هل ترسل أوروبا قوات عسكرية إلى ليبيا؟

هل ترسل أوروبا قوات عسكرية إلى ليبيا؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٧ يناير ٢٠٢٠

صرح رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي بأن هناك احتمال لنشر قوات أوروبية في ليبيا من أجل دعم عملية السلام هناك.
 
جاء هذا التصريح لرئيس الوزراء الإيطالي بعد لقائه بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وكذلك رئيس الوزراء عبد العزيز جراد في الجزائر العاصمة، حيث يتحضر الطرفان لحضور مؤتمر برلين الخاص بالأزمة الليبية.
 
وتكرر هذا التصريح على لسان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، في لقاء مع صحيفة شبيغل الألمانية، والذي أكد فيه أن الاتحاد الأوروبي مستعد للعب هذا الدور، من أجل مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار ومساعدة الجيش أيضا.
 
دور القوات
وعن إمكانية إرسال قوات أوروبية إلى ليبيا وعن الدور الذي ستلعبه هذه القوات في حل الصراع المحتدم بين الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر وحكومة الوفاق الليبي برئاسة فايز السراج، يقول الباحث الليبي المختص بالشؤون السياسية والاستراتيجية محمود إسماعيل الرملي في حوار "لسبوتنيك":
 
أعتقد أنه عندما لاح للأوروبيين أن روسيا تدخلت بشكل فاعل في الأزمة الليبية مع تركيا، وظهر أن لديها إمكانية لحلحلة الوضع في ليبيا، حاول الأوروبيون منع انتقال الملف من الغرب إلى روسيا وتركيا.
 
ويكمل: يحاولون قدر الإمكان التشبث بمصالحهم دون العبئ بليبيا، والتي ستدفع ضريبة كبيرة نتيجة لذلك، ولكن ما هو الوجه القانوني لذلك، ومالذي ستفعله هذه القوات، فالليبين يحاولون قدر الإمكان حل الإشكال، من خلال ما تم طرحه في موضوع إطلاق النار.
ويتابع الرملي: إذا كان هناك نية صادقة للتدخل وحل الإشكال، فيجب ترك الليبيين من أجل التوجه إلى عملية سياسية، والعمل على تهدئة الصراع وسحب القوات المتدخلة، وعلى رأسها القوات التي جاءت من دول أخرى، فليبيا تحتاج  إلى أيجاد آلية فعلية لمساعدة ليبيا.
 
ويضيف: الليبيون ينتظرون مؤتمر برلين، ولكن أعتقد أن النتائج ستكون خجولة في ظل وجود دول تريد فقط إرباك المشهد وأن لا يكون هناك حل، فالإيطاليون شعروا بأنهم لا يستطيعون اتخاذ موقف وانتظرهم الليبيون كثيرا، وعندما جاء الدور لروسيا وتركيا يحاولون الإيطاليون إفشال الموضوع.
 
وفي حوار لـ"سبوتنيك"، أوضحت الخبيرة في الشؤون الأوروبية والدكتورة في العلوم السياسية هالة الساحلي أن المسؤولين الأوروبيين أوضحوا اليوم أن موضوع إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا أمر مطروح، وسيتم على ضوء مخرجات مؤتمر برلين، وتحديد نوعية ومهام هذه القوات.
 
وتتابع الساحلي: سيكون لديها ثلاث مهمات أساسية، وهي مراقبة القرارات الأممية لمنع وحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، والمهمة الثانية هي حفظ السلام، والثالثة محاولة ومساعدة الحكومة وحفتر ومجلس النواب على وقف إطلاق نار ودائم، لكن ذلك كله تم ربطه بما سينتج عن مؤتمر برلين ومجلس الأمن، حيث أنه إذا تمت الموافقة.
نوع القوات
وعن نوع هذه القوات وجنسيتها وطبيعتها، يقول الخبير الاستراتيجي الليبي: أعتقد أن الرئيس الأمريكي لمح إلى أنه يمكن أن يكون للناتو دور أكبر، وربما تكون هذه القوات من الناتو، وربما الإيطاليون مستعدون لإرسال جنودهم، الموضوع ما زال في بدايته، وأعتقد أنه من الصعب إرسال قوات.
 
ويكمل: أظن أن الأتراك سيرسلون قوات لأن لديهم اتفاق، وأيضا روسيا مدعوة لأن يكون لديها دور، وأيضا هذه الدول التي تدعي أن لديها قدرة، ولكن أثبتت الأيام أن هذه قدرة هذه الدول محدودة، وأن قرارها موجود في البيت الأبيض، أكثر ما هو موجود في دول الاتحاد الأوروبي.
أما الخبيرة الأوروبية هالة الساحلي فتعتقد أن أوروبا تستطيع إرسال قوات عسكرية أوروبية من دون اللجوء إلى الناتو، وتتابع: لكن هذا يبقى يبقى احتمال، ونحن نعرف أن هناك عملية "صوفيا" في البحر الأبيض المتوسط، وهي قوة عسكرية أوروبية متواجدة لديها مساعدات من حلف الناتو والولايات المتحدة.
 
وتضيف: ومن وقت بدء عملية البريكست وضع الأوروبيون سياسة دفاعية أمنية جديدة، وهي تقوم على وضع نواة جيش أوروبي، وهي محاولة أوروبية لخلق قوات عسكرية دائمة قادرة على التدخل خارج القارة الأوروبية للحفاظ على الحدود الأوروبية من جهة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا الشرقية.
 
