الاتحاد الأوروبي يُدير ظهره لإيطاليا في ساعة الحاجة.. أزمة "كورونا" تطرق أبواب أوروبا

الاتحاد الأوروبي يُدير ظهره لإيطاليا في ساعة الحاجة.. أزمة "كورونا" تطرق أبواب أوروبا

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٨ مارس ٢٠٢٠

على مدى عقود، اعتبر أنصار نظرية التضامن والتعاون مصير الاتحاد الأوروبي كرمز مركزي للوحدة الإقليمية والعالمية وخلال تلك الفترة الزمنية كانوا يتحدثون باستمرار عن نموذج الاتحاد الأوروبي كنموذج للعالم كله. في الواقع، كان يُعتقد في عصر العولمة أن الأوروبيين أصبحوا دولة عظيمة يتمتع مصيرها المشترك بالأمن والاقتصاد والثقافة والصحة والسياسة، ولكن هذه المرة يبدوا أن المدافعين عن نظرية التضامن والتعاون والتوسع في الاتحاد الأوروبي، أصبحوا في مأزق كبير بعدما إنتشر فيروس "كورونا" في عدد من الدول الأوروبية. وخلال الايام القليلة الماضية كشفت العديد من التقارير أن أوروبا تحولت إلى بؤرة وباء جديدة، بعدما دخل ما يزيد على مائة مليون أوروبي في حالة إغلاق وحجر صحي، فيما تحارب الدول بالقارة العجوز وباء كورونا المستجد، من خلال فرض المزيد من القيود على السفر والتحرك، بالتزامن مع إغلاق المحال التجارية والمقاهي ودور السينما وأماكن الترفيه العامة.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن مملكة إسبانيا أصبحت رابع دولة في العالم على مستوى انتشار فيروس كورونا وبهذا تنضم إلى إيطاليا في فرض الحجر الصحي الوطني لمكافحة وباء كورونا، مع دخول موجة أخرى من القيود على السفر والتنقل في أماكن أخرى من العالم حيز التنفيذ خلال الساعات الثماني والأربعين القادمة ولفتت تلك المصادر إلى أنه بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد في إسبانيا 7844 إصابة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 297 حالة وفاة، مقابل أكثر 24700 إصابة و1809 حالة وفاة في إيطاليا، التي نفذت إجراءات مماثلة الأسبوع المنصرم وفي فرنسا، حيث توفي 127 شخصا جراء فيروس كورونا الجديد، اتخذت السلطات قرارا بإغلاق المقاهي والمطاعم ودور السينما ومعظم المحلات التجارية، وقالت الحكومة إن خدمات القطارات وقطارات الأنفاق والحافلات بين المدن ستخفّض تدريجيا ابتداء من يوم الأحد، لكن خدمات مترو باريس ستستمر في الوقت الحالي.
"كورونا" يكشف الوجه الحقيقي للأوروبيين؛ الدول الاوروبية تفّضل إقامة الحدود القومية والعرقية
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أنه مع إعلان منظمة الصحة العالمية وباء "كورونا"، أسوأ أزمة صحية تواجه العالم، بدأت العديد من الدول بغلق حدودها خاصة في أوروبا التي تحولت إلى بؤرة للفيروس، الذي سجل حتى صباح الثلاثاء الماضي 7177 حالة وفاة حول العالم ولفتت تلك المصادر الاخبارية إلى أنه بعد إغلاق فرنسا وألمانيا جزئيا لحدودها، اقترح الاتحاد الأوروبي فرض حظر سفر لمدة 30 يوماً بين دول الاتحاد الأوروبي وكشفت رئيسة المفوضية التنفيذية للاتحاد الأوروبي عن اقتراحها بفرض حظر سفر لمدة 30 يوما على الأشخاص الذين يدخلون الاتحاد الأوروبي لأسباب غير ضرورية في جهود للحد من تفشي كورونا. 
يذكر أنه بعد اعلان عدة دول أوروبية لاسيما إيطاليا واسبانيا حالة طوارئ صحية، وفرض الحجر والحد من التنقل، بالإضافة إلى اتخاذ اجراءات وقائية استثنائية عدة من إغلاق للحانات والمطاعم وبعض أشهر المتاحف والمعالم السياحية وغيرها، ينتظر أن تحذو باقي الدول الاوروبية حذو تلك الدول في إغلاق المتاجر غير الضرورية والحانات والمتاحف والعديد من المنشآت الأخرى بسبب "كورونا". وفي تطور جديد، أعلنت ألمانيا إغلاق حدودها، لتنضم بذلك إلى عدد من الدول الأوروبية التي سبقتها في اتخاذ هذا الإجراء في محاولة لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد. وأغلقت ألمانيا حدودها مع فرنسا والنمسا وسويسرا صباح الاثنين الماضي، باستثناء حركة مرور البضائع والتبادل التجاري. إن فيروس "كورونا" كشف الوجه الحقيقي لدول الإتحاد الاوروبي التي طالما تغنت ببعض الشعارات الزائفة مثل حقوق الإنسان والتعاون المشترك، فها نحن نرى اليوم تلك الدول تفضل إغلاق الحدود فيما بينها، بدلا من التعاون لإيجاد علاج لهذا الفيروس الخطير
