المجزرة الأكبر لحكومة الفاشيّين.. العدوّ يُدمي نابلس: الحساب يتضخّم

المجزرة الأكبر لحكومة الفاشيّين.. العدوّ يُدمي نابلس: الحساب يتضخّم

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٣ فبراير ٢٠٢٣

في عملية دامية تسبّبت باستشهاد عشرة فلسطينيين، وإصابة أكثر من 100 آخرين، أغلق جيش الاحتلال، أمس، حسابه المفتوح مع مُنفّذَي عملية مستوطَنة «شافي شمرون»، والتي تسبّبت بمقتل الجندي عيد باروخ في 11 تشرين الأوّل الماضي. وجاء ذلك بعد نحو أربعة أشهر من المطاردة، تخلّلتها عشرات عمليات الاقتحام، التي كانت قد نجحت إحداها في اعتقال أسامة الطويل ورفيقه كامل جوري في الثاني عشر من شباط الجاري. عملية الأربعاء، بدأت بعد تمكُّن جهاز «الشاباك» الإسرائيلي من الحصول على ما أسماه المراسل العسكري لموقع «والا» العبري، أمير بوخبوط، بـ«المعلومة الذهبية» عن مكان وجود مطلوبين خطيرين للجيش، وانتهت باغتيال قائد «كتيبة نابلس» التابعة لـ«سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، محمد أبو بكر الجنيدي، ورفيقه المنفّذ الثاني لهجوم «شافي شمرون»، حسام سليم.
يوضح مصدر ميداني، في حديثه إلى «الأخبار»، أن العدوان بدأ في ساعة مبكرة من الصباح، حيث لوحظ تحليق مكثَّف للطائرات المسيّرة في سماء البلدة القديمة، بالتزامن مع انتشار خفيّ للعشرات من القنّاصة الذين تمركزوا على سفح جبل عيبال وبعض البنايات العالية التي تطلّ على المنزل المستهدَف. وفي تمام العاشرة، تسلّلت شاحنة مدنية تحمل عبارة «نقليات الشرق»، وعلى متنها قوّة إسرائيلية خاصة من وحدة «اليمام»، إلى منطقة السوق الشرقي بالقرب من ساحة البلور، وحاصرت منزلاً حجرياً نهاية شارع الحبلة من جهة السوق الشرقي، قبل أن تباشر هجومها بإطلاق صاروخ موجّه تجاه المنزل الذي تحصّن فيه المطارَدان الجنيدي وأبو بكر. وفي أعقاب ذلك، وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة من الجهة الغربية للمدينة، وأخرى من شارع فيصل وحوش زلوم ومحيط الفرن الخليلي، وشرعت في تطبيق تكتيك «طنجرة الضغط» لإجبار المقاومَين على تسليم نفسَيهما؛ إذ عزلت البيت الذي احتميا فيه عن محيطه، وقطعت أيّ محاولة لإسناده، ليعلن سليم، عبر صفحته في «فايسبوك»، أنه حُوصر ورفيقه الجنيدي، وأنهما سيقاتلان حتى الشهادة.
في شوارع البلدة القديمة، اندلعت اشتباكات عنيفة بين جنود العدو من جهة، ومُقاومي «كتيبة نابلس» و«كتيبة بلاطة» التي وصل مُقاتلوها إلى البلدة القديمة في محاولة لفكّ الحصار عن المقاومين، من جهة أخرى. كذلك، وصلت إلى المكان مجموعات من «كتيبة جنين»، فيما ناشدت مجموعة «عرين الأسود»، عبر مكبّرات صوت المساجد، الأهالي الخروج للتصدّي لقوات الاحتلال، التي كانت بدأت مضاعفة ضغْطها على الشابَّين المحاصرَين، بقصفها المنزل بأكثر من خمس قذائف مُوجَّهة، تسبّبت بهدم أجزاء كبيرة منه، فضلاً عن استخدامها