«الكورونا» ليس وحيداً: نصف سكّان العالم مُهدّدون بـ«حمى الضنك»

«الكورونا» ليس وحيداً: نصف سكّان العالم مُهدّدون بـ«حمى الضنك»

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٣ فبراير ٢٠٢٠

في وقت يبحث العالم عن سُبل وقف تفشّي فيروس «كورونا» واكتشاف علاج له، يُمثّل «حمى الضنك» تحدّياً عالمياً جديداً، بعد أن انطلق من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. مرض كان ينتقل بلدغة بعوضة حاملة له، ليتبيّن أخيراً أنه ينتقل بالعلاقات الجنسية أيضاً
إيانيرو مونتيرو، امرأة كندية كانت تقضي إجازة في كوبا. بعد عودتها إلى بلدها، عانت من صداع شديد خلف عينيها، وهلوسات، وغيرهما من علامات المرض. شُخّصت حالتها بأنّها إصابة بـ«حمى الضنك»، الفيروس المُنتشر بكثرة في أميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي. ليست إيانيرو حالة يتيمة، بل واحدة من آلاف الحالات، بعد أن بات المرض واسع الانتشار. في الأرجنتين تفشّى المرض، وأُعلنت حالات الطوارئ في هندوراس والبرازيل وجامايكا وباراغواي.
يُعتبر «فيروس كورونا» الحدث الأكثر حيازةً على اهتمام الرأي العام العالمي في الوقت الراهن. طغى مسار تتبّع تفشيه، على ما عداه من أخبار، حتى تلك المُتعلقة بأمراض أخرى. ولكن، ليس «كورونا» الفيروس الوحيد السريع الانتشار الذي تواجهه البشرية حالياً. «حمى الضنك»، وإن لم تُسلّط الأضواء عليه، يُمثّل تحدّياً عالياً للمناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. في البداية، بيّنت الأبحاث أنّ المرض ينتقل بلدغات البعوض، قبل أن تُعلن السلطات الصحية في إسبانيا، بتاريخ 9 تشرين الثاني الماضي، «ثبوت انتقال العدوى عبر العلاقات الجنسية»، بعد أن شُخّصت حالة في مدريد لرجل أُصيب بالفيروس بعد ممارسته الجنس مع شخص مُصاب. وأوضحت الطبيبة الإسبانية سوسانا خيمينيث، لوكالة «أ ف ب»، أنّه «سبق أن كُتب مقال علمي في كوريا الجنوبية، حول حالة محتملة لانتقال العدوى عبر اتصال جنسي».
الإصابات بـ«حمى الضنك»، أو ما يُعرف أجنبياً بـ«Dengue Fever»، آخذة في الارتفاع من قرابة 560.000 إصابة في أميركا الشمالية والجنوبية عام 2018، إلى أكثر من 3.1 ملايين حالة في الـ2019. وفي جزيرة سانت مارتن، توفيت امرأة فرنسية تبلغ 75 عاماً بعد إصابتها بـ«حمى الضنك»، كما ذكرت وكالة «أسوشيتد بريس»، وهي ثاني حالة وفاة يُعلن عنها. أمّا وكالة «رويترز»، فنقلت عن مُنظمة الصحة الرسمية في الباراغواي، خبر وفاة 16 شخصاً بسبب «حمى الضنك»، فيما يجري التحقّق من 89 حالة وفاة، إن كانت من جرّاء الفيروس. الارتفاع الخطير في أرقام المُصابين، دفع مجلس الشيوخ في الباراغواي إلى طلب إعلان 90 يوماً من حالة الطوارئ. فأرقام السلطات الرسمية، تُشير إلى وجود 85 ألف حالة إصابة في الباراغواي، مقابل 57 ألفاً اكتُشفت بداية شباط الجاري. أما «الكابوس» الأكبر، فهو أن يُصاب شخصٌ ما بـ«كورونا» و«حمى الضنك» في الوقت نفسه، كتلك السيّدة من سنغافورة التي تبلغ 57 عاماً. هذا ما أعلنته وزارة الصحة في البلاد، الخميس 20 شباط / فبراير، لتكون أول حالة يتم التأكّد من إصابتها بالمرضَين في الوقت نفسه. هذا الفيروس هو «أعظم كابوس في الكاريبي، وأسوأ كارثة أصابت المنطقة في تاريخها»، كما كتبت صحيفة «جامايكا أوبزرفر». كيف تأزّم الوضع؟ في كانون الثاني / يناير 2019، دقّت منظمة الصحة العامة لمنطقة البحر الكاريبي (CARPHA) ناقوس الخطر، مُحذّرةً من زيادة في إصابات «حمى الضنك»، داعيةً المجتمعات المحلية إلى المساعدة في القضاء على مواقع تكاثر البعوض، لمكافحة انتشار الفيروس. أحد الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى تفشّيه، هو «تغيّر المناخ وسوء الإدارة البيئية»، استناداً إلى منظمة الصحة للبلدان الأميركية (PAHO). يُضاف إلى هذا السبب، العمران العشوائي، وتبدّل معدلات هطول الأمطار. واعتُبرت غواديلوب، سانت مارتن، دومينيكا، البرازيل… أكثر من تأثّر بتفشّي المرض العام الماضي. وتُشير التقديرات الحالية إلى أنّ عدد الأشخاص المُعرّضين لخطر العدوى يصل إلى 3.9 مليون نسمة في 128 بلداً، في وقت اعتبرت منظمة الصحة العالمية أنّ «نصف سكان العالم تقريباً الآن أمام خطر الإصابة بهذا المرض».
 