في الواقع، وكما قال "مايكل ماردر"، أستاذ الفلسفة في جامعة "باسك" (منطقة ذات حكم ذاتي في إسبانيا) في مقال في صحيفة "نيويورك تايمز": " قبل تفشي هذا الفيروس الخطير، كان هناك اتجاه عالمي لبناء الجدران وإغلاق الحدود الوطنية بين الولايات المتحدة والمكسيك وبين المجر وصربيا وكرواتيا وأجزاء أخرى من العالم وكانت تتغذى هذه القومية الوليدة على الخوف من المهاجرين وكان الكثيرين يرى أن قضية الطهارة العرقية لن تتحقق إلا عقب بناء جدران عالية بين البلدان. إن إغلاق الحدود وحواجز السفر والحجر الصحي التي يتم فرضتها العديد من البلدان الآن للحد من إنتشار فيروس كورونا هي تدابير طبية مهمة ولكنها رمزية. في الواقع، إن هذه التدابير التي قامت بها الدول الاوروبية والمتمثلة في إغلاق حدودها يتعارض بشكل كامل مع الشعارات التي كان تتغنى بها تلك الدول.
فيروس "كورونا" يكشف زيف شعارات الاتحاد الأوروبي
على صعيد متصل، أظهر فيروس "كورونا" أن التحالف الذي شاركت فيه العديد من الدول الأوروبية والأمريكية قبل عدة سنوات والذي أطلق عليه محور حلف شمال الأطلسي، كان مجرد حلم وذلك لأن هذه الدول أدارت في وقت الحاجة ظهرها لإيطاليا التي تُعد عضوًا بارزاً في الاتحاد الأوروبي وعضو في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وبالإضافة إلى ذلك ، كانت إيطاليا عضوًا في قادة مجموعة السبع أو الدول الصناعية الكبرى في العالم، لكننا للأسف الشديد نرى الآن هؤلاء الحلفاء تخلوا عن صديقهم في وقت حاجه إليهم.
في الواقع، لقد أظهر فيروس "كورونا" والأزمات التي خلقها في عدد من الدول الاوروبية، أن قضايا الأمن المشترك، والاقتصاد المشترك، والمصير المشترك، والاتحاد المالي، والاتحاد النقدي، التي كانت تتغنى بها دول الإتحاد الأوروبي، ما هي إلا شعارات زائفة لا تظهر إلا في أوقات السلم والاستقرار، وهنا يمكن القول أنه من الواضح أن كل بلد أوروبي يسير بطريقته الخاصة وأن هذا العالم الذي يبدو حضاريًا ليس متحضرًا في أوقات الأزمات، بل يمكن أن يكون أكثر وحشية من جميع المجتمعات التي كانت تسمى شعوب غير متحضرة.
التوجه نحو "بكين"؛ المستقبل الذي لا يمكن إنكاره
تجد إيطاليا نفسها، أكثر من أي وقت مضى، في وضع تحتاج فيه ما يسمى بحلفائها وذلك لكي يقدموا لها يد المساعدة والتعاون وربما إذا ألقينا نظرة على حصيلة الوفيات المأساوية في هذا البلد الذي وصل لأكثر من 200 شخص في يومنا هذا، فسوف نرى كيف أن الناجين من الإمبراطورية الرومانية أصبحوا غارقين في أزمة هذا الفيروس الخطير وخاصتاً عندما تخلى عنهم حلفائهم السابقين.
وفي هذه الحالة، يبدو أن الحدود الفارغة للاتحاد الأوروبي، ستقود السياسيين الإيطاليين إلى التوجه نحو الصين، لطلب يد المساعدة من "بكين". في الواقع، لقد أظهرت هذه الازمة أن الصين على عكس الثقافة الغربية، تقدم يد المساعدة في أوقات الأزمات للدول المختلفة، وهي مستعدة للتعاون ولعب دور حاسم في مستقبل العديد من دول العالم. وعلى هذا الأساس، ربما في حالة ما بعد القضاء على فيروس "كورونا"، قد نرى ميلًا متزايدًا لإيطاليا ودول أوروبية أخرى تجاه الصين وهذا الأمر سوف يساعد "بكين" على المضي قدما في خطة "حزام واحد وطريق واحد"، وقد يساعدها على إحياء طريق الحرير السابق وربما قد تقبل "بكين" مساعدة إيطاليا ودول أوروبية أخرى لإنجاح هذه الخطة.