الطائرات المروحية وتلك المسيّرة في إطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع. ووفقاً لشهادة الشاب محمد أبو عمر، وهو من سكّان البلدة القديمة في نابلس، فإن العشرات من المقاومين خاضوا اشتباكات عنيفة مع جنود العدو في شارع حطين والسوق الشرقي وعند دخلة سوق الذهب، حيث ألقوا عبوات محلّية الصنع تجاه «جيبات» الاحتلال، فيما تسبّب انتشار العشرات من القنّاصة في نقاط مرتفعة على جبل عيبال وعدد من العمارات السكنية المرتفعة، في مضاعفة أعداد المصابين. يقول أبو عمر، لـ«الأخبار»، «تحوّلت البلدة القديمة إلى ساحة حرب حقيقية، الحاج السبعيني عدنان بعارة أَطلق القنّاصةُ الرصاص عليه عقب عودته من شراء الخبز، وبقي ينزف أمام كاميرات الصحافة التي نقلت المشهد بالبثّ الحيّ والمباشر حتى استشهاده».
وبعد نحو ساعتَين ونصف ساعة من الحصار، لم تَعُد تصل من المحاصرَين الجندي وسليم أيّ رسائل، ليعلن في تمام الساعة الواحدة إلّا ربعاً، تمكُّن جيش الاحتلال من اغتيالهما، وفق ما أوردتْه مصادر عبرية. وبحسب وزارة الصحّة الفلسطينية، فإن العدوان الإسرائيلي على مدينة نابلس تسبّب باستشهاد عشرة مواطنين، من بينهم الجنيدي وسليم، بالإضافة إلى كلّ من المسنّ عدنان سبع بعارة (72 عاماً)، ومحمد خالد عنبوسي (25 عاماً)، وتامر نمر أحمد ميناوي (33 عاماً)، ومصعب منير محمد عويص (26 عاماً)، ومحمد عبد الفتاح عبد الغني (23 عاماً)، ووليد رياض حسين دخيل (23 عاماً)، وعبد الهادي عبد العزيز أشقر (61 عاماً)، ومحمد فريد شعبان (16 عاماً)، وجاسر جميل عبد الوهاب قنعير (23 عاماً).
وتداوَل الآلاف من المواطنين، على مواقع التواصل الاجتماعي، وصيّة الشهيدَين الجنيدي وسليم. وجاء في الرسالة المسجَّلة للأخير: «أنا وأخوي الجنيدي تحاصرنا، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، عليها نحيا وعليها نموت، الله لا يسامح كلّ حدا تخاذل وكلّ حدا باعنا يا إخوان، أنا وأخوي الجنيدي بدنا نسلّم على الشهدا بس بتمنى إنكم تسامحونا يا أخوان أمانة الله، وبحب أنا كل الناس وبحب كل الدنيا وأنا بحب إمي، بحيات عرضكم ما تتركوا البارودة من بعدنا وكملوا الطريق، بدي أشوف الزلام تكمل من ورانا يا أخوان، ما تنسوا وصية الوديع والنابلسي». أمّا الجنيدي فقال: «تأكّدوا إنو ابن السرايا لن يسلّم نفسه، تحيّاتي لكلّ شريف في الوطن، وتأكّدوا إنو احنا يا خيي على درب الشهداء، ما هربنا ومتنا، وزلام». وفيما غرّد الناطق باسم «كتائب القسام»، «أبو عبيدة»، بأن «المقاومة في غزة تراقب جرائم العدو المتصاعدة تجاه أهلنا في الضفة المحتلّة وصبرها آخذ بالنفاد»، أكدت «حركة الجهاد الإسلامي»، التي نعت قائد كتيبتها في نابلس، أن على «الاحتلال أن ينتظر ردّ المقاومة في أيّ لحظة وأيّ مكان».
يُذكر أنه عقب جريمة نابلس، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري، إلى أكثر من 60.