ضوء أخضر لإسقاط الحكومة.. المعارضة تستغل أزمة الدولار في لبنان لتحريك الشارع واحتجاجات دامية رغم كورونا

ضوء أخضر لإسقاط الحكومة.. المعارضة تستغل أزمة الدولار في لبنان لتحريك الشارع واحتجاجات دامية رغم كورونا

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٩ أبريل ٢٠٢٠

منذ انطلاق احتجاجات 17 أكتوبر/تشرين الأول في لبنان والحالة الاقتصادية تسير من سيئ لأسوأ، ومع استمرار صعود الدولار 4 آلاف ليرة تُحمل كل جهة المسؤولية للأخرى.
وبالرغم من ازدياد تفشي فيروس كورونا فإن هذا لم يمنع اللبنانيين من النزول إلى الشوارع باحتجاجات تندد بغلاء الأسعار، والتلاعب بسعر صرف العملة مقابل الدولار، واتسعت دائرة الاحتجاجات حتى قطع المحتجون الطريق العام في مدينة طرابلس (شمال).
وفي ضوء شح الدولار في الأسواق المحلية ينفى خبراء اقتصاديون أن تكون أسباب الاضطرابات المالية الحاصلة لأسباب اقتصادية فقط، وأن لها خلفيات سياسية، فكيف بدأت الأزمة.
أزمة قديمة بين حزب الله وحاكم مصرف لبنان 
ثمة خلاف قديم متجدد بين حزب الله اللبناني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يرى الحزب أنه يرضخ لما تمليه عليه واشنطن.
في العام 1993 تولّى سلامة منصب حاكم المصرف المركزي اللبناني بدعم من رفيق الحريري، لم يكن حزب الله مسيطراً على المشهد السياسي في لبنان كما هو حاصل الآن.
وبدأت الخلافات بينهما حتى وصلت لذروتها، في سبتمبر/أيلول من العام 2019، حين أغلق سلامة مصرف جمال ترست بنك، الذي كان يستخدمه الحزب في تمويل مشاريعه السياسية وحروبه في سوريا، عن طريق حسابات وهمية. 
انزعج الحزب من سلامة لدرجة أنه أثناء احتجاجات 17 أكتوبر/تشرين الأول في لبنان، وبينما كان المتظاهرون في ساحات الاحتجاج بساحة رياض الصلح والشهداء، دفع الحزب بمجموعة من الشبان أطلقت على نفسها اسم شباب المصرف، تظاهروا أمام المصرف المركزي طيلة فترة التظاهرات وبات المصرف محور احتجاجاتهم المستمرة.
ومع استمرار الاحتجاجات التي أسفرت حتى الآن عن وقوع قتيل وعشرات الجرحى، وقبيل ظهور إعلامي مرتقب لحكام مصرف لبنان غداً الأربعاء، 29 أبريل/نيسان، انطلقت مساع للتهدئة بين رئيسي الجمهورية والحكومة من جهة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جهة أخرى.
وحسب مصادر لعربي بوست، فقد زار اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام “سلامة”، للاطلاع على ما سيقوله سلامة في ظهوره الإعلامي، ومحاولة الترتيب للقاء بينه وبين رئيس الحكومة، لكن الزيارة لم تسفر عن جديد.
ارتفاع الدولار وتحولات المنطقة
وبرأي خبراء فإن ارتفاع الأسعار أتى لسببين، خارجي وداخلي، الخارجي يعود للحظر الذي يفرضه المجتمع الدولي على قدوم النقد الأجنبي للبنان، وهذا ما يقلل عرض الدولار في السوق المحلية.
والسبب الداخلي يتمثل في التخبط الحاصل بين الفرقاء المحليين، والواضح هذه المرة أن الاشتباك الحاصل لا سقف له، الأمر الذي بدوره أرعب المواطنين وجعلهم يتوجهون لطلب الدولار أو العملة الأجنبية لحماية أرزاقهم وثرواتهم.
فضلاً عن أن الحكومة تخلفت عن دفع سندات اليوروبوند الشهر الفائت، فكان عاملاً أساسياً في ارتفاع الطلب على الدولار، وقلة العرض عليه، ما أوصل الأزمة إلى ذروتها.
