الجلسة البرلمانية الاستثنائية: هل تنهي الوجود الأمريكي في العراق؟

الجلسة البرلمانية الاستثنائية: هل تنهي الوجود الأمريكي في العراق؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٥ يناير ٢٠٢٠

 وضعت الضربة العسكرية الأمريكية التي استهدف قائدة قوة القدس الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس المنطقة على صفيح ساخن. ايران توعّدت بالردّ في الزمان والمكان المناسبين حيث يوجد "35 هدفاً في متناول أيدينا"، في حين ان فصائل الحشد الشعبي أكّدت أن الرد على الاعتداء الأمريكي سيكون بإخراج القوات الأمريكية من العراق.
 
القوى العراقية دانت جميعها الاعتداء الأمريكي الجبان، وقد دعا رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، الذي شارك اليوم في مراسم تشييع الشهداء، إلى جلسة برلمانية استثنائية لـ"تنظيم الموقف الرسمي العراقي واتخاذ القرارات التشريعية والإجراءات الضرورية".
 
عبد المهدي كان من أوائل المسؤولين العراقيين الذين أدانوا "العدوان على البلاد" وفق بيانه، معتبراً أن هذا العدوان يمثّل خرقا فاضحا" لشروط الوجود الأميركي في البلاد"، فضلاً عن كونه تصعيد خطير يشعل فتيل حرب مدمرة في العراق والمنطقة والعالم.
 
رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب أدانوا أيضاً الاعتداء الأمريكي، في حين أكّد المجلس الوطني العراقي دعمه لـ"موقف القائد العام للقوات المسلحة باستنكار وإدانة انتهاك سيادة العراق ورفض الإعتداء وما يمثّله من خروج عن دور وشروط تواجد القوات الأمريكية، وكذلك للدعوة الّتي وجّهها لمجلس النواب إلى عقد جلسة استثنائيّة من أجل تنظيم وتوحيد الموقف الرسمي العراقي، واتّخاذ الإجراءات والقرارات اللّازمة لحفظ كرامة العراق وأمنه وسيادته".
 
ورغم احتلاف القوى السياسية العراقية حول المشهد الداخلي، لاسيّما لناحية خلافة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، ولكن هناك إجماع تام حول رفض بالضربات الجوية الأمريكية التي تعد "انتهاكا" لسيادة العراق، وبانتظار الجلسة التي ستنعقد يوم غد الأحد، تجدر الإشارة إلى التالي:
 
أولاً: يدرك البرلمان العراقي الظروف الحساسة التي تمرّ بها البلاد، وما يمكن لهذا المجلس أن يفعله خلال هذه الجلسة، قد يتطلّب أشهر ومئات الشهداء من فصائل المقاومة، وبالتالي يجب أن يكون طرد الأمريكيين من العراق بعد هذه الجريمة هو الموقف العراقي. إن التواجد الأمريكي يخلق الكثير من المتاعب السياسية والاقتصادية للشعب العراقي، ويكلّفه آلاف الشهداء، لعل تجربة الحضور الأمريكي ما بين عامي 2003 و2011 خير دليل على ذلك.
 
ثانياً: هناك من سيحاول التهرب من التصويت تحت ذريعة الوقوف على الحياد بين ايران وأمريكا، رغم أن المسألة ليست كذلك. ألا يعد الحشد الشعبي قوة رسمية عراقية؟ كيف يمكن أن يردّ هؤلاء على  تبرير مقتل المهندس اذاً؟. ليست هذه المرّة الأولى التي تنتهك فيها واشنطن شروط الحضور العسكري الاستشاري في العراق، فقبلها زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قاعد عين الأسد الأمريكية دون اطلاع الجانب العراقي. الانتهاء الأخير ربّما هو الأول بعد الألف وربّما أكثر من ذلك، لذلك لا بد من إيجاد حلّ جذري لهذا الأمر.فإما أن يكون الحلّ سياسي يوفّر على العراق المزيد من الدماء والدماء، أو أن يكون عسكري كما فعلت المقاومة العراقية بين  عامي 2006 و2011.
 
ثالثاً: ما يعزز أوراق المجلس النيابي هو الدعم الشعب لهذه الخطوة، ودعم المرجعية الدينية العليا لها. يعد السيد السيستاني من أبرز الدعمي لسيادة واستقرار العراق، ورفضه للحضور الأمريكي غير الشرعي. لا يتوقّف هذا الرفض على السيد السيستاني، بل اعتبر المرجع الديني آية الله السيد كاظم حسيني الحائري في  نعيه استشهاد القائد سليماني و أبو مهدي المهندس و أن وجود القوات الأمريكية وحلفائها في العراق يعتبر حرام. وقال آية الله حائري خلال إعلانه عن حرمة وجود القوات الأمريكية وحلفائها في العراق: “يجب اتخاذ خطوات جادة للحفاظ على أرض العراق وكرامته”.
 
رابعاً: لقد عزّزت الضربة الأمريكية موجة العداء العراقي للأمريكيين، سواءً بعد ضربة القائم أو فيما يتعلق الجريمة الأخيرة في محيط مطار بغداد. هناك  الكثير من المظاهرات المندّدة بالدور والحضور الأمريكي وبالفعل قام بعض المتظاهرين بحرق العلم الأميركي. يدرك الشعب العراقي اليوم أن الأمريكي الذي عمد إلى احتلال العراق، ودمّر مؤسساته هو نفسه الذي سمح لداعش باحتلال العراق وقام بدعمه، وهو نفسه الذي عمد إلى محاولة تقسيم البلاد، وهو نفسه الذي يريد اليوم القضاء على الحشد الشعبي القوة التي نجحت في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي. إن تورّط الأمريكيين بدماء العراقيين مجدداً سيفتح الباب على مواجهة واسعة، يمكن للمجس النيابي أن يتجنّبها في جلسة الغد.
 
باختصار، إن الردّ الطبيعي على العدوان الأمريكي الأخير يتمثّل في إلغاء الاتفاقية الموقّعة بين الجانبين الأمريكي والعراقي، لاسيّما أن بغداد فقط هي التي تلتزم بشروطها في حين أن أمريكا تخرقها كل يوم. إن إلغاء الاتفاقية وإخراج هذه القوات من خلال الطريق السياسيّة سيحدّ من خسائر العراقيين لأن قوات الحشد الشعبي لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استهدافها من قبل واشنطن، وبالتالي سنكون أمام أوضاع صعبة كما جاء في بيان سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني. إن السبيل الأمثل اليوم هو باتخاذ قرار برلماني بالإجماع ينصّ على إخراج القوات الأمريكية المحتلّة من العراق.