واشنطن تتنازل: «طالبان» تكسب الجولة الأخيرة

واشنطن تتنازل: «طالبان» تكسب الجولة الأخيرة

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٣ فبراير ٢٠٢٠

هي المرة الثالثة التي يتحدّث فيها الأميركيون عن قرب توقيع اتفاق سلام بين واشنطن وحركة «طالبان». وفي كل مرّة، يعود هؤلاء لينسفوا العملية برمّتها، تارةً لأن ترامب اتّخذ قراراً بتعليق التفاوض لأسباب غير واضحة، وتارةً أخرى بعد محاولة فرض شروط تعرف أميركا مُسبقاً أن الحركة سترفضها. المُتغيّر في الإعلان الثالث أن الجانب الأميركي، قرّر، مُرغماً، النزول عن الشجرة، والتفاوض على أسس مقبولة، تعطي رئيسَه الباحث عن انتصار خارجي فوزاً سريعاً ومضموناً، قبل معركة رئاسيات 2020.
 
تخطّت واشنطن، على ما يبدو، شرطاً رئيسياً وضعته إدارة دونالد ترامب لتوقيع اتّفاق بدأ يسلك طريقه مع حركة «طالبان». إصرار الجانب الأميركي، مدفوعاً برغبة حلفائه في كابول، على وقف كامل لإطلاق النار ترفضه الحركة الأفغانية، كاد ينسف عملية التفاوض بأكملها. لكن الانفراجة التي كثرت الإشارات إليها مِن غير اتجاه، حدثت بعد قبول الأميركيين عرض «طالبان» هدنة موقّتة لإمرار حفل التوقيع المُتوقّع في الأيام المقبلة، بعد مرور ما يزيد على عام مِن انطلاق محادثات تهدف إلى الاتفاق حول انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان وإنهاء أطول حروب أميركا الخارجية. اتفاقٌ، وإن كانت تفاصيله لا تزال مُبهمه، فهو يأتي في توقيت حسّاس للرئيس الأميركي الساعي إلى تعزيز فرص إعادة انتخابه في تشرين الثاني/ نوفمبر، وخصوصاً أنه جعل سحب قوات بلاده مِن أفغانستان أحد الأهداف الرئيسية لسياسته الخارجية. وكرّر الإشارة إلى رغبته تلك في خطابه الأخير عن حال الاتحاد، عندما دعا إلى التوقّف عن القيام بدور «أجهزة حفظ النظام في دول أخرى». وفي هذا الإطار، يقول مصدر دبلوماسي تحدّث إلى «فرانس برس» إنه «يجب علينا الاستعداد لكلّ شيء، بحسب نتائج المفاوضات»، لأن «لدينا شعوراً بأن هذه المفاوضات تدور في دائرة مفرغة. دونالد ترامب بحاجة إلى الحصول على شيء قبل الانتخابات، وطالبان تدرك ذلك».
 
غني: موقفنا المبدئي في شأن السلام بدأ يؤتي نتائج مثمرة
 
الرئيس الأفغاني، أشرف غني، الذي نسب الفضل لنفسه في هذا التطوّر، تحدّث عن «موقفنا المبدئي في شأن السلام» الذي بدأ «يؤتي نتائج مثمرة»، مؤكداً إحراز «تقدم ملموس» في المفاوضات بعد تلقّيه اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، مساء أول من أمس، أبلغه فيه بتطورات عملية التفاوض الجارية في الدوحة. وذكَر أن الوزير الأميركي أبلغه أيضاً بمقترح «طالبان» الهادف إلى «خفض العنف بمستوى ملحوظ ودائم». كذلك، أشار رئيس السلطة التنفيذية الأفغانية، عبد الله عبد الله، بعد مكالمة مماثلة مع بومبيو، إلى «تفاؤل» الأخير «بإمكان أن يؤدي خفض العنف والتقدم في المفاوضات الحالية إلى التوصل إلى اتفاق يفتح المجال أمام مفاوضات أفغانية داخلية تؤدي إلى سلام دائم». وأفاد مصدران في الحكومة الأفغانية ودبلوماسي غربي بأن من الممكن توقيع اتفاق في شباط/ فبراير الجاري، شرط تقليص الهجمات من جانب الحركة لعشرة أيام على الأقل، في مقابل انسحاب حوالى أربعة آلاف جندي مِن قوات الاحتلال الأميركي والتي يبلغ عديدها، راهناً، ما بين 12 و13 ألفاً. وتبدو الحركة على استعداد لتقليص هجماتها اعتباراً مِن الغد في حال وُقِّع الاتفاق، وهو ما كانت طرحته أواخر الشهر الماضي حين قدّمت عرضاً رفضه الجانب الأميركي بوقف إطلاق النار لفترة وجيزة تتراوح بين سبعة وعشرة أيام لتسهيل التوقيع على اتفاق سلام، وتوفير بيئة آمنة للقوات الأجنبية لمغادرة البلاد. وفي هذا السياق، ذكرت «نيويورك تايمز»، نقلاً عن مصادر أفغانية وأميركية، قولها إن الرئيس الأميركي وافق يوم الإثنين على اتفاق «مشروط» مع «طالبان»، موضحةً أنه لن يعطي موافقة نهائية على الاتفاق إلا إذا التزمت الحركة الأفغانية بخفض العنف «لمدة سبعة أيام في وقت لاحق هذا الشهر». مقترحٌ أكد مصدر في الحركة أن «طالبان» وافقت عليه، وأن ذلك سيكون بمثابة وقف لإطلاق النار، لكن لن تطلَق عليه هذه التسمية على خلفية عدة «تعقيدات».
الانفراجة المحتملة كانت محلّ ترحيب «أطلسي»، إذ أكّد الأمين العام لـ«الحلف»، ينس ستولتنبرغ، لدى وصوله إلى اجتماع وزراء دفاع دول «الناتو» الذي سيناقش مهمة الحلف لـ«التدريب والدعم» في أفغانستان، اليوم، أن «على طالبان أن تُظهر إرادة حقيقية وقدرة على خفض العنف لإتاحة المجال لأيّ تقدّم نحو التوصل إلى حلّ سلمي دائم ومستدام في أفغانستان». من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، لدى وصوله إلى مقرّ الاجتماع، «(إننا) نريد سلاماً مستداماً من أجل أفغانستان». وأضاف: «إذا وقّعت طالبان على وقف دائم لإطلاق النار، فسيمثّل الأمر شرطاً مهماً جداً للتقدّم في أفغانستان. لا نريد البقاء لوقت أطول من اللازم».