بعد مؤتمر برلين… هل تملك القبائل الليبية مفتاحا لحل الأزمة؟

بعد مؤتمر برلين… هل تملك القبائل الليبية مفتاحا لحل الأزمة؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢١ يناير ٢٠٢٠

حضرت القبائل الليبية في المشهد المتأزم بقوة في البلاد، بعد فترة غاب الحديث عن دورها في المشهد لسنوات. 
 
الخطوات التي قامت بها القبائل وإغلاقها لحقول النفط في المناطق التي تسيطر عليها، دفع بها إلى عمق المشهد الليبي، خاصة فيما يتعلق بدورها الفاعل والعوامل التي يبنى على أساسها الانحياز للحكومة المؤقتة أو حكومة الوفاق، وكذلك تأييد حفتر أو السراج…
الأطراف الليبية
 
فهل يمكن أن تتغير المواقف وفقا لأي عوامل أخرى أم لا؟ 
 
بحسب من تحدثت معهم "سبوتنيك" من الأطراف الليبية، فإن المجتمع الدولي لم يفطن طبيعة الداخل الليبي، وأن رفض القبائل لحكومة السراج نتج عن تراكم العديد من العوامل كانت بدايتها فرض الحكومة من الخارج دون وضع القبائل في المشهد. 
 
يشير المتحدثون إلى أنه وحتى الآن لم تلتفت البعثة الأممية لأهمية دور القبائل الفاعل، وأن الطبيعة القبلية ترفض دخول أي أجنبي على أرضها وهو ما جيش الجميع ضد حكومة الوفاق في الوقت الراهن، كما أشار أحدهم إلى أن الانحياز للجيش ليس حبا في شخصية تقوده، وإنما بسبب توفير الأمن والاستقرار في المناطق الشرقية والجنوبية وتطهيرها من الجماعات المتطرفة. 
 
في البداية، قال مفتاح أبو خليل، عميد بلدية الكفرة، إن القبائل في ليبيا تعادل منظمات المجتمع المدني في الدول التي بها ديمقراطية وأحزاب وتعددية.
 
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الثلاثاء، أن القبائل هي صوت الشعب الليبي، والمكون الأساسي لفئات الشعب الليبي، وأنه لها تأثيرها الكبير في المشهد الليبي، مشيرا إلى أن القبائل الليبية تدعم الشرعية المتمثلة في مجلس النواب، وداعمة بشكل واضح للجيش الوطني الليبي ( الشرق)، خاصة أن أفراد الجيش هم من أبناء القبائل المؤيدة له.
 
القادمون من سوريا
 
ويرى أن تأييد القبائل للجيش وعدم اعترافهم بحكومة السراج، نظرا لقيام القوات المسلحة بقتال المرتزقة والمقاتلين القادمين من سوريا، وما قام به من تطهير للمدن في الشرق الليبي والجنوب مؤخرا. موضحا أن الأمم المتحدة اجتمعت مع العديد من الشخصيات القبلية، إلا أنها لم تعمل معها، وأن ممثلي البعثة الأممية اجتمعوا مع الكثير من رجال القبائل ولم يضعوهم في أي صورة من سيناريوهات الحل.
 
وفيما يتعلق بالعوامل التي تحدد موقف القبائل، شدد أبو خليل على أن مواقف القبائل منذ فجر التاريخ وهي مشرفة، وأن مواقفها لا تباع ولا تشترى وأن انحيازها للوطن فوق أي اعتبارات أخرى.
 
وتابع أن القبائل هي من حاربت القوات الاستعمارية في فترات الاحتلال، وأنها دائما ما تقدم التضحيات دون انتظار أي مقابل. وبأنه على أنه من يريد معرفة سبل وآليات الحل عليه الجلوس مع القبائل، خاصة أنها تعمل من أجل الوطن لا من أجل حسابات سياسية.
 
وفيما يتعلق بالتركيبة القبلية يوضح مفتاح أبو خليل، أن أغلبية التركيبة القبلية الآن في ليبيا تقف مع الجيش، وأن حكومة الوفاق يقف معها بقايا الاحتلال التركي وبعض الجماعات التي لا تنتمي للقبائل العربية.
 
