مأساة الطائرة الأوكرانية؛ هل كانت البصمة الامريكية غائبة حقاً عن تلك الحادثة ؟

مأساة الطائرة الأوكرانية؛ هل كانت البصمة الامريكية غائبة حقاً عن تلك الحادثة ؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٣ يناير ٢٠٢٠

إن حادثة سقوط طائرة الركاب الاوكرانية التي سقطت فجر يوم الاربعاء الماضي في العاصمة الإيرانية طهران، تُعد واحدة من الحوادث المأساوي والمرّة التي حدثت خلال السنوات الأخيرة والتي أحزنت قلوب الملايين من أبناء الشعب الإيراني الوفي وفي هذا السياق، وعقب وقوع هذه الحادثة المؤسفة قامت وزارة الدفاع الايرانية وبعض اللجان الامنية والحقوقية قامت بالتحقيق في ملابسات هذه الحادثة وبعد مرور عدة أيام، أصدرت هيئة الأركان العامة التابعة للقوات المسلحة بيانًا وضحت فيه كيف وقعت هذه الحادثة وأعلنت أن إطلاق النار دون قصد من نظام الدفاع الجوي الإيراني هو الذي تسبب في تحطم هذه الطائرة. وبالتزامن مع هذه الاحداث، أمر المرشد الأعلى سماحة السيد "علي خامنئي"، بإجراء تحقيقات خاصة مع كافة الجنود الذين تسببوا في هذه الحادثة المأساوية لكشف ملابسات هذه الحادثة للرأي العام وأسار سماحة السيد في خطاب ألقاه قبل عدة أيام بأن من تسبب في هذه الحادثة سوف تتم محاسبتهم بشدة.
ملابسات سقوط الطائرة الأوكرانية
إن إحدى النقاشات التي أطلقت لنفسها العنان عند الرأي العام الداخلي والخارجي عقب الكشف عن السبب الحقيقي لتحطم تلك الطائرة الاوكرانية، يتمثل في تساؤل العديد من الناس لماذا لم يتم إلغاء كافة الرحلات الجوية المدنية خلال تلك الفترة الزمنية الحساسة وللإجابة على هذه السؤال، يقول العميد "حاجي زادة" قائد القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الايراني: "لا أريد أن اتهم أحداً، في رأيي أنه عند حصول مثل هذه الظروف الحربية، كان يجب أن تتخذ السلطات المسؤولة مثل ذلك القرار، لكنها للأسف الشديد لم تقم بذلك ذلك ... وكان أيضا ينبغي على أشخاص آخرين فعل ذلك". إن هذه التصريحات التي أدلى بها العميد "حاجي زادة" تكشف عن واحدة من أهم نقاط الضعف التي أدت إلى تحطم الطائرة الأوكرانية ولهذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، من هي المؤسسات أو الكيانات التي كانت مسؤولة عن إلغاء رحلات الطيران المدنية في ذلك الوقت وهل ستخضع للمساءلة؟
وفي سياق متصل، أثار سؤال أخر حفيظة العديد الناس الذي تسائلوا لماذا تأخر رد القوات المسلحة حول هذه الحادثة الحساسة وللاجابة على ذلك يمكن القول بأنه نظرا إلى أن هذه الحادثة وقعت بالتزامن مع اطلاق هجمات صاروخية على القواعد الامريكية في العراق، فإنها احتاجت إلى الكثير من الوقت للتحقيق في العديد من المعايير المختلفة مثل سبب وقوع الحادثة والخطاء الذي تسبب في عملة إطلاق النار غير المقصودة، واحتمال اختراق النظام وأي غموض آخر، وهذه الامور تستغرق في الغالب سبعة أيام ولكن إيران أعلنت عن كافة ملابسات تلك الحادثة المؤسفة خلال خمسة أيام.
