نتنياهو يقاتل بـ«الصوت العربي»... لمقاعد فارغة؟

نتنياهو يقاتل بـ«الصوت العربي»... لمقاعد فارغة؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٨ فبراير ٢٠٢٠

تتكرر أحداث المشهد السياسي الإسرائيلي في دائرة صعب الكسر، إذ لم يستطع أي من الحزبين المتكافئين لناحية المقاعد النيابية خرقها، ما ينذر بانتخابات مبكرة للمرة الرابعة. ولكي يتجنب «الليكود» و«أزرق أبيض» هذا السيناريو، يجهدان في استمالة الناخبين الفلسطينيين. لكن السيّئ أن يتطوع فلسطينيون لإنقاذ بنيامين نتنياهو. فقد نظّم شخصان من طمرة «مهرجاناً انتخابياً» خطب فيه نتنياهو أمام مقاعد شاغرة، ملأ رجال أمنه بعضها، بعدما استقبلته المدينة بما يليق به!
إذا ما افتُرض أن ذاكرة قد يصيبها النسيان فتمحو سبعين عاماَ من جرائم الاحتلال، وأن ذلك يؤدي بطريقة ما إلى انصهار من وقع عليه الاحتلال مع من احتلّه في أكله وشربه ويومياته... فإن ما لا يمكن افتراضه أن يتجاهل الذي وقع عليه الاحتلال جريمة وقعت قبل أيام فقط، حين طُحن جسد شهيد في غزة بفك جرافة إسرائيلية ومُثّل بجثمانه كأن الجندي سائق الجرافة يلهو بلعبة إلكترونية. كيف يمكن لأحدهم أن يتغافل عن أن اليد الطولى في ذلك هي لرئيس الحكومة نفسه بنيامين نتنياهو، وأنه ومجلس وزرائه مسؤولون عن تحريك أكف الجرافات حول أجساد الفلسطينيين وقضم أراضيهم وحرمانهم أبسط الحقوق؟ تبدو محاولة فهم ذلك عبثيّة، لاستحالة تبريرها، ولكون من يفعل ذلك حتماً لا يرى نفسه فلسطينياً. هكذا، نظّم أعوان حزب «الليكود»، في «قاعات الجليل» داخل مدينة طمرة المحتلة عام 1948 مهرجاناً انتخابياً «للوسط العربي» أول من أمس، حضره نتنياهو نفسه. المنظّمان هما شخصان معروفان في المدينة بانتمائهما إلى الحزب الإسرائيلي. ما لم يتوقّعاه هو أن يخطب نتنياهو أمام مقاعد شاغرة إلا من رجال أمنه، وبضعة أشخاص لم يتجاوزوا العشرين. مشهد وجدته وسائل الإعلام العبرية فرصة للسخرية من نتنياهو الذي خطب لعشر دقائق، قبل أن يرحل. وهنا قالت صحيفة «هآرتس»: «رجال أمنه طرقوا أبواب القاعة سائلين أين يمكن ربط الأحصنة (الخيول التي يستخدمها الأمن لقمع التظاهرات) التي كان عددها أكثر من الحاضرين».
مقابل الحضور الهزيل، نظّم عشرات الفلسطينيين تظاهرة في «شارع 70» ضد مجيء نتنياهو إلى المدينة رافعين شعارات: «نتنياهو غير مرحّب بك» و«نتنياهو القاتل اخرج من هُنا»، إلى جانب حملهم أعلام فلسطين. كما عبّرت اللجنة الشعبية في طمرة، واللجنة الشعبية في بلدة كابول، والأحزاب المشاركة في التظاهرة، في بيان، عن «رفضها وجود نتنياهو في بلداتنا؛ هو المحرض الأول لسنّ قانون القومية العنصري، وسنّ قانون كامينتس لهدم البيوت، وغيرها من القوانين، فضلاً عن دوره كعراب لصفقة القرن، واستمرار حكومته في حصار إخواننا في غزة، وشن الحروب على شعبنا، التي استشهد فيها الآلاف». ما حدث في طمرة ليس المحاولة الوحيدة التي يجرّبها «الليكود»، فحدود المشهد الذي تدور في قلبه معركة يتنافس فيها الخصوم على من يمثّل الصهيونية أفضل صارت واضحة لكثرة ما تكررت، إذ يحاول حزب نتنياهو، وتحالف «أزرق أبيض» بزعامة الجنرال ورئيس هيئة الأركان الأسبق، بيني غانتس، الفوز بغالبية على مستوى المقاعد النيابية. لكن الاستحقاق الذي يتكرّر للمرة الثالثة على التوالي في أقلّ من عام، وتفصل عنه أيام فقط، دفع «الليكود» تحديداً إلى استمالة أصوات الفلسطينيين، بالتوازي مع التصويب على «أزرق أبيض» بادعاء أن الأخير يحاول كسب المعركة بالتحالف مع «القائمة المشتركة» التي تضم أربعة أحزاب عربية، علماً بأن مسؤولي الحزب الخصم أعلنوا في أكثر من مناسبة أنهم «لن يتحالفوا مع المشتركة».
بمعنى آخر: ما فعله «الليكود» إلى الآن هو استنفار الموالين له من فلسطينيّي الـ 48 المعروفين داخل قراهم وبلداتهم بأنهم مؤيدون له، وذلك للضغط على عائلاتهم ومعارفهم للتصويت (عادة يكون الموالون وجهاء في قراهم ومدنهم). إلى جانب ذلك، ظهرت حملات دعائية؛ بينها إعلانات بالعربية للتصويت لحزب نتنياهو، وشريط مصوّر تحدّث فيه عضو الكنيست عن «الليكود» آفي دختر إلى من سمّاهم «عرب إسرائيل»، داعياً إيّاهم إلى التصويت لحزبه على قاعدة «شو عملتلكم المشتركة؟ ولا شي». كما استضاف موقع «بانيت» (إحدى المنصات الصفراء الرائجة في فلسطين المحتلة) نتنياهو للترويج لحملته الانتخابية، فتحدث في مقابلة طويلة عن وعود مثل ضمان الحج إلى مكة بواسطة جواز السفر الإسرائيلي مباشرة من تل أبيب إلى السعودية، ومن ثمّ تخفيض تكلفة مناسك الحج والعمرة الباهظة. وفق التقارير الإعلامية يخوض «الليكود» خلال الأيام الأخيرة حملة واسعة بين فلسطينيي الـ 48، بعدما استخلص من نتائج دراسات واستطلاعات رأي أجريت أن «لدى المجتمع العربي خيبة أمل من أداء المشتركة، ما يُشكل ثغرة يمكن منها كسب أصوات هؤلاء أو استمالتهم». تقول مصادر فلسطينية لـ«الأخبار»، إن «الليكود أنشأ مقراً حزبياً فرّغ للعمل فيه فلسطينيين، وعيّن أخيراً مسؤولاً عن الأنشطة الميدانية. كما يتولّى بعض المتفرّغين في هذه الحملة الاتصال بهواتف الفلسطينيين لحثّهم على التصويت»، فهل يُنجي الفلسطينيون نتنياهو من انتخابات رابعة؟