زيارة الرئيس الأمريكي إلى الهند؛ ما الذي يبحث عنه ترامب في أحمد آباد؟

زيارة الرئيس الأمريكي إلى الهند؛ ما الذي يبحث عنه ترامب في أحمد آباد؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٦ فبراير ٢٠٢٠

وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين، إلى الهند في زيارة رسمية. حيث تأتي زيارة ترامب إلى الهند بعد أشهر قليلة من الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك تبدو هذه الزيارة من الرئيس الأمريكي رداً على زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى واشنطن.
 
وعلى عكس الزيارات السابقة التي قام بها باقي الزعماء السياسيين إلى الهند، استضافت مدينة أحمد أباد هذه المرة أحد الزعماء الأجانب بدلاً من نيودلهي. لم يتم الإعلان عن سبب انتخاب أحمد أباد كمدينة لاستضافة ترامب ، لكن بما أن أحمد آباد تعتبر مسقط رأس ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند اليميني ، يبدو أن مودي كان يحاول  من خلال احضار ترامب الى أحمد آباد إلى أن يريه شكلاً خاصاً من الاستقبال والحفاوة.
 
وفي الوقت نفسه، لا تهدف زيارة ترامب إلى الهند فقط إلى الرد على زيارة رئيس الوزراء الهندي فحسب، بل إن إدارة ترامب التي تركز على التجارة تتابع مجموعة متنوعة من الاهداف بالقرب من نيودلهي.
 
تاريخ التقارب بين أمريكا والهند
 
بدأت المرحلة الجديدة من العلاقات الأمريكية الهندية في التسعينيات منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، فخلال زيارة كلينتون للهند ، كان هناك اعتقاد واسع بين الهنود بأنه سيتم فتح فصل جديد في التنمية في البلاد والسعادة والازدهار ستكون في انتظار سكان هذا البلد في حال التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكنه مر أكثر من 20 عاماً على ذلك الكلام، ولا يبدو أن الهند تمكنت من أن تُظهر نفسها كدولة متقدمة على الرغم أنها من بين 20 دولة صناعية.
 
من جهة أخرى، عندما تم ابرام اتفاقية الشراكة النووية بين الولايات المتحدة الأمريكية والهند في 18 يوليو عام 2005 ، لم يبق هناك شك في أن الهند قد تحولت إلى أولوية رئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في جنوب آسيا، ومنذ ذلك الحين أصبحت الهند أولوية قصوى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
 
الهند، سد أمريكا امام الصين
 
تجدر الإشارة إلى أنه من وجهة النظر الأمريكية، فإن تعزيز العلاقات مع الهند بمثابة تطبيق عقيدة سد النفوذ ضد الصين. في الواقع، من الواضح من المنظور الأمريكي أنه في الوتيرة المتنامية لمراكز القوى الجديدة في آسيا ، فإن ظهور الصين يضع واشنطن بشكل طبيعي امام تحدي تحقيق مصالحها.
 
لمواجهة هذا التحدي ، لقد أضافت الولايات المتحدة الامريكية بعداً جديداً لاستراتيجيتها بغية مواجهة الهيمنة الصينية في آسيا.
 
في هذا السياق تتمثل سياسة الولايات المتحدة في مساعدة النمو الاقتصادي والعسكري لمراكز القوى الجديدة المتماشية معها في آسيا من أجل احتواء قوة الصين والسيطرة على المنطقة. ففي هذا الصدد ان مشاركة الهند في التوازن الآسيوي الناشئ يستحق التقييم . حيث يتم الحديث في الأوساط الاستراتيجية الامريكية إنه يتعين على امريكا اتخاذ إجراءات أكثر جدية لمنع التأثير الصيني ، ولهذا السبب تم تصميم المربع الأمريكي والأسترالي والياباني والهندي، فيحاول ترامب عبر هذه الزيارة إلى جعل علاقات ضلعي هذا المربع اكثر قوة.
 
