زيارة "مايك بومبيو" إلى الرياض؛ ما هي الاهداف التي تريد واشنطن تحقيقها من هذه الزيارة ؟

زيارة "مايك بومبيو" إلى الرياض؛ ما هي الاهداف التي تريد واشنطن تحقيقها من هذه الزيارة ؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٣ فبراير ٢٠٢٠

سافر وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إلى المملكة العربية السعودية يوم الاربعاء الماضي الـ 19 فبراير 2020، وهذه الزيارة تعد الاولى من نوعها لهذا المسؤول الامريكي إلى منطقة الخليج الفارسي عقب شهادة اللواء "قاسم سليماني" قائد قوات الحرس الثوري الايراني في العاصمة العراقية بغداد قبل عدة أسابيع ووفقًا لبعض التقارير الاخبارية، فإنه من المقرر أن يلتقي "بومبيو" بالملك "سلمان" و"محمد بن سلمان" ولي عهد المملكة العربية السعودية. الجدير بالذكر أن هذه الزيارة التي قام بها "بومبيو" إلى المملكة العربية السعودية، جاءت في الوقت الذي تبذل فيه بعض دول المنطقة ومنها السعودية الكثير من الجهود لنزع فتيل التوترات بينها وبين إيران وأيضا جاءت هذه الزيارة عقب قيام وسائل الاعلام الامريكية بنشر الكثير من الاخبار الزائفة التي تفيد بأن القوات الامريكية قامت باحتجاز سفينة إيرانية كانت تحمل معدات عسكرية متوجهه إلى اليمن. ومع ذلك، فإن السؤال الآن هو ما هي الاهداف الرئيسية من زيارة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إلى الرياض ؟.
الدق على طبلة مناهضة إيران وإصدار ورقة اقتراح
مما لا شك فيه، إن الهدف الأكثر أهمية لزيارة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" للمملكة العربية السعودية يتمثل في زيادة المواقف المناهضة لإيران، وزيادة مخاوف دول المنطقة من طهران وحث حّكام الرياض على مواصلة معاداتهم لطهران ويمكن ملاحظة أبرز ملامح هذه القضية في البيان الخاص الذي اصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول الصداقة السعودية الأمريكية ودعم واشنطن للرياض ضد تهديدات طهران.
وهنا تجدر الاشارة إلى أنه قبل قيام "بومبيو" بالتوجه إلى المملكة العربية السعودية، نشرت وزارة الخارجية الأمريكية على موقعها على شبكة الإنترنت تقريراً يتحدث حول العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية، مؤكدة على مواقف واشنطن والرياض المشتركة بشأن القضايا الإقليمية، وخاصة "مواجهة العدوان الإيراني" على حسب وصفها. ولقد جاء في هذا البيان الخاص الذي حمل عنوان "الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ شراكة دبلوماسية لمدة تجاوزت الـ75 عام"، تصريحات لمسؤول أمريكي دعا فيها إدارة "دونالد ترامب" إيران إلى الوقوف في وجه إيران والعمل مع المملكة العربية السعودية كشريك مهم لأمريكا في منطقة الشرق الاوسط ولقد أشاد هذا المسؤول الامريكي أيضا بتعاون الرياض مع واشنطن لفرض مزيد من العقوبات على جمهورية إيران الإسلامية. وفي سياق متصل أكد ذلك البيان الخاص الذي نشرته وزارة الخارجية الامريكية وبنغمة معادية لإيران على: "إن الشراكة الأمريكية السعودية أمر حيوي وهام لإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في مواجهة إيران في اليمن والعراق ولبنان وسوريا".
