يومان على انتهاء مهلة تأليف الحكومة: إسرائيل نحو إعلان فشل نظامها؟

يومان على انتهاء مهلة تأليف الحكومة: إسرائيل نحو إعلان فشل نظامها؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٩ ديسمبر ٢٠١٩

يتطلّب إخفاق إسرائيل في منع نفسها من إجراء انتخابات عامة للمرة الثالثة على التوالي أكثر من مجرّد تفسير مبنيٍّ على حسابات رياضية تقليدية، أو مصلحة هذه الشخصية أو تلك الجهة، وما تتسبّب به من تعذّر في الحلول. انتهاء المهلة القانونية مساء بعد غد (الأربعاء) بلا اتفاق على تأليف حكومة سيكون هو المفاجأة الفعلية، وإن جاء متساوقاً مع الانطباع العام المتكوّن في إسرائيل. تبقى الفرضية الأكثر منطقية هي أن تدفع تل أبيب بنفسها إلى حلّ ما، وإن كانت أثمان ذلك وجودية بالنسبة إلى بعض وجوه القوس السياسي فيها. لا يعني ما تقدّم بالضرورة أن الحكومة الإسرائيلية ستبصر النور قبل انتهاء المهلة القانونية أو بعدها؛ إذ يبدو أن الاحتمالين واردان وإن تفاوتا. لكن عدم تأليف حكومة يستدعي البحث في إخفاق النظام السياسي في إسرائيل، وفي قدرته الفعلية على منع تغليب المصالح الشخصية، بل والتمادي في تغليبها على المصلحة العامة للدولة.
 
في تطورات اليومين الأخيرين، تصلّبت المواقف بين حزب «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو، وحزب «أزرق أبيض» برئاسة بيني غانتس، وكذلك الحال لدى جهات تُعدّ «بيضة القبان» مثل «إسرائيل بيتنا» بقيادة وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان. ثمة الكثير من الأفكار ومشاريع الحلول، في حين أن فرصة النجاح معدومة. وما لم تكن المواقف الرافضة للتنازلات محاولة لدفع الآخر إلى التراجع، فإن الانتخابات الثالثة مقبلة لا محالة. حمّل نتنياهو وغانتس بعضهما البعض مسؤولية الإخفاق في تأليف الحكومة والتدحرج إلى انتخابات. إذ قال نتنياهو إن غانتس «متسمّر في مكانه ويرفض الانزياح على رغم كلّ العروض التي قدّمناها له. للأسف، نتوجّه إلى انتخابات جديدة لا يريدها أحد، على رغم أننا سنفوز بها إن فُرضت علينا». بدوره، لم يمتنع غانتس عن مهاجمة نتنياهو، معتبراً أن الدور الرئيس للأخير كان الدفع نحو انتخابات، وأنه لم يقترح أيّ جديد لمنعها، فهو «لم يتخلّ عن طلب الحصانة والتفاوض بالتكافل والتضامن مع كتلة اليمين، وكذلك الإصرار على أن يكون الأول في التناوب على رئاسة الحكومة». وأضاف: «لم يفز (نتنياهو) بـ(انتخابات) نيسان، وخسر في (انتخابات) أيلول، وإذا دَفَعَنا إلى انتخابات فسننتصر عليه» في آذار/ مارس 2020.
في المقابل، طُرحت في اليومين الماضيين أفكار تسووية، من بينها اقتراح نتنياهو إجراء انتخابات تتيح للإسرائيليين اختيار رئيس للحكومة بينه وبين غانتس، وهو ما قوبل برفض «أزرق أبيض». ويبدو أن معظم القوى السياسية تمتنع عن تأييده في هذه المرحلة، ومن غير المرجّح نجاحه. أيضاً، حاول عضو «الكنيست»، عومر بارليف (تكتل «العمل ـــ غيشير»)، الدفع نحو جمع 60 توقيعاً من زملائه في الندوة البرلمانية للتوصية بتكليف رئيس «الكنيست»، يولي أدلشتاين («الليكود»)، بتأليف الحكومة، من دون أن ينجح في مسعاه. وفيما تكرّرت الدعوات من «الليكود»، ومن نتنياهو نفسه، إلى أن يطلق شركاءُ غانتس في حزبه سراحه من «الأسر» لديهم، وحينئذ تتألف الحكومة قبل الأربعاء، طلب نتنياهو أمس من كلّ وزراء وأعضاء «الكنيست» من «الليكود» إلغاء زياراتهم للخارج، وعودة مَن هم في الخارج، في إجراء وقائي يستهدف الحؤول دون سنّ أيّ قانون بصورة خاطفة وفي اللحظة الأخيرة، ربما يضرّ نتنياهو في مرحلة ما بعد توجيه الاتهامات، وذلك قبل يومين على حلّ «الكنيست».
في المحصلة، مشهد إسرائيل الداخلي على حاله: لا تنازلات ولا تسويات، وسط خشية من التوجه إلى انتخابات ثالثة ستكون ثقيلة جدّاً على الكيان، وبما يتجاوز الشأن السياسي الداخلي إلى تحدّيات توصَف إسرائيلياً بالهائلة، وتتطلّب بلورة قرارات في ظلّ استقرار سياسي يمنع أيّ تشابك بينها وبين المصالح الشخصية لمبلوريها، الأمر الذي يتناقض مع الواقع الحالي، بسبب المعركة التي يخوضها نتنياهو في مواجهة اتهامه بالفساد والرشى. وفي حال توجّه إسرائيل إلى انتخابات مبكرة، يُرجّح أن تكون في الشهر الثالث من العام المقبل، فلا يُتوقع تغيّر كبير في توزّع مقاعد «الكنيست» الجديد بين القوى والأحزاب، والذي يبدو أنه سيكون مستنسخاً مما أفرزته العمليتان السابقتان، في مفارقة تكفي وحدها كي تتألّف الحكومة بلا إبطاء، شريطة تحييد عامل المصلحة الشخصية لنتنياهو. فهل يتحيّد هذا العامل حتى الأربعاء فتتألّف الحكومة، أو ترضخ القوى السياسية و«الدولة» لهذا العامل فتتألّف الحكومة أيضاً؟ الفرضيّتان قائمتان، وإن كانت الفرضيّة الثالثة، أي الانتخابات، تقترب أكثر فأكثر، لتمثّل دليلاً جديداً على إخفاق النظام السياسي لإسرائيل في استيعاب أزماتها الداخلية.