غضب في صنعاء على غريفيث: خطوات «التحالف» لا ترضي «أنصار الله»

غضب في صنعاء على غريفيث: خطوات «التحالف» لا ترضي «أنصار الله»

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩

| تصاعدت النقمة في صنعاء على المبعوث الأممي إلى اليمن، وصولاً إلى رفض زعيم «أنصار الله» لقاء الرجل كما المعتاد، ليغادر بعدها العاصمة اليمنية خالي الوفاض، ولا سيما في ملف الرواتب. جملة اتهامات بالفشل والتقصير تُوجّهها حكومة صنعاء إلى مارتن غريفيث، فيما لا يزال إعلان «التحالف»، تسيير رحلات جوية مشروطة ومحدودة والإفراج عن 200 أسير، يواجَه بالتشكيك في ظلّ خرق اتفاق السويد وبوادر التصعيد في الحديدة.
غادر المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، العاصمة اليمنية صنعاء، مساء أول من أمس، من دون لقاء زعيم حركة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي. الأخير رفض اللقاء احتجاجاً على عدم وفاء غريفيث بالوعود التي سبق أن قطعها في صنعاء حول العديد من الملفات الإنسانية المرتبطة باتفاق السويد الموقّع برعاية الأمم المتحدة منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتي قدّمت حكومة صنعاء في شأنها الكثير من المبادرات الأحادية الجانب وما ترى أنها تنازلات. وترى «أنصار الله» وحلفاؤها أن تلك الملفات، وأبرزها فتح مطار صنعاء وحلّ مشكلة الأسرى وحسم قضية حرمان موظفي الدولة من رواتبهم منذ أكثر من ثلاث سنوات واستكمال تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة، هي ملفات لا تحتمل المماطلة والتسويف من قِبَل الأمم المتحدة أو تحالف العدوان وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي.
كلّ ذلك وعد المبعوث الأممي بحلّه مرّات عدة، وأكد في عدة إحاطات قدّمها إلى مجلس الأمن الدولي تمكّنه من إحراز تقدّم كبير في شأنه. أكثر من ذلك، قدّم غريفيث في أكثر من إحاطة شكره للرياض على تعاطيها الإيجابي مع اتفاق السويد والملفات المرتبطة بالاتفاق، لكن الملفات الإنسانية ظلّت مفتوحة بلا حلول ملموسة على الواقع. لذا، عاد غريفيث الأحد الماضي، يرافقه نائبه معين شريم، إلى صنعاء حاملاً رؤية حكومة هادي في ما يتعلّق بملف رواتب موظفي الدولة. المأخذ على غريفيث، وفق حكومة صنعاء، أنه حمل «الرؤية الضيقة» لحكومة هادي للحلّ، والتي تعكس رغبتها في الاستمرار في معاقبة موظفي الدولة بعد أكثر من ثلاث سنوات من قطع رواتبهم بلا مبرّر. وكان المبعوث الأممي، في إفادته أمام مجلس الأمن مطلع الأسبوع الجاري، قد قال إن اتفاقاً أُبرم بهذا الخصوص يقضي بصرف المرتبات ابتداءً من الحديدة، من دون ذكر المحافظات الأخرى، بينما «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء أصدر قراراً بفتح حساب الرواتب في فرع البنك المركزي في الحديدة في تموز/ يوليو الماضي، وتم تحويل الإيرادات الضريبية والجمركية المستوفاة من سفن المشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة.
