هل مازالت تركيا ترغب في الانضام الى الاتحاد الاوروبي بعد الاستفتاء؟

هل مازالت تركيا ترغب في الانضام الى الاتحاد الاوروبي بعد الاستفتاء؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٥ فبراير ٢٠٢٠

هل مازالت تركيا ترغب في الانضام الى الاتحاد الاوروبي بعد الاستفتاء؟

لم يعتقد الكثيرون ان يأتيَ يومٌ تعلن فيه بريطانيا عن خروجها من الاتحاد الاوروبي على الرغم من الاستفتاء الذي اجري حول هذا الموضوع، ولم يكن أحد يعتقد أنه سيتم تنفيذ القرار وأنه في يوم من الأيام سترفع الأعلام الإنجليزية من جميع أجهزة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي وتُسمع في القاعات معزوفة الوداع لإجلترا. لكن الأمر حدث بالفعل وخرجت بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وإننا نبدأ الآن حقبة لا يكون فيها الثعلب الاستعماري القديم عضواً في الاتحاد الأوروبي.
هل ينهار الاتحاد الاوروبي؟
ان إحدى الدول التي اخذت حيزا من حديث الخبراء والمحللين مرارًا وتكرارًا حول الانضمام للاتحاد الاوروبي هي تركيا. ليس قليل عدد الخبراء الذين يعتقدون أنه مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدأت حقبة جديدة، ويجب ألا تعلن تركيا عن أي رغبة وحماس للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي الذي هو الان على شفا الانهيار. ولكن هل هو حقا كذلك؟
وجوابا على هذا السؤال يجب القول أنه على الرغم من أن بريطانيا خرجت من الاتحاد، إلا أنها لا تزال تتمتع بكيانها السياسي والاقتصادي والقانوني والعملة الموحدة وموقف دول شنغن من الحدود واجزائها الأمنية والتجارية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت تنظر نظرة حادة تجاه الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، لكن أوروبا لم وتتأثر بها وتنقسم بشدة، على الأقل في المجالين الاقتصادي والعلاقات. ونتيجة لذلك، لا تفكر تركيا بجدية في السيناريو المليء بالخوف حول انهيار الاتحاد الاوروبي فحسب، ولكن لأسباب عديدة ما زالت تركيا ترغب في الدخول الى الاتحاد الاوروبي.
علاقات تركيا بأوروبا
يجب ان نأخذ بعين الاعتبار أن بريطانيا، التي هي أول بلد يخرج من الاتحاد الأوروبي، هي ذات الدولة التي أعلنها رئيس وزرائها السابق رسميًا: ان تركيا لن تكون عضوًا في الاتحاد حتى عام 3000 بعد الميلاد. ولكن بريطانيا نفسها هي ليست الآن عضوًا في الاتحاد، وفي الجهة المقابلة شهدت العلاقات التركية تحسنا مع أعضاء مثل ألمانيا والمجر ورومانيا والعديد من الدول الأوروبية. ومع ذلك، مع تحسن مستوى العلاقات مع هذه البلدان، نشأت مشاكل جديدة في علاقات تركيا مع هولندا واليونان وفرنسا. وبالنظر إلى انتقادات المسؤولين الأوروبيين الموجه للاتحاد الأوروبي، فإن معظم هذه الانتقادات تظهر نوعين مختلفين:
1. انتقادات قادة الأحزاب الوطنية والمتطرفة في تركيا الحادة .
2. النوع الآخر للنقد يتجسد في سياق التقارير النقدية عن النظام القانوني والسياسي والاقتصادي التركي.
على الرغم من الانتقادات واسعة النطاق والتقارير المفصلة حول فشل تركيا في الانضمام إلى الاتحاد، تشير الأدلة إلى أن المسؤولين في أنقرة ما زالوا حريصين على الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.
لماذا تركيا متشوقة؟
إن رغبة المواطنين الأتراك والناشطين السياسيين والإعلاميين في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي غالبًا ما يكون لها تأثير مباشر على التنمية الاقتصادية الأوروبية، ولكن في الوقت نفسه، يأمل عدد كبير من الناشطين السياسيين أن تقود عملية دخول تركيا في الاتحاد الأوروبي، إلى التطور السياسي لتركيا، وتحسين اداء القضاء وتعزيز جودة الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي.
هل تتبنى الحكومة هكذا رؤية؟
فيما يتعلق برؤية الحكومة التركية للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي يجب القول ان خلال حكم الكماليين واللائكيين، كانت هناك تحديات خطيرة وهامة في نطاق سلطة الجيش وتأثيره على الجهاز القضائي والتنفيذي، وهذا كان يمثل تحديا لتركيا. لكن الآن، خلال الـ 18 عامًا الماضية، عندما خرجت الحكومة الإسلامية من رحم حزب العدالة والتنمية، كان نهج الحكومة تجاه الانضام للاتحاد الأوروبي نهجًا عمليًا قائما على الفائدة على المدى الطويل.
وعند شرح تفاصيل رؤية تركية حول الانضمام للاتحاد الاوروبي تجدر الاشارة الى جزئين رئيسيين:
(أ) يجب على تركيا، من أجل تحقيق الفوائد والتسهيلات البالغة الأهمية لتصدير البضائع إلى أوروبا ولتقليل تكاليف الجمارك والترانزيت، وكذلك لتمكين نشر العمالة والخدمات وتعزيز إيرادات السياحة، ان تكون عضوا في الاتحاد الاوروبي
ب) إن التوازنات الداخلية للسياسة في تركيا والمنافسات الحزبية، أكثر أهمية وحيوية من ان يكون بقاء الحزب الحاكم وكسب أصوات جماهيره، ضحية لعملية الانضمام للاتحاد الاوروبي.
تشرح الفقرة الأولى: ان خلال حكم حزب العدالة والتنمية، أصبحت الدعامتان المهمتان، اي التجارة والسياحة، هما مصدران مهمان بالنسبة لتركيا للثروة والدخل، والآن تمت إضافة العنصر الثالث أي مركز نقل الطاقة، بالنتيجة فان عملية الانضمام للاتحاد لهل أهمية حيوية وثابتة.
لكن الفقرة الثانية أكثر صعوبة قليلاً في التفسير عن الاولى، وفي جوهرها، تكشف عن جوانب مفارقة ومتناقضة. وهذا يعني أن تركيا بحاجة ماسة إلى أن تصبح عضوًا في الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق اقتصاد مستقر، ولكن في الوقت نفسه، ترفض تركيا التعليق على العديد من الانتقادات السياسية والقانونية للتقارير الأوروبية السنوية كما ترفض تغيير سلوكها السياسية والفكرية. .
والسبب في هذا التعقيد هو أن استمرار قوة حزب العدالة والتنمية بشكل أساسي بالنسبة لأردوغان وفريقه، وكذلك شريك أردوغان، أي دولت باغجلي، أصبح هدفًا استراتيجيًا مهمًا لا يقل أهمية عن الانضمام للاتحاد. لأن حكومة أردوغان، لا يمكنها الالتزام بالتوصيات التي أوصى بها الاتحاد الأوروبي حول التغييرات، الا اذا ضمنت هذه التوصيات أن هذه التغييرات السياسية والقانونية والاجتماعية سوف لن تقلص أصوات حزب العدالة والتنمية.ونتيجة لذلك لازالت تركيا تعقد آمالها فيما يتعلق بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي حتى عقب خروج بريطانيا منها وفي الوقت ذاته لا تريد ان تكون هذه التغييرات والتطورات تؤدي الى هزيمة الحزب الحاكم وبالتالي احباط جماهير المحافظين.