64% فقراء و51% عاطلون عن العمل: غزة... عامٌ جديد تحت الحصار

64% فقراء و51% عاطلون عن العمل: غزة... عامٌ جديد تحت الحصار

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٢

 يفتتح الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة عامه السابع عشر، وسط أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة، جعلت ما يزيد عن 60% من سكّان القطاع في دائرة الفقر، وما يفوق الـ 70% من شبابه في خانة البطالة. وإذ لا يزال العالم «المتحضّر» بأسره صامتاً على جريمة الحرب هذه، مكتفياً بالسماح بمساعدات إغاثية بات أكثر من 80% من الغزّيين معتمِدين عليها في تأمين متطلّباتهم الضرورية، فإن فصائل المقاومة والفعّاليات السياسية والمجتمعية في غزة، لم تيأس من إمكانية انكسار هذا الحصار، التي أكدت في مؤتمر انعقد أمس بالمناسبة، أن «شعبنا الفلسطيني سيواجهه بكلّ السُبل المشروعة والمتاحة له»، من دون أن يساوم على مقاومته وسلاحها
بالتزامن مع «اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني»، وبمناسبة مرور 16 عاماً على حصار قطاع غزة، انطلقت، صباح أمس، فعاليات المؤتمر الدولي «16 عاماً على حصار غزة... تداعيات وآفاق»، بمشاركة نُخب مجتمعية وقيادات حكومية وفصائلية، إلى جانب لفيف من الشخصيات العربية والدولية التي كان لها دور فاعل في محاولات كسْر الحصار طوال السنوات الماضية. ويهدف المؤتمر الذي يعقده «مجلس العلاقات الدولية»، بالتعاون مع المكتب الإعلامي الحكومي، إلى تسليط الضوء على واقعِ مختلف المجالات الحياتية التي أسهَم الحصار الإسرائيلي في تدهورها. وبحسب إبراهيم مسلم، وهو المتحدّث باسم المؤتمر، فإن اللجنة التحضيرية أعدّت ورقة تكشِف أرقاماً صادمة عن الواقع المعيشي لسكّان القطاع، الذين تَجاوز عددهم 2.35 مليون نسمة، ويسكنون في حيّز مكاني لا تتجاوز مساحته الـ360 كلم2. ولفت مسلم، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «الهدف هو أن نُرسل رسالة إلى كلّ أصدقاء الشعب الفلسطيني، لإعادة تفعيل التضامن الدولي مع غزة، والذي تَراجع خلال السنوات الأخيرة، على رغم اشتداد ظروف الحصار». من جهته، وصف باسم نعيم، وهو رئيس الدائرة السياسية ومجلس العلاقات الدولية في حركة «حماس»، الحصار، بأنه «أحد أشكال جريمة الحرب المستمرّة ضدّ الشعب الفلسطيني»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هذه هي الأداة الأقلّ صخباً، والتي يستخدمها الاحتلال لسلخ الشعب الفلسطيني عن محيطه العربي والإسلامي»، لافتاً إلى «ازدواجية الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، وصمته على استمرار الحصار الذي يعني من الناحية العملية تقويض حقوق الشعب الفلسطيني، وفي المقدّمة منها حقه في الاختيار السياسي بعدما حُرم من ممارسة العملية الانتخابية».
أرقام صادمة
