ليبيا.. تسارع ورشة تقاسم السلطة: الكلّ يريد الانتخابات

ليبيا.. تسارع ورشة تقاسم السلطة: الكلّ يريد الانتخابات

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٧ يناير ٢٠٢٣

 باشر أطراف إقليميون ومسؤولون ليبيون بلورة رؤية طموحة لحلّ الخلافات السياسية العالقة، يبدو أنها تصطدم ببعض التطلّعات الخاصّة المطلوبة تسويتها أوّلاً، قبل الإعلان عن خريطة طريق تمهّد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بحلول نهاية العام الجاري، وفق الاتفاق المبرَم بين رئيس البرلمان عقيلة صالح، ورئيس «مجلس الدولة» خالد المشري، برعاية مصرية - خليجية. وعلى رغم أن الخلافات لم تُحلّ بشكل كامل بعد، ولا سيما مسألة أحقّية مزدوَجي الجنسية في الترشُّح للانتخابات الرئاسية، يشكّل التوافق على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في اليوم نفسه، ضمانة لجهة عدم تراجُع أيّ طرف من الأطراف عن تعهّداته قبل الاستحقاق الذي لا تزال الطريق المؤدّية إليه مليئة بألغام يمكن أن تنفجر في أيّ لحظة.
 
وتضمّن ما جرى التوافق عليه بين الأطراف المختلفة في القاهرة، بمشاركة رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، في بعض الاجتماعات، السعي إلى اعتماد نظام محاصصة يَضمن لجميع أقطاب المعادلة السياسية والعسكرية نفوذاً ومناصب متساوية، ولكن بتوافقات تسبق يوم الاقتراع، ما يعني أن الانتخابات ستكون بمثابة ديكور لتقاسم السلطة، خاصّة في ظلّ استبعاد اعتماد دستور جديد للبلاد يشكّل أساساً لحُكم الرئيس والبرلمان. وممّا شمله الاتفاق أيضاً، إثر سلسلة اجتماعات في العاصمة المصرية على مدى الأسبوعَين الماضيَين، التشديد على تقديم البعثة الأممية إلى ليبيا تصوّرها للحلّ، بما يضمن المحافظة على حقوق المرأة والأقلّيات وغيرها من العناوين التي تشترط المنظّمة الدولية التوافق عليها، جنباً إلى جنب إعادة النظر في جميع الاتّفاقات والعقود الموقَّعة من جانب الحكومات الانتقالية، بعد وصول برلمان ورئيس منتخبَين، على أن تكون الصلاحيات مناصفة بينهما، بحيث لا يُسمح للرئيس بالانفراد بالقرارات، مع مراعاة خصوصية القبائل والتقسيم الجغرافي للأقاليم المختلفة.
في هذا الوقت، يسعى صالح والمشري، إلى جانب فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الحاصلة على ثقة البرلمان، إلى الضغط على المبعوث الأممي، عبدالله باتيلي، لإقناع رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، بتقديم مزيد من التنازلات تتضمّن إمّا عدوله عن الترشُّح للرئاسة بشكل كامل، وبالتالي البقاء على رأس الحكومة التي تُجري الانتخابات وتُشرف عليها، أو ترْك رئاسة الحكومة مؤقّتاً إلى حين الانتهاء من إجراء الاستحقاق، الذي ستَحقّ له، والحال هذه، المشاركة فيه. وهي اشتراطاتٌ لا يبدو أن باتيلي مقتنع بها، ليس لصعوبة تحقُّقها على أرض الواقع فقط، ولكن أيضاً لوجود مصالح عديدة لأطراف دولية مع الدبيبة تجعله في موقف قوي. وسعى الدبيبة، في الأيام الماضية، إلى الحصول على دعم دولي لحكومته من جهات لم تكن منحازة إليه بشكل كافٍ في الأشهر الماضية، خاصّة بعد عودة التفاهمات المصرية - التركية في الملفّ الليبي بشكل نسبي، إثر سنوات من التوتّر. وتَوجّه رئيس «حكومة الوحدة» إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث أبدى استعداده لعقْد صفقات نفط ضخمة مع شركة «إيني» الإيطالية، وقام بتسليم مطلوبين في قضيّة «لوكربي» إلى واشنطن، إلى جانب إبرامه تفاهمات أخرى مع أنقرة تتضمّن عقود استثمار في مشروعات حكومية في طرابلس، بما يعني دعماً للاقتصاد التركي.
وشهدت طرابلس، منذ بداية الشهر الجاري، زيارات مهمّة، من بينها لمدير الاستخبارات الأميركية، ورئيس الاستخبارات التركية، إلى جانب زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية، والتي جرى ترتيبها لبحث ملفّ الطاقة والاستثمارات الإيطالية في ليبيا، في وقت لم يكتمل فيه اجتماع وزراء الخارجية العرب في طرابلس، الأحد الماضي، على خلفية رفْض عدد من الدول العربية الحضور والاجتماع بضيافة حكومة الدبيبة التي لا يزال معترَفاً بها من جانب "الجامعة العربية" حتى الآن.
وبخلاف الموقف المصري - الخليجي، باتت الجزائر الدولة العربية الأبرز الداعمة لحكومة الدبيبة، في حين تُوفّر قطر دعماً له على استحياء، وتتبع تونس سياسة مهادنة الحكومتَين المتنافستَين في ظلّ وجود مصالح مشتركة متعدّدة بين البلدَين، في منهج يلقى تفهّماً مصريّاً - خليجيّاً. وحتى الآن، لا تبدو التفاهمات التي يحاول صالح والمشري الوصول إليها ناجزة، لكن يَظهر أنهما يراهنان على محاولة إقناع القبائل الليبية بالانضمام إليهما في الاجتماعات التي سيعقدها المنفي في وقت لاحق، فيما يعوّل الدبيبة على القبائل الداعمة له، في ظلّ رفضه، حتى الآن، تقديم أيّ تنازلات، وهو أمر لا يُتوقّع أن يستمرّ طويلاً.