تشترط صنعاء إشراف الأمم المتحدة على الإيرادات، على أن يغطي الطرف الآخر العجز في موازنة الرواتب ويتم صرفها على موظفي الدولة كافة من دون استثناء. إلا أن حكومة هادي ترفض تغطية أيّ عجز مالي في حساب الرواتب، والذي تصل نفقاته الشهرية وفق كشوفات عام 2014 إلى قرابة 75 مليار ريال يمني، وهي تشترط صرف الرواتب لموظفي الحديدة المدنيين، والتي كانت تُصرف للكثيرين منهم في أوقات متقطّعة من البنك المركزي في عدن، فيما ترفض صنعاء ما تقدّم وتطلب صرف رواتب كلّ الموظفين في الشمال والجنوب.
وما زاد من سخط صنعاء على غريفيث أخيراً توليه مهمة ما تقول إنه «تلميع لتحالف العدوان أمام المجتمع الدولي»، مع زعمه الأسبوع الماضي موافقة «التحالف» على فتح مطار صنعاء الذي تنتظره 320 ألف حالة حرجة، توفي منها 28 ألف مريض سرطان، وهو ما لم يتحقق. ووفقاً لمدير المطار خالد الشايف، فإن المتفق عليه مع منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية هو أن يبدأ الجسر الجوي الطبي في 20 تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن «الأمم المتحدة تنصّلت من الاتفاق». ونفى الشايف مزاعم «التحالف» عن افتقاد المطار، الذي يستقبل 3 رحلات يومياً تابعة للأمم المتحدة، الجاهزية. ملف الأسرى يُعدّ، هو الآخر، أحد أهم الملفات الإنسانية، والذي قضى اتفاق السويد في شأنه بصفقات تبادل تشمل 16 ألف أسير من الطرفين، لم يُطبّق منها سوى تحرير العشرات فقط، بينما تقول حكومة صنعاء إنها قدّمت الكثير من المبادرات والتسهيلات بهدف إنهاء معاناة الأسرى من الطرفين، ومن بينها الإفراج عن 350 أسيراً، بينهم 3 سعوديين. هذا الجمود تَعدّه صنعاء إخفاقاً آخر لغريفيث في أداء الدور الموكل به. وعلى رغم التطور الأخير بإعلان «التحالف» الإفراج عن 200 أسير، أكد رئيس «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء، عبد القادر المرتضى، أن شيئاً لم يتمّ، وأن اللجنة لم تتلقّ أيّ تأكيد من قِبَل «الصليب الأحمر الدولي». مع ذلك، يُعدّ إعلان «التحالف» رسالة لتجنب التصعيد، وخصوصاً أنه تضمّن تسيير رحلات جوية بالتعاون مع «منظمة الصحة العالمية» لنقل المرضى من صنعاء.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه غريفيث تنفيذ المرحلة الأولى من نشر نقاط لمراقبة وقف إطلاق النار منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي في الحديدة مدخلاً مهماً لإحلال السلام الشامل، عاد التصعيد العسكري خلال الأسبوعين الماضيين مرة أخرى، ما أفشل جهود لجنة المراقبة الأممية في الحديدة، برئاسة الجنرال الهندي ابهيجيت جوها، في تنفيذ المرحلة الثانية من نشر نقاط مراقبة وقف إطلاق النار. واقع فرضه قيام قوى العدوان بالتصعيد في الساحل الغربي لخروقاتها للاتفاق جنوب الحديدة، كمديريات الدريهمي وحيس والتحيتا ومناطق الجبلية والفازة. تلك الخروقات ردّت عليها صنعاء بتنفيذ عملية هجومية واسعة تكتّم «التحالف» عنها. ومع استمرار التحشيد في الساحل الغربي، ورصد تحضيرات جديدة لتصعيد عسكري محتمل باتجاه الحديدة، وجّهت قيادة «ألوية حماة الساحل الغربي» مساء الاثنين تحذيراً مباشراً لـ«التحالف» وميليشياته في بيان غير مسبوق. من جانبه، اتهم عضو فريق صنعاء في «لجنة إعادة الانتشار»، العميد محمد القادري، الأمم المتحدة بالتواطؤ مع التصعيد، مشيراً إلى أنها لا تتخذ أي إجراء ضد الطرف الذي يخرق اتفاق السويد، وأنها «تفعّل وتجمّد الاتفاق حسبما تشاء».