من ناحيته، قال عثمان بركة، عضو جبهة النضال الليبية، إن ليبيا لا تزال تحت الفصل السابع حتى الآن، ويفرض عليها القرارات، في حين أن حكومة الوفاق لم تكن نتاج التوافق الليبي أو تعبر عن الشعب الليبي، بل جاءت نتيجة اتفاق سياسي وهو اتفاق الصخيرات عام 2015.
تيار سيف الإسلام القذافي
 
الاتحاد الأفريقي
© REUTERS / TIKSA NEGERI
ليبيا على رأس مواضيع قمة الاتحاد الأفريقي في فبراير القادم
وأضاف في قوله لـ"سبوتنيك"، اليوم الثلاثاء، أن القوى الوطنية في ليبيا وهي "تيار سيف الإسلام القذافي"، لا تنتظر أن أي من الأطراف سيقدم لها سلة من الورد، وأنهم يتبنون قضية نضالية من أجل الشعب الليبي.
واستنكر بركة عدم اختيار القوى الفاعلة في المشهد الليبي من القبائل، خاصة أن المجتمع الليبي تحكمه القبيلة في كل سلوكياته، وأنه إذا أرادت البعثة الأممية ورئيسها غسان سلامة حل الأزمة في ليبيا وليس إداراتها، عليه الجلوس مع مشايخ القبائل، مشددا على أن غسان سلامة قام بالعديد من المبادرات، وكان يجب عليه أن يلتقي بنحو 100 شيخ قبيلة لدراسة أبعاد الأزمة وكيفية الحل.
 
ويرى عثمان بركة أن بعض الدول المحيطة بليبيا تسعى لخدمة المشروع الوطني وبعضها يسعى لتدميره، وأن مصر تدعم المشروع الوطني الليبي، ومن المستغرب إعطاء الملف لألمانيا بدلا من أن يكون بيد مصر من أحد الأخطاء التي لا تساعد على الحل.
 
وأشار إلى أنه لا يمكن تقسيم المشهد على أساس الحكومة في الشرق ونظيرتها في الغرب أو مؤيدي السراج ومؤيدي حفتر، خاصة أن القبائل الليبية التي تريد الجيش ليس حبا في الجيش، وأنما تريد الأمن والأمان الذي يوفره الجيش، وعلى الجانب الأخر فإن القبائل التي تقف ضد الجيش ليست كارهة له، لكنها لا تريد الدخول لمنطقتها بالسلاح.
 
الانحياز للمؤسسات
 
وشدد على أن الانحياز للمشير خليفة حفتر لأنه تمكن من تحقيق الأمن والأمان بعد القضاء على الجماعات المتطرفة، وأن الانحياز ليس للأشخاص في الشرق والغرب بل للمؤسسات.
 
من ناحيته، قال بدر سبيق، عضو المجلس الأعلى لمناطق حوض النفط والغاز والمياه، إن موقف القبائل منذ البداية كان واضحا، وأن الحكومة شكلت في الخارج بتوافق دولي بعيد عن الشعب الليبي أو القبائل وهو ما حال دون حصولها على اعتراف شعبي.
 
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، اليوم الثلاثاء، أن حكومة الوفاق أنفقت أموال النفط في أوجه غير شرعية على المليشيات والمرتزقة وجلب الأسلحة والذخائر من الخارج لتدمير ليبيا، حسب قوله. 
 
وأوضح أنه لا يوجد تواصل فعال بين القبائل وبعثة الأمم المتحدة، وأن الأخيرة اكتفت بالتواصل مع المنطقة الغربية، دون وضع باقي مكونات المجتمع في الصورة وعلى رأسها القبائل.
 
 في مايو/أيار 2019، رصدت "سبوتنيك" خريطة القبائل الليبية ومواقفها من عملية الجيش الليبي التي انطلقت نحو العاصمة في أبريل/نيسان الماضي.
 
