زيارة وزير الخارجية الأمريكي غير المثمرة إلى أفغانستان

زيارة وزير الخارجية الأمريكي غير المثمرة إلى أفغانستان

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ مارس ٢٠٢٠

وصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى العاصمة الأفغانية كابول يوم الاثنين على رأس بعثة سياسية ودبلوماسية. وتعد هذه أول زيارة يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي لأفغانستان منذ توقيع اتفاق سلام مع طالبان. وهنالك تكنهات مختلفة حول هذه الزيارة التي تأتي تزامنا مع الجدل حول الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأفغانية ورفْض عبد الله عبد الله النتائج. ومع ذلك، يبدو أن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية إلى أفغانستان لم تحقق انجازات ملحوظة.
 
انتهاء زيارة الوزير الأمريكي غير المجدية
 خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكية لأفغانستان، تقرر الإجتماع بكل من أشرف غني وعبد الله عبد الله. ولكن بعد الاجتماع الذي جمع أشرف غني وبومبيو، كتب قصر الرئاسة الأفغانية على صفحته في الفيسبوك: "ان هذا اللقاء الذي حدث في القصر الرئاسي وحضره أمر الله صالح، نائب الرئيس الأول، ودكتور حمد الله محب، مستشار الأمن القومي، تك فيه مناقشة قضايا تتعلق بعملية السلام والخطوات اللاحقة في العملية والتوافق الإقليمي من أجل السلام وكذلك الوضع الأمني ​​والسياسي في أفغانستان."
وبحسب وسائل الإعلام الأفغانية، نقلاً عن مصادر مطلعة، عقد بومبيو اجتماعاً مشتركاً مع أشرف غني وعبد الله إضافة إلى اجتماعات منفصلة لحل النزاع بين الطرفين، والتي انتهت دون التوصل الى نتيجة واضحة. وبعد هذه الزيارة التي استغرقت يومًا واحدًا، عاد بومبيو إلى الدوحة عاصمة قطر. ومن المحاور الأخرى التي شهدتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى أفغانستان، هي مواصلة محادثات السلام والمأزق المتعلق بالإفراج عن سجناء طالبان، والتي لا يبدو أنها أسفرت عن أي نتائج.
 
لماذا فشلت زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى أفغانستان؟
تواجه أفغانستان تحديين داخليين رئيسيين. التحدي الأول في كابول هو مسألة شرعية حكومة أشرف غني وحكومة عبد الله عبد الله الموازية. يبدو أن هذا التحدي، على الرغم من أنه ظهر مؤخرًا بعد الانتخابات الرئاسية الأفغانية، يمثل الأولوية القصوى الحالية في البلاد. اما التحدي التالي في أفغانستان هو التحدي المتمثل في اختتام محادثات ومفاوضات السلام بين طالبان وأمريكا، الذي على الرغم من توقيع اتفاق الدوحة، لكن هنالك علامات استفهام تحوم حول كيفية إتمام التوقيع على الاتفاقية.
النقطة المهمة هي أنه من أجل حل تحدي السلام مع طالبان، يجب أولاً التوصل الى اتفافق حول تحدي الشرعية الداخلية للحكومة والدولة الموازية لعبد الله عبد الله لأن تحدي الصلح لن يثمر عن نتيجة اذا لم يتم حل قضية الحكومة الدخلية لأفغانستان، وذلك لأن جزءًا كبيرًا من المواطنين الأفغان وأنصار عبد الله عبد الله، الذين يمثلون نصف سكان أفغانستان تقريبًا، شككوا ورفضوا شرعية حكومة أشرف غني.
 