المؤتمر الذي تضمّن جلسات عدّة متخصّصة، ناقش فيه المشاركون تأثير الحصار على النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية في القطاع، حيث أشار نائب رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي، محمد هاشم الفرا، في كلمة، إلى أن «شعبنا يعاني في كلّ المجالات، وحُرم من أبسط حقوقه في السكن والدواء، ومعاناته ستظلّ شاهداً على جريمة إبادة كبرى تُرتكب بحق الإنسانية». وبحسب الفرا، فإن الحصار تسبّب بإغلاق 80% من المصانع المنتِجة، ما انعكس زيادة في نسبة الفقر والبطالة؛ إذ يفيد التقرير الذي نشره المنظِّمون إلى أن نسبة الفقر قفزت إلى 64% ، فيما يعتمد 84% من السكّان على المساعدات الإغاثية في تأمين متطلّباتهم الضرورية، وتعاني 57% من عائلات القطاع انعدام الأمن الغذائي. كذلك، أسهَم ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 - 40% خلال العام الأخير، في مضاعفة الأعباء على السكّان، لا سيما أن الحدّ الأدنى للأجور انخفض إلى 682 شيكلاً شهرياً (206.6$)، في حين حدّدت وزارة المالية التابعة للسلطة في رام الله، الحدّ الأدنى بـ528.5$. أيضاً، ارتفع معدّل البطالة إلى 51%، ووصل في أوساط الشباب إلى 71%، بينما فَرضت الزيادة السكّانية الحاجة إلى بناء 130 ألف وحدة سكنية، علماً أن 70% من العائلات الغزية لا تستطيع بناء مسكن جديد، وأن أكثر من 20% منها تعيش في وحدات سكنية مكتظّة (3 أشخاص في الغرفة الواحدة). هذه الأزمات الضاغطة، التي منعت أهالي القطاع من تنمية أوضاعهم المعيشية، انعكست أيضاً على صحّتهم النفسية. وفي هذا المجال، يَذكر التقرير أن 61% من الأطفال يعانون اضطرابات نفسية، وأن نحو 20% من السكّان يعانون تحدّيات الصحّة العقلية. وفي الاتّجاه نفسه، أكد وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، غازي حمد، أن الحصار الإسرائيلي خَلق حياة مليئة بالضغط والتوتّر والاستنفار تحسّباً لحدوث اعتداءات.
حوارات ونتائج
تخلّلت المؤتمرَ 3 جلسات، إلى جانب الجلستَين الافتتاحية والختامية، تمحورت أولاها حول تداعيات الحصار، وثانيتها حول تجارب كسْره، فيما تناولت ثالثتها مستقبله. وأجمع المتحدّثون باسم فصائل المقاومة على أن الهدف الإسرائيلي من الحصار، هو كسْر صمود الشعب الفلسطيني. لكن القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، خضر حبيب، أكد أن «شعبنا الفلسطيني لن يساوم على سلاحه ومقاومته، وسيواجه الحصار بكلّ السُبل المشروعة والمتاحة له»، فيما لفت جميل مزهر، وهو عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، إلى أنه «من حق المقاومة تفعيل كافة أدواتها لمواجهة الحصار الإسرائيلي الظالم، الذي يمثّل جريمة حرب». كذلك، شاركت في فعّاليات الجلسة الثالثة، فرانشيسكا ألبانيز، وهي المقرّرة الخاصة المعنيّة بحقوق الإنسان في فلسطين، حيث أشارت في كلمتها إلى أن «الاحتلال يقمع أيّ نوع من أنواع الهوية الفلسطينية (...) الاحتلال لا يستطيع القول إنه يدافع عن نفسه وهو يحتلّ أرضاً ليست له»، مؤكدة أن «الحصار يمثّل عقاباً جماعياً بحق الشعب الفلسطيني، ويجب أن يُرفع»، لافتة إلى أن «المجتمع الدولي لا يقف فعلياً بوجه الحصار على رغم اعترافه بعدم قانونيّته».
يُشار إلى أن العدو فَرض، منذ فوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية عام 2006، حصاراً اقتصادياً وجغرافياً على القطاع. وخلال الأعوام الـ16 الماضية، دمّرت إسرائيل مئات المصانع، وقصفت شركة توليد الكهرباء، كما شنّت أربع حروب مدمّرة، قضى فيها نحو 5 آلاف شهيد، وهُدمت خلالها آلاف الوحدات السكنية ومساحات واسعة من البُنى التحتية.