ليبيا.. توسُّع حراك «بالتريس»: الفوضى تطلّ برأسها

ليبيا.. توسُّع حراك «بالتريس»: الفوضى تطلّ برأسها

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٥ يوليو ٢٠٢٢

 تشهد المدن الليبية تحرّكات متزامنة احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية، وإخفاق الأطراف السياسيين في التوصّل إلى حلّ يحدّ من تفاقم الأزمة. وتمثّلت التحرّكات التي تتصدّرها حركة «بالتريس» أو «بالرجال» في إحراق مقرّ البرلمان في طبرق، وتظاهرات ودعوات إلى الاعتصام في بنغازي، فيما بدا لافتاً إبداء بعض السياسيين مساندتهم الاحتجاجات، ابتداءً من وزيرة الخارجية في حكومة عبد الحميد الدبيبة، نجلاء المنقوش، التي طالبت بـ«رحيل كامل الطبقة السياسية»، وقوات المشير خليفة حفتر التي عبّرت عن مساندتها التحرّكات أيضاً، ودعمها مطالب المحتجّين، وصولاً إلى وعد رئيس الحكومة المُقالة، عبد الحميد الدبيبة، بتأمين مرحلة انتقالية جديدة في البلاد.
«حركة الشباب» التي فتحت كوّة في جدار الركود السياسي المتواصل منذ نهاية العام الماضي، تزيد من حالة التوتّر والاحتقان لدى السياسيين، الذين يتّهم كلّ طرف منهم الطرف الآخر بأنه المحرّض على التحرّكات، وفق ما عبّر عنه صراحةً رئيس البرلمان، عقيلة صالح، بتلميحه إلى أن إحراق مقرّ البرلمان «مدبّر»، فيما تفتقد الحركة إلى وجود قيادة منظّمة يمكن التفاوض معها على المطالب التي تسعى وراءها. وحتى الآن، وباستثناء ما أعلنه رئيس الحكومة المكلّف، فتحي باشاغا، من استعداده لإعلان قرارات - لم تتّضح معالمها -، في محاولة منه لإرضاء الشارع الليبي، لم يقدِّم أيّ طرف تنازلاً حقيقيّاً استجابةً لمطالب المتظاهرين، فيما طالبت البعثة الأمميّة بضرورة احترام حقّ التظاهر السلمي، مؤكدةً على «حقّ الشباب في التعبير عن غضبهم».
وتأتي هذه التطورات في وقت فشل فيه رئيسا «المجلس الرئاسي» ومجلس النواب في التوصّل إلى اتفاق على أيّ تفاصيل في شأن الدستور والجولة المقبلة من مفاوضات جنيف المتوقَّع انعقادها بعد عيد الأضحى مباشرة. وتواصلت التظاهرات في عدد من المدن خلال الأيام القليلة الفائتة، بعدما بدت محدودة نسبيّاً يوم الجمعة الماضي. وأجمع الأطراف السياسيون، على رغم اختلافهم، على ضرورة عدم المساس بالمتظاهرين وعدم إطلاق النار عليهم، وسط دعوات إلى عدم تخريب المؤسسات العامة أو حرقها. من جهته، أجّل تيار «بالتريس» الذي قاد تظاهرات الجمعة، في اللحظة الأخيرة، الدعوة إلى اعتصام مفتوح في ساحة الشهداء في قلْب العاصمة طرابلس، احتجاجاً على سوء الأوضاع، وفي محاولة للضغط على السياسيين من أجل الوصول إلى اتفاق سياسي تجري بموجبه العملية الانتخابية، في حين يدرس قادته توزيع مواقع الاعتصام على مختلف المدن الليبية الرئيسة للتأكيد أن الحراك لا يستهدف فصيلاً سياسيّاً بعينه، كما حاول البعض الترويج، في الأيام الماضي.
وبينما يُخشى من تحرّكات للقوات الأمنية غير المنسَّقة، نشرت فصائل سياسية عسكريين تابعين لها في مواقع الاحتجاج لجمع المعلومات. ويثير ما جُمع من معطيات - حتى الآن - لدى الأطراف المختلفين، القلق، خصوصاً أن أحداً لا يبدو قادراً على التعامل مع الموقف واحتواء الغضب الشعبي، فيما تُعِدّ السفارة الأميركية في طرابلس مع سفارات غربية أخرى تقريراً عن الأوضاع لتجهيز تقدير موقف، بناءً على طلب دولها. وأجرت المستشارة الأممية في شأن ليبيا، ستيفاني وليامز، اتصالات مكثّفة مع مختلف الأطراف من دون أن تتوصّل إلى حلٍّ حقيقي يساعد في امتصاص الغضب الشعبي المتزايد، وسط دعوات إلى تظاهرات ضخمة الجمعة المقبل، يمكن أن تتحوّل إلى اعتصام مفتوح. وتؤكد مصادر استخبارية متابعة للملفّ الليبي، لـ«الأخبار»، أن ما جرى فاجأ مختلف الأطراف بالفعل، موضحةً أن «عدم التخطيط له» هو ما يثير القلق، في ظلّ مخاوف من تكرار سيناريو فوضوي خلال الفترة المقبلة، وسط عدم القدرة على توقُّع ما يمكن أن يقوم به المحتجّون في الشارع. ويَنظر البعض إلى ما يحدث باعتباره يشكّل فرصةً للضغط على السياسيين، من أجل التوصّل إلى اتفاق واضح في أسرع وقت.