انعكست الأزمة السياسية على سعر الدولار، ويبدو أن الأزمة السياسية أيضاً مثل الأزمة الاقتصادية لا سقف لها، ولا مفر سوى الحصول على الدولار من الخارج، وهذا يحصل فقط من خلال صندوق النقد الدولي، بعد تخفيف حدة الاشتباك الداخلي وتقديم خطط اقتصادية.
الحكومة في سباق مع الوقت لحل الأزمة
تدخل الحكومة في سباق مع الزمن لحل الأزمة المتداعية، فالأزمات تلاحق رئيس الحكومة حسان دياب، ما أدى إلى انفجار الغضب الشعبي.
ورغم أن الانفجار كان متوقعاً، إلا أن الديدن اللبناني قائم، كل القوى تستعد لرمي الاتهامات والمسؤولية على أطراف غيرها، بين من يرى أن حاكم المصرف السبب في الأزمة، ومن يرى أن الحكومة هي السبب، وبين قوى المعارضة التي تريد استثمار الحدث ضد حكومة دياب المدعومة من حزب الله والتيار الوطني الحر.
دياب يهدد بفتح ملفات شائكة..  
تشكلت جبهة معارضة ضد حسان دياب من حزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل وتيار المستقبل، وحزب القوات اللبنانية، لكن حسان هدد بفتح ملفات فسادهم المتعلقة بتحويل أموال للخارج، وتهريب العملة الصعبة، الأمر الذي لم يلق قبولاً لديهم، دفع وليد جنبلاط رئيس حزب التقدمي الاشتراكي، إلى وصف ما هدد به دياب بتهديد “لا لون ولا طعم له”.
وفيما يبدو أن الأزمة السياسية الاقتصادية، التي كان محورها في الأساس رياض سلامة، قد تحولت إلى تراشقات مفتوحة بين التيارات السياسية، فبدأ نبيه بري رئيس مجلس النواب بعرقلة مشاريع الحكومة في لبنان، فيما يستكمل سعد الحريري خطة المعارضة التي تسعى لإسقاط الحكومة، يحاول الحريري إحراج دياب عن طريق محاصرته في الساحة السنية، التي ترى في دياب مطية لحزب الله والتيار الوطني الحر.
من جانبه يحرك سمير جعجع، المسيحيين الذين غابوا عن الثورة عقب إسقاط حكومة الحريري.
هذا الحراك برأي مراقبين، يبدو وأنه بمثابة الضوء الأخضر الدولي للقوى المعارضة لإسقاط حكومة دياب قبل الانتخابات الأمريكية للضغط على إيران وسحب ملفات رئيسية منها أبرزها لبنان.
ليلة ساخنة في طرابلس..
يؤكد مصدر قيادي رفيع المستوى في التيار الوطني الحر لعربي بوست أن أيادي سوداء تحاول العبث بمصير لبنان عبر بث الشائعات وخلق الأزمات، ويتهم المصدر وليد جنبلاط وسعد الحريري بالمسؤولية عن تحريك الشارع  في طرابلس، في محاولة يائسة حسب وصفه لإسقاط الحكومة وتعريض لبنان لفراغ دستوري للتمهيد بعودتهما للحكم والاستيلاء على البلد عبر خلق الفتن وخلق تحالفات هشة تعيد البلد لسابق عهده.
ويشدد المصدر إلى الخطة التي أعلنها الوزير السابق جبران باسيل لإصلاح القطاع المالي،  والتي يرى أنها بدورها تهدف إلى تحميل الفاسدين والمنتفعين والمصارف، والمصرف المركزي أسباب الأزمة وتوفير الدولار في البلد، فيما لم تتم معاقبتهم شخصياً على المليارات التي صرفت في قطاع الكهرباء خلال فترة تولي جبران باسيل وتياره وزارة الكهرباء، الذي لم يتحسن حتى اليوم.
وعاشت طرابلس الإثنين 27 أبريل/نيسان ليلة ساخنة، فهي المدينة الفقيرة التي تعاني أزمات متلاحقة، نتيجة إهمال الحكومات المتعاقبة، فدعا نشطاء إلى تظاهرات في وسط المدينة خرجت تحت شعار “ستكون خراباً” لباها آلاف المواطنين الدعاوى.
الأمر الذي واجهه الجيش بالعنف، عبر إلقاء قنابل مسيلة للدموع، ومحاولة فض التظاهرات بالرصاص الحي، ومن جانب المتظاهرين فقد واجهوا قوات الجيش بالمولوتوف، ما أسفر عن جرحى وقتلى نتيجة الاشتباكات.