ما هو فيروس «حمى الضنك»؟
مرض يُنقل بلدغة أنواع مُحدّدة من البعوض حاملة للفيروس، وموجودة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. قبل الـ1970 كانت 9 بلدان فقط تُعاني من «حمى الضنك»، أما اليوم فقد اكتُشف في أكثر من 100 بلد في أقاليم أفريقيا، والأميركيتين، وشرق المتوسط، وجنوب شرق آسيا، وغرب المحيط الهادئ.
تشخيص المرض يتمّ من خلال فحص الدم، وأكثر من يؤثّر عليهم الفيروس، هم الأطفال دون سنّ العاشرة، ويظهر أيضاً لدى المُصابين سابقاً في «حمى الضنك»، ويُصابون مرّة ثانية قبل تعافيهم تماماً. تُشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ عوارض المرض شبيهة بالإنفلونزا، «ويُمكن أن يتفاقم ليُصبح مرضاً قاتلاً يُطلق عليه اسم حمى الضنك الوخيمة»، يتلف الأوعية الدموية ويؤدّي إلى انخفاض حادّ في ضغط الدم وفشل أعضاء الجسم. وكما في حالة «الكورونا»، لا يوجد بعد علاج مُحدّد لـ«حمى الضنك»، ولكن تقول منظمة الصحة العالمية إنّ الكشف المُبكر عنه، والحصول على الرعاية الطبية المناسبة «يُقلّلان معدلات الوفاة إلى ما دون الـ1٪». أنواع «حمى الضنك» أربعة، ويؤدّي تعافي المريض من نوع منها إلى اكتسابه مناعة إزاء النمط الذي أُصيب به، وليس جميعها.
 
أعراض «حمى الضنك»
في العادة، تبدأ أعراض المرض من 4 إلى 6 أيام بعد الإصابة، وتستمر لمدة تصل إلى 10 أيام، وأبرزها:
- حمى مفاجئة
- صداع شديد
- ألم خلف العينين
- آلام المفاصل والعضلات
- قيء وغثيان
- طفح جلدي يظهر بعد يومين إلى خمسة أيام من بداية الحمى
- نزيف خفيف، في الأنف أو اللثة أو يظهر على شكل كدمات
- دم في البول
- صعوبة في التنفس
- الأرق
 
 
التغيّر المناخي واحد من الأسباب الرئيسية لتفشّي المرض
 
كيف يُعالج «حمى الضنك»؟
بغياب أي علاج مُحدّد لمكافحة المرض، ينصح الأطبّاء بـ:
- استخدام مسكّنات الألم
- تجنب الأدوية التي تحتوي على «الأسبرين»، لأنّها قد تؤدي إلى تفاقم النزيف
- الاسترخاء وشرب الكثير من السوائل
- إذا تضاعفت حال المريض خلال 24 ساعة من انخفاض الحرارة، يجب زيارة المستشفى فوراً
 
السياسة الصحية الوقائية
تُقدّم منظمة الصحة العالمية نصائح عدّة لتجنّب الإصابة بـ«حمى الضنك»، ومنها:
- مكافحة البعوض الناقل
- منع البعوض من الوصول إلى موائل وضع البيوض اعتماداً على تدابير إدارة البيئة وتعديلها
- التخلص من النفايات الصلبة
- تغطية حاويات تخزين المياه المنزلية وتفريغها وتنظيفها أسبوعياً
- استخدام المبيدات الحشرية المناسبة في الحاويات الخارجية لتخزين المياه
- استعمال تدابير الوقاية المنزلية الشخصية مثل سواتر النوافذ، والملابس الطويلة الأكمام، والمواد المعالجة بالمبيدات، والوشائع، وأجهزة التبخير
- استخدام المبيدات الحشرية في رشّ الأماكن