تحدي شرعية حكومة كابول المستمر
 أثناء زيارة بومبيو إلى أفغانستان، فشل الأول في معالجة تحديات الانقسام بين أشرف غني وعبد الله عبد الله حول أحقية الشخص الذي يشكل الكابينة الوزارية الجديدة، في حين يدعي كلاهما أحقيتهم في الرئاسة.
 يمكن أن يعزى سبب هذا الفشل إلى التجربة السابقة لعبد الله عبد الله خلال فترة إدارة أوباما وتدخل جون كيري في الانتخابات الرئاسية الأفغانية السابقة، التي كانت في ذلك الوقت، تحمل نفس أزمة اليوم، أي خلاف أشرف غني وعبد الله عبد الله حول من يتولى الرئاسة، وكان الخلاف حاداً جداً، ولكن بعد تدخل وزارة الخارجية الأمريكية، تم اقتراح حل إنشاء حكومة وحدة وطنية. ومع ذلك، وجد عبد الله أنه في الحكومة السابقة، على الرغم من توليه للرئاسة التنفيذية، لكن السلطة الحقيقية كانت في يد أشرف غني ولم يتمكن الأخير من تحقيق انجازات تذكر. لهذا السبب، لا يملك عبد الله تجربة ناجحة من مشاركة الولايات المتحدة في تحدي الحكومة الداخلية الأفغانية، وبالتالي رفض عبدالله الاقتراحات المماثلة من وزير الخارجية الأمريكي الحالي مايك بومبيو بشأن المشاركة في السلطة.
ومن ناحية أخرى، يرى عبد الله عبد الله، ان الوساطة الأمريكية باعتبارها وسيط محايد، لن يُكتب لها النجاح بل أنها تهدف إلى إبقاء أشرف غني في السلطة، وفي الواقع يرى ان هذا التدخل هو لصالح أشرف غني، لذلك يعتبر فريق عبد الله الوساطة الأمريكية غير مقبولة، حيث رفض عبد الله وساطة زلماي خليل زاد بصفته مبعوثًا أمريكيًا لأفغانستان.
كذلك يعتبر عبد الله عبد الله، ان مرحلة تقاسم السلطة مع أشرف غنيقد انتهت، ويعتبر عبد الله نفسه رئيساً للبلاد، وفي هذه الحالة تكون شراكة تقاسم السلطة مع أشرف غني مستبعدة عمليا، ويعتقد هذا المرشح الرئاسي ان الحل الوحيد للأزمة، يكمن في إلغاء جزء من نتائج الانتخابات، وإعادة فرز الأصوات الباطلة. وفي هذه الظروف، من الواضح أن عبد الله يعتبر أن الشراكة التي تقودها الولايات المتحدة غير مقبولة.
 
آفاق حل تحدي مفاوضات السلام
 في الظروف التي لازالت شرعية حكومة كابول على المحك، وعدم جدوى التدخلات الأمريكية حتى الآن، بما في ذلك زيارة مايك بومبيو الأخيرة إلى أفغانستان، وصلت محادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان إلى طريق مسدود. وبعد زيارته الفاشلة إلى كابول، أعرب بومبيو عن أسفه لعدم حل المشكلة واستمرار الخلافات بين أشرف غني وعبد الله عبد الله، وأعلن بومبيو عن خفض المساعدات المالية الأمريكية لأفغانستان. إن سبب هذا الغضب الأمريكي من فشل الحكومة الأفغانية في مواجهة تحدي أفغانستان هو أن الجمود في القصر الرئاسي الأفغاني سيؤدي إلى طريق مسدود في محادثات السلام مع طالبان في الدوحة، الأمر الذي سيزيد فقط التكلفة على واشنطن.
وتتمحور احدى جوانب محادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان حول حكومة كابول، التي دعت واشنطن إلى إطلاق سراح سجناء طالبان وبدء المحادثات بين الحكومة وطالبان لمواصلة عملية السلام، ولكن إذا ظل وضع الحكومة في كابول غير واضح، ستكون محادثات السلام مع طالبان غامضة.
 في ظل هذه الظروف، وبينما تعلن طالبان التزامها بمحادثات السلام، سيكون من مسؤولية الولايات المتحدة الوفاء بالتزاماتها، وفي هذه الظروف يمكن توقع هشاشة المفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان، ولكن هذه الهشاشة هي من مسؤولية الولايات المتحدة بالدرجة الاولى تجاه فشل حكومة البيت الأبيض في الوفاء بوعودها التي قدمتها حكومة كابول، وفي الواقع سيكون البيت الأبيض قد فشل في معالجة تحدي الدولتين في كابول.