الجمهوريون في مأزق: ترامب و«كورونا» عدوّان انتخابيّان

الجمهوريون في مأزق: ترامب و«كورونا» عدوّان انتخابيّان

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٧ يوليو ٢٠٢٠

وضعت أرقام الإصابات والوفيات بفيروس «كورونا» دونالد ترامب، ومن ورائه الجمهوريون، أمام الأمر الواقع. أكثر من ثلاثة ملايين إصابة و130 ألف وفاة، دفعت حكّام الولايات الجمهورية الذين كانوا متعاطفين مع مسار ترامب، خصوصاً، إلى مواجهة الحقيقة، وإطلاق جرس الإنذار، علّهم بذلك ينقذون أنفسهم انتخابياً
 
بات من الواضح أنّ الولايات المتحدة، التي تتقدّم عالمياً في عدد الإصابات والوفيات بفيروس «كورونا»، تعاني من عدم القدرة على السيطرة على هذا الوباء، الذي يحصد أعداداً قياسية تزيد على 50 ألف إصابة جديدة كلّ يوم. وبينما تكبّد الاقتصاد الأميركي خسائر فادحة نتيجة انتشار هذه الجائحة، إلّا أنّ النتائج التي يتكبّدها بعض الحكّام الجمهوريين بسبب اتّباع تعليمات الرئيس دونالد ترامب بإعادة الاقتصاد باكراً، تبدو أفدح ممّا كان متوقعاً، على المستوى الانتخابي، والسياسي عموماً. تكساس وفلوريدا وأريزونا تتجه لتتحوّل إلى ما حذّر أحد الخبراء من أنّه تهديدٌ فيروسي يقترب من المستويات «المروّعة».
 
وهذا الواقع دفع السلطات المحلّية هناك، كما في غالبية أنحاء البلاد، إلى فرض وضع الأقنعة التي لا يزال ترامب يرفض تبنّيها. حتّى إنّ هذه الولايات باتت تبطئ، أو حتى تعاكس، خطط إعادة فتح الاقتصاد، وذلك بينما يتحوّل «صيف كوفيد ـــــ 19» إلى حقيقة. «فقد بات من المؤكد أنّ الارتفاع المفاجئ لأعداد الإصابات بالفيروس، خلال الخريف، سيصبح ببساطة امتداداً لأشهر المرض والموت بلا هوادة»، وفق شبكة «سي أن أن».
داعمو ترامب لم يتساقطوا أخيراً فقط. فبحسب ما أفاد به معهد «بروكينغز»، شهد شهر أيار/مايو بعض التصدّعات في حائط الدعم الذي كان يحظى به بين المسؤولون الجمهوريون، لا سيما بين الحكّام الذين لم يستمعوا إليه، بشأن إعادة فتح الاقتصاد مبكراً. أيضاً في شهر أيار/مايو، دأب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين على البحث عن طريقة لتجنّب دعم ترامب، عبر الظهور بشكل مستقلّ عنه. ومن هذا المنطلق، نتجت مجموعة تسمّى «مشروع لينكولن»، تتكوّن في الغالب من الجمهوريين المعارضين للرئيس، والتي قامت بنشر إعلانات موجّهة ضدّه.
 
بات العديد من الولايات الجمهورية يبطئ أو حتى يعاكس خطط إعادة فتح الاقتصاد
 
حينها، كانت عملية المسح الأولية للجائحة قد تركت العديد من الولايات التي يقودها جمهوريون سالمة نسبياً، خصوصاً مع المقارنة بالولايات التي يقودها ديموقراطيون، مثل نيويورك وميشيغان وكاليفورنيا. وهو ما دفع حكام بعض تلك الولايات باتجاه إعادة فتح مبكرة للاقتصاد، واستعادة الحياة الطبيعية. الآن، تشهد هذه الولايات معدّلات الإصابة الأسرع، خصوصاً أريزونا وتكساس وفلوريدا. ومن هذا المنطلق، يجهد قادتها من أجل تخفيف العدوى. إلّا أنّ القيام بذلك من دون الظهور أنهم على النقيض من ترامب ــــــ الذي يواصل عدم ارتداء القناع الواقي في الأماكن العامة ويخفّف بشكل كبير من تهديدات الفيروس ــــــ أمرٌ صعب جداً. لا ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، فقد يضطرّ هؤلاء المسؤولون وغيرهم إلى العمل وقتاً إضافياً، من أجل جذب ناخبيهم، ولا سيما أنّ مسحاً مدعوماً من «مؤسسة العلوم الوطنية» أفاد بأنّ الانقسام بين الديموقراطيين والجمهوريين ينمو بقوّة، معتمداً على السلوكيات الصحية، التي يمكن أن تخفّف من الانتشار.
يمكن تلخيص التحوّل في حائط الدعم الذي كان يحظى به ترامب بين المسؤولين الجمهوريين بالتالي: بات نائب الرئيس مايك بنس، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، يتحدّثان بإيجابية عن ارتداء الأقنعة الواقية. حتى إنّ بنس، الذي نادراً ما يغفل الإشادة بـ«قيادة» ترامب، بدأ يرى الحقيقة، متخلّياً عن ادعاءاته السابقة والمغلوطة بأنّ الولايات المتحدة أبطأت انتشار الوباء. أمّا حاكم تكساس غريغ آبوت، الذي منع سابقاً الحكومات المحلية من فرض الأقنعة، فقد أصدر أمراً بارتداء القناع في الأماكن العامة في غالبية المقاطعات، وأيضاً بالسماح للمسؤولين المحليين بمنع التجمّعات التي تزيد على 10 أشخاص. في الأثناء، يقبع هيرمان كاين، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية لعام 2012، والذي الذي كان رئيساً مشاركاً لـ«أصوات السود من أجل ترامب»، في المستشفى بسبب معاناته من فيروس «كورونا».
في المحصّلة، يمكن لمايك مدريد، وهو مستشار جمهوري يعمل مع «مشروع لينكولن»، أن ينقل واقع هؤلاء المسؤولين، حيث يقول: «المعضلة هي أنهم كانوا يتعاملون مع الأمر سياسياً، ويحاولون البقاء أوفياء للرئيس، لفترة طويلة، إلى حدّ أنهم وضعوا أنفسهم الآن في زاوية لا يمكنهم الخروج منها».