سوق الهند الكبير في ظل التوترات التجارية
 
في الوقت نفسه ، حققت الهند تقدماً اقتصادياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة ، وينظر ترامب إلى الهند كسوق من الدرجة الأولى للبضائع الأمريكية ، لذلك يحظى تعزيز العلاقات الهندية الأمريكية بأهمية كبيرة. كانت الولايات المتحدة الامريكية واحدة من أهم شركاء الهند التجاريين ، حيث بلغ حجم التبادل 142 مليار دولار في عام 2018.
 
لكن خلال زيارة ترامب إلى الهند، أرخت نقطة مهمة بظلالها على هذه الزيارة وهي التوتر التجاري بين نيودلهي وواشنطن. تعتبر الهند حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة الامريكية في آسيا ، لكن العلاقات التجارية بين واشنطن ونيودلهي ، اللتان تتبعان السياسة الحمائية الاقتصادية في المجال التجاري ، تأثرت ببعض التوترات في الأشهر الأخيرة. اذ لا يتوقع حصول اتفاقي تجاري كبير بين البلدين خلال زيارة دونالد ترامب إلى الهند.
 
في الواقع ، كانت هناك توترات بين البلدين على الرغم من تطور العلاقات السياسية والاستراتيجية بين البلدين. ترامب الذي كان قد قال في وقت سابق أن التعريفات التجارية أو الضرائب على الصادرات الى الهند "غير مقبولة". وصف الهند بأنها بلد "التعريفات".
 
في يوليو 2019، أنهت الولايات المتحدة الامريكية برنامجاً كان يسمح للهند باستيراد سلعها دون دفع الضرائب. حيث خلفت الخطوة الأمريكية ردة فعل من قبل الهند، وحددت الهند تعرفة جمركية لـ28  منتجاً أمريكياً، حيث ادى هذا الاجراء الى حدوث توتر بين البلدين.
 
من جهة أخرى ، يأمل زعيما أمريكا والهند في أن تؤدي هذه الزيارة إلى تحسين العلاقات بين البلدين ، والتي كانت متوترة بسبب القضايا التجارية.
 
لا يستهدف ترامب سوق السلع التجارية والاقتصادية في الهند فقط ، بل لدى ترامب خطة مفصلة لبيع الأسلحة الأمريكية للهند ، ومن المتوقع أن يوقع البلدين اتفاقيات عسكرية بقيمة تبلغ أكثر من 3 مليار دولار.
 
وكانت الهند قد وقعت في وقت سابق مع روسيا صفقة لشراء لمنظومة صواريخ S-400 ، وربما يأمل ترامب الآن في ان يتمكن من منع الهند من مواصلة التعامل التسليحي مع روسيا ، ومن المحتمل سيكون عدم رضا ترامب عن صفقة الأسلحة الهندية الروسية جزءاً من مباحثات زعيمي الهند وأمريكا.
 
استفادة ترامب شخصياً من زيارة الهند
 
من جهة أخرى ، تعتبر زيارة الهند مهمة للغاية لترامب بسبب قربه من الانتخابات الرئاسية الأمريكية. فهو يسعى إلى جذب مجموعة كبيرة من المواطنين الأميركيين الهنود الذين لديهم نفوذ كبير في الولايات المتحدة الامريكية.
 
قبل الوصول إلى الهند ، كتب دونالد ترامب في حسابه على تويتر باللغة الهندية: "نحن مشتاقون لزيارة الهند ونحن في طريق زيارتنا لها ، وبعد عدة ساعات سنلتقي الجميع". توضح تغريدة ترامب هذه أنه يعتمد اعتماداً خاصاً على دعم الهنود الأمريكيين وهو يعمل الآن في زيارته لكسب دعمهم خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
 
في الواقع، ان هذه الزيارة مهمة لدونالد ترامب في عام اجراء الانتخابات الرئاسية، لأن المهاجرين من ولاية غوجارات في أمريكا عادة ما يكونون أثرياء ومؤثرين ويدعمون ترامب. و الكثير منهم ساعد الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي، حيث يرى الخبراء أن زيارة ترامب للهند تهدف إلى تشجيع هذه المجموعة على دعم ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.