في تلك الظروف لماذا كان التشخيص خاطئ ؟
إن المشكلة التالية في هذه المأساة تتمثل في إطلاق نظام الصواريخ "تور إم 1" صاروخ بشكل خاطئ على هذه الطائرة وفي هذا الصدد، يجب الاشارة إلى الوضع الذي مر به جنود القوات الجوية الايرانية خلال تلك الساعات، كان حرجاً للغاية وذلك لأنهم في ذلك الوقت قاموا باطلاق العديد من الصواريخ الانتقامية على قواعد الولايات المتحدة العسكرية في العراق وبالطبع في مثل تلك الظروف سوف يزداد التوتر في نفوس اولئك الجنود ونسبة الخطأ سوف تكون كبيرة وفي هذا السياق، يشير الكثير من الخبراء العسكريون إلى أن الجنود الايرانيين عانوا في تلك الظروف من ما أسموه بمصطلح "الصباب الحربي" وهي حالة من التوتر تصيب المقاتلين في ساحة القتال مما يجعل من الصعب التمييز بين المعلومات الصحيحة والمزيفة أو الخبيثة وهذا الامر بدوره يزيد من احتمال حدوث خطأ. وفي مثل هذه الظروف تحاول الكثير من بلدان العالم تقليل معدل الخطأ قدر الإمكان باستخدام أدوات تدريب وتقنيات مختلفة ويرى بعض الخبراء العسكريين أن نظام الدفاع الجوي كان جزءًا من المشكلة ولفتوا إلى أن مثل هذه الانظمة الدفاعية تقوم بتجميع كم هائل من المعلومات من ساحة المعركة وبعد تحليلها تتخذ القرار بإطلاق النار دون الرجوع إلى التسلسل الهرمي المعتاد عند اتخاذ القرارات من قبل البشر.
من أين جاء صاروخ الكروز؟
يُعد تحذير اطلاق صاروخ كروز أحد الأشياء المهمة التي يمكن أن تساعد في توضيح هذه القصة وبالنظر إلى أن الدفاعات الجوية الايرانية كانت في حالة تأهب كامل خلال تلك الساعات وبسبب التهديدات التي اطلقها الرئيس الامريكي "ترامب" بإطلاق العديد من الصواريخ الامريكية على 52 نقطة داخل البلاد، حددت رادارات الانظمة الدفاعية الجوية الايرانية هدفاً يتحرك في الجو وعن طريق الخطأ تم اعتباره على أنه صاروخ كروز ولكن للاسف الشديد لم تكن سوى الطائرة الاوكرانية وفي هذا السياق، قال القائد الأعلى للقوات المسلحة الايرانية، اللواء "سلامي"، "إن السبب وراء وقوع تلك الحادثة يرجع إلى الخطأ الذي ارتكبه الجندي المسؤول عن الرادار، ونوع حركة الطائرة، وموقع تمركز نظام الدفاع الجوي التي رصدت تلك الطائرة على أنها صاروخ كروز".
وفي سياق متصل، يعتقد العديد من الخبراء العسكريين بأن الحرب الإلكترونية أو أي نوع من الهجمات الإلكترونية، كان لها دور في اسقاط هذه الطائرة الاوكرانية وذلك لأن عدد من الحقائق الميدانية كشفت أنه الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي قامتا بمثل هذه الهجمات الالكترونية خلال السنوات الماضية وتسببتا في سقوط عدد من الطائرات المدنية حول العالم. وبناءً على ذلك، تشير تقارير بعض وسائل الاعلام الأجنبية إلى أنه لا يمكن استبعاد مسألة الهجوم الإلكتروني والحرب الإلكترونية عمومًا، ولا يمكن أيضا استبعاد أن "الوحدة الإسرائيلية 8200 " هي التي قامت باسقاط تلك الطائرة الأوكرانية في السماء الإيرانية.
وفي هذا الصدد، ذكر موقع "بوليتوس" الاخباري أنه بعد أن أصابت الصواريخ الإيرانية القواعد الأمريكية في العراق بنجاح، تلقوا تقارير تفيد بأن القوات الجوية الأمريكية تخطط لمهاجمة المراكز الاستراتيجية الإيرانية. وأضاف ذلك الموقع إلى أنه في منعطف حرج، حلقت طائرة ركاب اوكرانية من طراز "بوينغ" بالقرب من أحد المقرات العسكرية الرئيسية للجيش الايراني، وهذا الوقت المشؤوم اجتمع مع "خطأ بشري" وتسببا في إطلاق صاروخ بطريق الخطأ على تلك الطائرة. ولفت هذا الموقع الاخباري إلى أن هجوم إلكتروني يمكن أن يكون هو من تسبب في تسلسل تلك الاحداث العصيبة وبالنظر إلى أن "تل أبيب" تعد الحليف الاقوى للولايات المتحدة في المنطقة، فإنه من غير المستبعد أن "الوحدة الاسرائيلية 8200" هي التي نفذت تلك الهجمات الالكترونية وقامت بالتشويش على الرادارات الايرانية، خاصتا وأن لهذه الوحدة الاسرائيلية تاريخ طويل في مجال الهجمات الالكترونية. وفي الختام وبالنظر إلى الاجراءات المستفزه التي قامت بها الولايات المتحدة واسرائيل في المنطقة واطلاقهما للكثير من التهديدات للجانب الايراني، فإنه يمكن القول أن البصمة الامريكية والاسرائيلية حاضرة بقوة في هذه الحادثة المؤسفة التي وقعت للطائرة الاوكرانية.