أوروبا تحتوي التصعيد: تصنيف «الحرس» إرهابيّاً ليس على الطاولة

أوروبا تحتوي التصعيد: تصنيف «الحرس» إرهابيّاً ليس على الطاولة

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ يناير ٢٠٢٣

 لم يذهب الاتّحاد الأوروبي إلى حدّ القطع الكامل مع إيران، بعدما قرّر إرجاء خطوة إدراج «الحرس الثوري» في قائمته للمنظّمات الإرهابية، متعلّلاً ببروتوكولات لا بدّ من مراعاتها قبل الإقدام على خطوة من هذا القبيل، أو كما حدّدها وزير خارجية التكتُّل، جوزيب بوريل: «لا يمكنك أن تقول: أنا اعتبرك إرهابيّاً لأنك لا تعجبني». وإذا كان في هذا الجانب ما يبعث على بعض «التفاؤل»، ويفتح طاقة لاستكمال التعاون بين الجانبَين، وخصوصاً في ما يتّصل بالقضيّة النووية، إلّا أنه يمكن ربْطه أيضاً بماهية ردّة فعل طهران، وتحذيرها الأوروبيين من مغبّة تصعيد لا يمكن احتواؤه. مع ذلك، تُواصل بروكسل التركيز على مسألة حقوق الإنسان في إيران، والتي فرضت على خلفيّتها، حتى الآن، أربع حُزم من العقوبات ضدّ الجمهورية الإسلامية
على رغم أن اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتّحاد الأوروبي، الاثنین، تَرافق مع فرْض حزمة عقوبات إضافية على إيران تتّصل بقضيّة حقوق الإنسان، لكن، وعلى النقيض من المناخ السائد المُطالب بإدراج «الحرس الثوري» الإيراني في قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظّمات الإرهابية، فإن قراراً لم يُتّخذ في هذا الشأن. وحصل ذلك بعد مصادقة البرلمان الأوروبي، في اجتماعه في ستراسبورغ، الأسبوع الماضي، على قرار يطالب بتصنيف «الحرس» «منظّمة إرهابية». وفيما دعمت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، هذا التوجّه، عارضه وزير خارجية التكتّل، جوزيب بوريل، وهو ما يمكن عَدُّه مؤشراً إلى تحفُّظ أوروبي بخصوص القرار النهائي. ولدى وصوله للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل، قال بوريل إن تصنيف «الحرس الثوري»، «إرهابيّاً»، يحتاج إلى قرار تُصدره محكمة في إحدى الدول الأعضاء ليتمكّن التكتُّل من حسْم أمره، علماً أن الأخير وضَع على جدول أعماله دراسة اعتماد عقوبات جديدة ضدّ الجمهورية الإسلامية بدعوى ما سمّاه «القمع الدامي» للمتظاهرين أثناء موجة الاحتجاجات التي شهدتْها إيران أخيراً على خلفيّة وفاة الشابّة مهسا أميني في أحد مراكز الشرطة في العاصمة طهران. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن المسؤول الأوروبي، قوله، تعليقاً على مسألة تصنيف «الحرس»: «لا يمكنك أن تقول: أنا اعتبرك إرهابيّاً لأنك لا تعجبني».
وتعليقاً على تصريحات بوريل، رأت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، «إرنا»، أن ما قاله يمثّل «تراجعاً واضحاً أمام قرار أشبه بالهرطقة للبرلمان الأوروبي»، لإدراج «حرس الثورة» في القائمة الأوروبية للمنظّمات الإرهابية. من جهته، رحّب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بتصريحات نظيره الأوروبي، ورأى أن «ما شهدناه في تصريحات السيد بوريل هذه يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يتحرّك في اتجاه اتّخاذ خطوات مكلِفة»، مضيفاً إن سفراء الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أوروبا حذّروا سلطات دولها من مغبّة تصنيف «الحرس الثوري» منظّمة إرهابية. وتجدر الإشارة إلى أنه من أجل إدراج مجموعة أو مجموعات جديدة في القائمة الأوروبية للمنظّمات الإرهابية، ثمّة بروتوكولات إدارية ينبغي اتّباعها من جانب بروكسل، ومنها أن واحدة على الأقلّ من الدول الـ 27 الأعضاء في التكتُّل، يجب أن تُقدِّم مشروعها، وأن تكون قد أَعدَّت أوراقها ومستنداتها التي توضح سبب اعتبار المجموعة (أيّاً كانت)، منظّمة إرهابية. وبعد دراسة المؤسّسات الداخلية للاتحاد، المشروع، تَرفع تقييمها إلى المجلس الوزاري، وإذا أدرج هذا الأخير المشروع على جدول أعماله، يصار حينها إلى التصويت عليه.
وتشكّل العقوبات التي فرضها المجلس الوزاري التابع للاتحاد على إيران، الحزمة الرابعة منذ انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الحُكم في الجمهورية الإسلامية في أيلول من العام الماضي، والتي اتّهم الغرب، طهران، بـ«قمعها». وعلى هذه الخلفية، تمّ إدراج 37 شخصاً وكياناً إيرانياً في قائمة عقوبات التكتّل الأوروبي المتعلّقة بحقوق الإنسان، بدعوى «انتهاك حقوق المواطنين الإيرانيين». وإلى العقوبات الأوروبية، فرضت كلّ من بريطانيا والولايات المتحدة، الاثنين، عقوبات استهدفت شخصيّات وكيانات في إيران. وردّاً على هذه الإجراءات، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإیرانیة، ناصر كنعاني، أمس، إن إيران تحتفظ بحقّها في الردّ على إجراءات الاتّحاد الأوروبي وبريطانيا ضدّها، على أن تعلِن قريباً قائمة عقوبات جديدة ضدّ مَن وصفهم بـ«مروّجي الإرهاب» في التكتُّل.
ويبدو أن محصّلة القرارات الأوروبية تتمثّل في ممارسة مزيد من الضغط على إيران، تزامناً مع فرْض عقوبات جديدة لدفعها إلى تغيير سياساتها، وخصوصاً في سياق تقديم الدعم لروسيا في الحرب الأوكرانية، وكذلك في مجال تطوير برنامجها النووي، فيما يَظهر أن الأوروبيين يتصرّفون بما يسمح باحتواء التوتّر والتصعيد بين الجانبَين، وعدم خروجهما عن السيطرة، وهو ما يجلّيه خصوصاً إرجاء تصنيف «الحرس» منظّمة إرهابية، والذي يمكن أن تَتبعه ردود فعل إيرانية حادّة. وكان وزير الخارجية الإيراني قد حذّر الأوروبيين، في وقت سابق، من أن إصرارهم على موقفهم وسْم «حرس الثورة» بالإرهاب، يمكن أن يؤدّي إلى اتّخاذ بلاده إجراءات من قَبيل «الانسحاب من معاهدة الحدّ من الانتشار النووي (إن بي تي)، أو طرْد مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، واصفاً قرار الاتحاد بأنه بمثابة «إطلاق أوروبا النار على قدمَيها». وعلى رغم أن محادثات إحياء الاتفاق النووي تخضع لأثر التصعيد الأخير بين إيران والغرب، ولا يبدو أن لها آفاقاً واضحة، تؤكد سلطات القوى الغربية أن هذه المحادثات لا تَشغل حيّزاً على سلّم أولويّاتها، لكنها، ومن الناحية الاستراتيجية، لا تزال تحوز أهميّة بالنسبة إليها، على اعتبارها أداة لاحتواء البرنامج النووي الإيراني بعدما شهد، خلال السنوات الأخيرة، تطوّراً غير مسبوق.