موقف الدول الوسيطة
أما عن موقف الدول الفاعلة في الأزمة الليبية والتي على اتصال مباشر مع الأطراف المتصارعة هناك في حال إرسال قوات أوروبيا إلى هناك، يعتقد محمود اسماعيل الرملي بأننا إذا ما استثنيا التوافق التركي الروسي الذي أنتج شيء ملموس، فالآخرون هم عبارة عن كلمات أو بيانات ليس إلا، وليس لديهم الإمكانية بأن يكونوا جزء من المشهد الليبي في المستقبل.
 
ويواصل: أعتقد أن الأتراك سيكون لهم موقف، وهم بالأصل جزء من الناتو، وسيكونون موجودون على الأرض إذا ما كان الاتفاق على إرسال قوات للناتو، وإذا لم يكن الاتفاق كذلك فهم متفقون مع حكومة الوفاق الوطني.
ويتابع الخبير الليبي: لا أعتقد أن الموضوع سينتج نتائج كبيرة ولن يكون مخيفا، إلا إذا وجدت قرارات صارمة ووضوح في الرؤية، فلا يمكن أن نحصل على نتائج مختلفة ونحن نستخدم نفس الأدوات ونفس المواد.
 
وترى دكتورة العلوم السياسية هالة الساحلي بأن هذه القوات سيتم إرسالها فقط بعد الاتفاق في برلين، وتواصل: والدول التي تم استدعائها لهذا المؤتمر هي الدول الفاعلة أو التي تساعد الأطراف الليبية جميعا، وفيما يتعلق بتركيا هناك تنديد أو عدم قبول بالاتفاقية البحرية والعسكرية التي تمت مع حكومة السراج.
 
وتضيف الساحلي: هناك مشكلة اليونان وجزر يونانية تم ضمها دون العودة إلى اليونان وهذا يشكل حاجز كبير، أما العامل الآخر هو أن الأوروبيون لن يذهبوا إلى أي شيء عسكري دون التفويض من الأمم المتحدة، ولهذا مهمة صوفيا ولدت ميتة ولم تكن فاعلة ولم تستطع الدخول إلى المياه الإقليمية الليبية لأنها لم تغطى من قبل الأمم المتحدة.
وتستدرك: برلين ستحاول أن توجد صيغة توافقية بين جميع الأطراف، والمهمة ستكون صعبة لأن أوروبا بحاجة ذلك، تركيا حققت ذلك لأنها تمتلك موضع قدم في ليبيا، ولكن في المقابل هناك همس عن إنشاء تحالف مقابل روسي أوروبي خليجي وضمنه مصر ضد الخطوة التركية.
 
رد الليبيين
وعن رد الأطراف المتصارعة على هذا الاقتراح يرى الخبير السياسي محمود الرملي بأن ليبيا لا تحتاج أي نوع من التدخل الخارجي، ويوضح: الليبيون فقط مصرون على أنهم معارضون للديكتاتورية وأن لا يعاد حكم العسكر وأن لا يكون هناك مجال لإعادة إنتاج النظام الماضي، والمشير حفتر لن يستطيع مهما كان لديه قوة أو دعم خارجي أن يحكم ليبيا، خاصة أنه تجاوز العمر الذي يمكنه من الحكم بتجاوزه الثمانينات.
 
ويكمل: أعتقد أن الخلافات بين طرفي الصراع ستدار خاصة إذا ما تدخلت الدول الكبرى، وسينتهي هذا الصراع، خاصة أن بعض دول الخليج ممتعضة لعدم قدرتها على تنفيذ أجندتها، وربما ستحاول الخروج بجزء من الكعكة لأنها لن تستطيع أخذها كلها.
وبدورها ترى الساحلي أنه التدخل الخارجي مرفوض من قبل الليبيين، وتبين ذلك: حاليا هناك رفض لكل القوات أو التدخل الخارجي، لكنه موجود في لبيبيا، وبالتالي سيكون هناك تنديد ورفض، والأمم المتحدة قبل أن تعطي تفويض يجب أن تحصل على موافقة من قبل الأطراف الليبية أو على الأقل حفتر والسراج.
 
وتتساءل: فهل سيقتنع الطرفان في برلين، وهل تستطيع روسيا أن تقنع الطرفين حفتر والسراج بإعطاء هذا التفويض، هذا سيظهر قوة الدبلوماسية الروسية إذا ما تم ذلك.
وعن هذا الموضوع اتصلت وكالة "سبوتنيك" بالعميد خالد محجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي، والذي نفى علمه بهذا المقترح، ويقول: لم نطلع على هذا الموضوع بالتفاصيل، ولا نعرف الكثير عنه حتى الآن، وهذا الأمر سابق لآوانه الآن، هو ما زال كلام لكن بالتأكيد سننتظر لبعد انتهاء المؤتمر، حيث أن كل طرف لديه وجهة نظر مختلفة.
 
وتابع: نحن لدينا مطلب واضح وهو إزاحة الميليشيات من المشهد الليبي، وأن تشكل حكومة بتوافق شعبي وأن تجرى الانتخابات، وأن تكون المؤسسة العسكرية هي الضامن الحقيقي لكل ما يتفق عليه.
وختم محجوب حديثه للوكالة: نحن جربنا في السابق اتفاق الصخيرات، وهو في الحقيقة اتفاق مميع وأشبه بالمؤامرة منها وتم التحايل فيه، والحوار لم يبدأ بعد في برلين، ولا أتوقع أن يتوصل لحل، بل هو مشروع بداية لإيجاد حل، وكل ما يتم الحديث عنه الآن يبقى في خانة المقترحات.