «الشعوب» إن الأخير سيتّخذ موقفه بناءً على ما سيحمله كيليتشدار أوغلو من أجوبة عندما يزور مقرّ الحزب الكردي في الأيام القليلة المقبلة. وبحسب هذه الأوساط، فإن الحزب الكردي، في المقابل، مصمِّم على عدم الاقتراع لإردوغان، لا في الدورة الأولى ولا في الثانية. وفي ما لو ذهبت معظم أصواته إلى كيليتشدار أوغلو، والتزمت قاعدة آقشينير بالاقتراع لمرشّح المعارضة، فحينها ستصبح هزيمة إردوغان محقَّقة. وفي استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «غازيتيه دوار»، وأجرتْه شركة «ALF» يومَي 6 و7 آذار في 21 محافظة، جاء توقّعات فوز كيليتشدار أوغلو عالية؛ إذ قال 55.1% إنهم سيقترعون له، في مقابل 44.9% سيصوّتون لإردوغان. بناءً عليه، يرى علي بيرم أوغلو، في صحيفة «قرار»، أن «عودة اللُّحمة إلى تحالف المعارضة، عزّز من حظوظ كيليتشدار أوغلو في الانتخابات»، قائلاً إنه على رغم «التباينات بين الصوت القومي (آقشينير)، والكردي، ولا سيما في الموقف من موضوعَي الحريات والدولة العميقة، فإن كلّ هذه الأمور تفاصيل. الأساس هو تغيير سلطة إردوغان التسلطيّة والشعبوية. ومن هذه الزاوية، ستمضي تركيا على الطريق الصحيح». ويكتب مصطفى بلباي، في صحيفة «جمهورييات»، من جهته: «إنها انتخابات الأمل الذي يحمله على كتفَيه كمال كيليتشدار أوغلو. إن كلّ الأسئلة تراجعت إلى الوراء ليحلّ الأمل الذي قد يُستنفَد في هذه الأرض، ولكنّه لا ينتهي. يتحتّم على كيليتتشدار أوغلو أن ينتصر، ويجب أن ينتصر، وإذا لم نُحسِن توظيف التصويت، فستكون كارثة كبيرة جدّاً». ويروي بلباي، في مقالته، كيف أن شعراء العاميّة في الأناضول، أَطلقوا العنان لقصائدهم من أجل «كمال الثاني، الذي يسير على خُطى كمال الأوّل (أتاتورك)».
أمّا الكاتب المعروف المنفيّ، جنكيز تشاندار، فيكيل المديح لمرشّح المعارضة الذي وجد فيه الشخص المناسب؛ إذ «يتمتّع بصفات الاستقامة، وهو منفتح على التشاور، ومستعدّ لتقاسم الصلاحيات، لا أطماع لديه، ويرغب بشدّة في خروج تركيا من نظام الرجل الواحد». ووفق تشاندار، فإن تركيا «تحتاج إلى إقرار الحقّ والحقوق والعدالة. وهذا ممكن عندما يتوجّه الناخبون، في 14 أيّار المقبل، إلى دفْن نظام الرجل الواحد وإعلاء نظام برلماني قوي». ويرى أن «الرجل الذي كان الأكثر سعياً إلى ذلك، هو كيليتشدار أوغلو. فهو الذي بفضله تأسّست "طاولة الستّة"، ورعى أركان الطاولة بالمساواة بينهم، ولم يحرص أبداً على الظهور بمظهر الأوّل بينهم، على رغم أنه رئيس الحزب الأكبر»، مضيفاً أنه «هو رجل المغفرة والصفح والتسامح، والسلام الاجتماعي لا الاستقطاب. كذلك، هو الرجل الأكثر قابلية لينال الصوت الكردي في الانتخابات». ويعَتقد أن «الانتخابات المقبلة لن تكون من أجل اختيار رئيس، بل هي أقرب إلى استفتاء على السؤال التالي: هل تريدون حُكم الرجل الواحد أم لا؟». ويقول: «لقد حدث الزلزال ولم يعرف "الرجل" (إردوغان) ماذا يفعل. كان مشغولاً بما بات اختصاصه: فرْض الحظر على مواقع الإنترنت وإزالة الأنقاض بسرعة. وحده كيليتشدار أوغلو ورؤساء بلديّاته كانوا في اليوم التالي وما بعَده في منطقة الزلزال وفي كلّ مكان ضربتْه الكارثة. إن مستقبل تركيا صعب، فيما "الرجل" منشغل بشعارات رنّانة فارغة، مِن مِثل: "تركيا العظيمة"، و"ذات ليلة سوف أدخل (إلى سوريا والعراق واليونان)"»، مضيفاً أنه «ليس سرّاً أن كيليتشدار أوغلو علوي كردي، لكنه سيكون نموذجاً للوحدة الوطنية عندما يُنتخب رئيس علوي بأصوات السنّة».
في المقابل، تابعت وسائل الإعلام التابعة لـ«العدالة والتنمية» بقلق عودة آقشينير إلى صفوف المعارضة، وموافقتها على ترشيح كيليتشدار أوغلو. وبحسب عبد القادر سيلفي، المقرّب من إردوغان، في صحيفة «حرييات»، فإن «المعارضة تجاوزت قطوع آقشينير، ولكن المشكلة تَركت ندوباً. كما أن المعارضة تنتظر أزمة جديدة هي التوافق حول اللوائح الانتخابية». ويرى أيضاً أن الأزمة «جعلت من كيليتشدار أوغلو يَخرج أقوى من قبل»، متوقّعاً أن «يَفتح "حزب الشعب الجمهوري" لوائحه أمام الأحزاب الأخرى»، وأن يعطي «من كيسه» 54 نائباً. وعلى سبيل المثال، سيكون لـ«الحزب الديموقراطي» نائبُ رئيس، ووزير واحد، و25 نائباً، بينما له الآن نائبان فقط. ويَلفت سيلفي إلى أن «كلّ حسابات أحزاب المعارضة تُبنى على أساس أن الكلّ رابح. لكن ماذا لو لم يَفُز كيليتشدار أوغلو؟ خلا المقاعد النيابية، سيخسرون كلّ ما يخطّطون لربحه، من الرئاسة إلى نوّاب الرئيس والوزراء، وبعد عشرة أشهر سيواجه رئيسا بلديتَي أنقرة وإسطنبول خطر الخسارة في الانتخابات البلدية». وبحسب سيلفي، فإن «أزمة انعدام الثقة بين آقشينير و"حزب الشعوب الديموقراطي" تلقي بثقلها على المعارضة، على رغم أن تصويت الأكراد لكيليتشدار أوغلو ونجاح هذا الأخير، سيعني فوزاً لآقشينير بنيابة الرئيس والوزراء والكثير من النوّاب. لذا، فإن للحزب الكردي فضلاً كبيراً على ما يمكن أن تُحقّقه آقشينير من مكاسب، وهي التي خاضت انتخابات 2018 بفضل تقديم "الشعب الجمهوري" دعماً هائلاً لها».