بالإضافة إلى ذلك، وفي نفس اللحظة التي وصل فيها وزير الخارجية الأمريكي إلى الرياض، قال: "هناك حاجة ملحة للتعاون مع المملكة العربية السعودية ضد سلوك إيران في المنطقة ولهذا فإن الحكومة الأمريكية ستلتزم بالحفاظ والدفاع على الأمن السعودي". إن جميع التصريحات التي جاءت في هذا البيان الخاص، تدل على أن زيارة "بومبيو" للمملكة العربية السعودية ركزت على زيادة مخاوف الرياض من طهران وإقناع قادة المملكة على مواصلة عدائهم لإيران. وفي صعيد متصل، قال "بومبيو" للصحفيين المرافقين له في الرحلة، إنه سيبحث في اجتماعات مع الملك السعودي وولي العهد خلال زيارته قضايا تتعلق بالاقتصاد وبحقوق الإنسان، مثل قضية الطبيب السعودي الأمريكي "النسية" الذي لا يزال قيد المحاكمة في المملكة بعد احتجازه قرابة عامين. وبخصوص إيران، قال "بومبيو" قبل رحلته إلى الرياض: "لسنا في عجلة من أمرنا، حملة الضغوط مستمرة. إنها ليست حملة ضغوط اقتصادية فحسب، بل عزلة من خلال الدبلوماسية أيضاً". وأضاف: "سنمضي كثيراً من الوقت في الحديث عن القضايا الأمنية، وبشكل خاص تهديدات جمهورية إيران الإسلامية، لكننا سنتحدث أيضاً عن أمور كثيرة".
الحيلولة دون نزع فتيل التوترات بين العالم العربي وطهران
إلى جانب إقناع المملكة العربية السعودية بمواصلة معارضتها لجمهورية إيران الإسلامية، هناك هدف آخر من زيارة "مايك بومبيو" إلى المملكة يتمثل في الحيلولة دون نزع فتيل التوترات بين العالم العربي وطهران. في الواقع، بعد مرور عدة سنوات على قيام الولايات المتحدة بقرع طبول المعارضة الواسعة لإيران في المنطقة وفاشل واشنطن في تشكيل ناتو عربي، يبدو أن الدول العربية أصبحت الآن تدرك أنها تتبع طريقًا لا معنى له ومحفوفًا بالمخاطر ولن يسفر عن أي نتائج إيجابية لها ونتيجة لذلك، فلقد أصبحت تلك الدول العربية تعتقد أن عليهم تبني استراتيجية جديدة للتخلي عن التصعيد مع طهران والبدء بتطبيع وتحسين علاقاتهم السياسية والاقتصادية مع إيران. وبالإضافة إلى ذلك، فإن خطة هرمز للسلام التي اقترحتها إيران، والتي رحبت بها بعض دول الخليج، قد أثارت قلق مسؤولي إدارة "ترامب" الذين بذلوا الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لمنع العالم العربي من الاقتراب من طهران وذلك بالاستعانة بالقناة السعودية المعادية لطهران، ومتابعة تطبيع علاقات تلك الدول العربية مع الكيان الصهيوني.
الاستمرار في حلب المملكة العربية السعودية
يبدو أن الهدفين السابقين تم التركيز فيهما على إقناع الحكام السعوديين على الاستمرار بمعارضة إيران، ويبدو أيضا أن "مايك بومبيو" ومسؤولين أمريكيين آخرين يعتزمون مواصلة حلب المملكة العربية السعودية واخذ الكثير من الاموال منها مثلما عملوا على مدى السنوات القليلة الماضية وهنا تؤكد العديد من التقارير الاخبارية بأن الرئيس الامريكي "ترامب" حريص على اعتبار المملكة بقرة حلوب واخذ الكثير من دولارات النفط السعودية ووضعها في البنوك الامريكية.
في الواقع، مع بقاء بضعة أشهر فقط حتى اجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبدو "دونالد ترامب" متفائلًا للغاية من البقرة السعودية ويريد استغلال الاموال السعودية التي ساعدته خلال السنوات الماضية في تحسين الاقتصاد الامريكي، للفوز في هذه الانتخابات الرئاسية وذلك لأنه إذا حدث خلال هذه الفترة الزمنية أي ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، فإنه من المحتمل أن تتحول قواعد اللعبة لصالح منافسه الديمقراطي. ولهذا فإنه يمكن القول في الختام أن أحد أهداف زيارة "بومبيو" للمملكة العربية السعودية يتمثل في إقناع المسؤولين السعوديين بمواصلة شراء الأسلحة الامريكية وحتى التكفل بدفع التبرعات لحملة "دونالد ترامب" الانتخابية.