اتفاق واشنطن - «طالبان» يترنّح: لا هدنة في رمضان

اتفاق واشنطن - «طالبان» يترنّح: لا هدنة في رمضان

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٥ أبريل ٢٠٢٠

تواصل حكومة أشرف غني الأفغانية وضعَ عراقيل تحول دون تطبيق بنود اتفاق واشنطن و«طالبان»، رغم «التطمينات» الأميركية. وتوازياً، تشترط وقفاً لإطلاق النار، لا تبدو الحركة في وارد الموافقة عليه
تبدو واشنطن أكثر خشية على اتفاقها مع «طالبان» من أيّ طرف آخر. هذا ما بيّنه الحراك الأميركي على مدى الشهر الماضي، الساعي إلى تبديد العقبات التي حالت دون انطلاق مفاوضات داخلية، لا تزال حكومة كابول تعرقلها. مفاوضاتٌ تُعدّ بنداً رئيساً من بنود اتفاق الدوحة الموقّع في الـ29 من شباط/ فبراير، إذ يعتمد تقدّمها على بدء الانسحاب التدريجي لقوات الاحتلال الأجنبية من أفغانستان، وتالياً إنهاء الحرب المتواصلة على هذا البلد منذ 19 عاماً. إلا أن الاتفاق الذي تَرك هوامش مناورة عدّة، ولا سيّما في مسألة «خفض العنف» (تُركت للتفاوض عليها داخلياً)، للضغط على حلفاء الأميركيين في كابول لتقديم بعض التنازلات، يبدو، في ظلّ المراوحة القائمة، أمام تحدّيات قد تُنهي مفاعيله بمرور الوقت.
قبيل توقيع الاتفاق بين واشنطن و«طالبان»، وافقت هذه الأخيرة على هدنة لمدّة أسبوع تمرّر خلالها حفل التوقيع في الدوحة، وتختبر نوايا الفريق المقابل، الذي بيّن باكراً رغبة في تعطيل الاتفاق، عبر رفضه تطبيق بند تبادل الأسرى الذي ينصّ على إطلاق سراح خمسة آلاف من مقاتلي الحركة، في مقابل أن تفرج «طالبان» عن ألف من عناصر قوات الأمن. بندٌ كان يفترض أن يشكِّل أرضية لبناء الثقة بين الطرفين، قبل انطلاق المحادثات الداخلية (كانت مقرّرة في العاشر من آذار/ مارس)، غير أن تعنّت حكومة أشرف غني، معطوفاً على أزمة سياسية داخلية على خلفية نتائج انتخابات الرئاسة، بدّدا الآمال في شأن آفاق عملية السلام الهشّة في البلاد. وسط هذه التعقيدات، ورغم تفشّي وباء «كورونا»، توجّه المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، منتصف الشهر الجاري، إلى قطر، حيث التقى مسؤولي «طالبان»، ثم إلى باكستان، كونها أحد رعاة الاتفاق. زيارةٌ أعقبت أخرى قام بها وزير الخارجية مايك بومبيو، إلى كابول والدوحة يوم 23 آذار/ مارس. ويؤكّد الحراك الأميركي في هذا التوقيت مدى قلق واشنطن من انهيار جهود الرئيس دونالد ترامب لإنهاء حرب أفغانستان وسحب قوات بلاده من هذا البلد، وهو، إن حصل، سيحرمه من «نصر» في مجال السياسة الخارجية قبل توجّهه إلى انتخابات الرئاسة المقرّرة يوم الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر. ويرى دبلوماسي غربي، وفق ما تنقل عنه «رويترز»، في هذا الحراك «إشارة واضحة إلى أن الرئيس الأميركي لا يريد أن ينهار الاتفاق تحت أيّ ظرف».
أمّا الهدنة الموقّتة التي كان يفترض أن تصمد لوقت أطول، فانهارت أيضاً، لتستأنف «طالبان» هجماتها ضدّ القوّات الأفغانية، على أن تتواصل في شهر رمضان، بعدما أعلنت، أول من أمس، رفضها طلب الحكومة وقف إطلاق النار خلال هذا الشهر، بسبب ما تقول إنها عراقيل في وجه اتفاقها الموقَّع مع واشنطن. وسارعت الحكومة إلى الردّ على لسان الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية، طارق آرين، مبدية استعدادها «للدفاع عن سيادة البلاد وحماية المواطنين». واتهمت «طالبان» حكومة غني بوضع عقبات في وجه تطبيق الاتفاق الذي كان من المفترض أن يفتح الطريق أمام حوار أفغاني - أفغاني، ويؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، متهمة كلاً من القوات الأميركية والأفغانية بخرق التوافق باستمرار. وفي مقال نشرته على موقعها الرسمي بعنوان «لنصل إلى وقف إطلاق النار عبر التوافق»، اعتبرت «طالبان» أن «الحكومة جعلت الأسرى في حالة خطر ومعرّضين لجائحة كورونا، بعدما وقفت في وجه عملية إطلاق سراحهم»، إذ تسعى، من خلال الطلب المتكرّر لوقف إطلاق النار، إلى أن «تشغل الناس عن المواضيع الأساسية». وجدّدت التزامها بكل ما جاء في الاتفاق بينها وبين واشنطن، داعية إلى تطبيقه مرحلة بمرحلة، حتى الوصول إلى حل نهائي ووقف دائم لإطلاق النار. من جهته، دعا «حلف شمال الأطلسي» مقاتلي الحركة إلى خفض العنف والانضمام إلى محادثات السلام، مشيراً إلى ضرورة الإسراع في إطلاق سراح الأسرى. وجاء في بيان سفراء دول الحلف أن «المستوى الحالي للعنف الذي تسببه طالبان غير مقبول... نرحّب بتشكيل فريق تفاوضي شامل لتمثيل جمهورية أفغانستان الإسلامية. وندعو طالبان إلى الدخول في مفاوضات من دون مزيد من التأخير مع هذا الفريق».