الغرب الليبي
 
 قال محمد زبيدة، أستاذ القانون الدولي الليبي، إن خريطة القبائل في ليبيا مقسمة بين المؤيد للوفاق والمؤيد للجيش، إلا أن الغالبية في الوقت الراهن مع القوات المسلحة العربية الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر. 
 
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، الخميس الماضي 9 مايو/ أيار، أن المؤيدين للوفاق هم قبائل مصراته بالكامل وتضم (الكراغلة)، ويبلغون نحو 350 ألف نسمة تقريبا، فيما تنقسم قبيلة (زليطن) بين الجيش والوفاق، إلا أن النسبة الأكبر مع الوفاق، فيما تؤيد قبائل تاجوراء حكومة الوفاق، التي يؤيدها أيضا بعض قبائل الأمازيغ. 
أما قبائل (الأصابعة) فهي تؤيد الجيش، فيما تنقسم الزنتان بين الاثنين، إلا أن قبائل غريان أعلنت تأييدها للجيش بشكل كامل، وهي عاصمة الجبل الغربي ويبلغ تعدادها أكثر من 100 ألف نسمة.
فيما تلتزم بعض القبائل في الغرب الليبي الصمت حتى الآن، وهي قبائل محسوبة على النظام السابق، بحسب زبيدة، إلا أن مفتاح أبو خليل عميد بلدية الجفرة يقول إن قبائل (الصيعان والنوايل) يقاتلون إلى جانب الجيش الليبي. 
 
يتابع أبو خليل في حديثه إلى "سبوتنيك"، أن قبيلة في جنوب طرابلس تساند الجيش الليبي، فيما تنقسم قبائل (الورفلة)، وتتمركز في منطقة فزان في جنوب وجنوب شرق العاصمة طرابلس، وهي منقسمة بين تأييد الجيش والتزام الصمت حتى الآن.
 
المنطقة الشرقية
 
يؤكد زبيدة وأبو خليل أن المنطقة الشرقية تؤيد الجيش الليبي بالكامل، وعلى رأسها قبائل العبيدات، والعواقير، والبراعصة، والمنفة، والمرابطين، والمسامير، والعرفة، والبراغثة، الزوية، والمغاربة.
 
 يضيف زبيدة أن قبائل المنطقة الوسطى تضم قبيلة (الفرجان، والأشراف، والزيادين، وأولاد وافي)، وهي مؤيدة بالكامل للجيش الليبي، كما تضم قبيلة القذاذفة، التي يؤيد بعض قياداتها عمليات الجيش، فيما يلتزم الجزء الثاني الحياد، فيما تنقسم قبيلة ورفله بين الجيش والوفاق. 
 
يوضح مفتاح أبو خليل، أن المنطقة الجنوبية تؤيد الجيش بالكامل، وعلى رأسها قبائل "المقارحة، أولاد سليمان، والتبو، والطوارق، والفزازنة، والحساونة، وأولاد حضير، وسكان الواحات وهم من قبائل السواكنة والهوانة والأواجلة، الأشراف المجابرة، الزويه، الزواوه".
 
استضافت برلين، يوم الأحد الماضي، مؤتمرا دوليا حول ليبيا بمشاركة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ومصر والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودول أخرى، بحضور رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، رغم أنه لم يكن بالإمكان مرة أخرى، تنظيم محادثات مباشرة بينهما.
 
وأصدر المشاركون بيانا ختاميا دعوا فيه إلى تعزيز الهدنة في البلاد، ووقف الهجمات على منشآت النفط وتشكيل قوات عسكرية ليبية موحدة، وحظر توريد السلاح إلى ليبيا، كما أعلنت الأمم المتحدة أنه تم الاتفاق خلال المؤتمر على تشكيل لجنة عسكرية مكونة من 5 أشخاص من كل طرف بصيغة (5+5)، تعمل على وقف إطلاق النار وإخراج المقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية. 
 
وجاء مؤتمر برلين بعد أيام من اجتماع عقد في موسكو تناول الموضوع الليبي بمشاركة ممثلين عن روسيا وتركيا.