كوّة في جدار الأزمة: «وثيقة شرف» تحصّن عبد المهدي

كوّة في جدار الأزمة: «وثيقة شرف» تحصّن عبد المهدي

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٩

45 يوماً حدّدتها «وثيقة الشرف»، الصادرة عن «اجتماعات الجادرية» برئاسة عمار الحكيم، لتنفيذ الإصلاحات، تحت طائلة إقالة الحكومة وحلّ البرلمان. الوثيقة التي حملت الكثير من العناوين الإيجابية، تبقى مفاعيلها رهناً بتنفيذها الذي لا يبدو أنه سيكون ميسّراً، خصوصاً في ظلّ إصرار أميركي على حرف مسار الحراك المطلبي نحو أهداف سياسية
 
اجتماعات مكثّفة ضمّت معظم القوى السياسية (باستثناء «تحالف سائرون»، المدعوم من «التيار الصدري») خلال الساعات الماضية، أسفرت أمس عن إعلان «وثيقة شرف» أو «خريطة طريق» لحلّ الأزمة السياسية المفتوحة، والتي تدخل شهرها الثالث بعد أيام. حزمةٌ جديدة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (تنشر «الأخبار» الوثيقة على موقعها الإلكتروني)، تُضاف إلى الحزم التي سبق أن أعلن عنها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. حزمةٌ مقيّدٌ تنفيذها بمدة زمنية لا تتجاوز 45 يوماً، تحت طائلة إقالة الحكومة، وحتى التصويت على حلّ البرلمان، وبالتالي الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق القانون المتاح، كما تؤكد مصادر سياسية متعدّدة. مشهد «الإجماع» خُرق بموقف الرفض الذي أعلنه زعيم كتلة «سائرون» صباح الساعدي. لكن، في ظلّ معلومات عن أن الكتلة ستمضي في إمرار الوثيقة في البرلمان، يبدو أن «التيار الصدري» لا يريد أن يضع كلّ بيضه في سلّة واحدة؛ فإن نجحت هذه الخطوة يكون هو من مؤيديها، وإن فشلت يكون هو إزاءها في صفّ الشارع، الذي رفضت تجمعات وشخصيات منه هذه الورقة، معتبرة إياها تسويفاً جديداً في تنفيذ المطالب المعيشية.
 
اللافت في «خريطة الطريق» هو حضور الحكيم في عملية بلورتها، على رغم أنه كان قد طالب باستقالة الحكومة. وفي هذا الإطار، تقول مصادر التيار إن الأخير سارع إلى التعاون مع الكتل الأخرى لـ«لملمة الأزمة، والعمل على حلّها وفق توجيهات المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، على رغم اقتناع الأخيرة بأن الكتل والحكومة على حدٍّ سواء «ليست جديّةً في تنفيذ وعودها». لكن في مقابل ذلك التشكيك، ثمة تفاؤل بأن تفتح الوثيقة الباب على «صدمات إيجابية»، متمثلة في خطوات تلامس حاجات المواطن المتنوعة، وخصوصاً أنها ستحظى بدعم برلماني كبير، بإحالة بنودها إلى تشريعات وقوانين (وإمرارها لاحقاً)، ومنح عبد المهدي الحرية التامة في تطبيقها، على أن يكون «التحالف» المؤسِّس لها طرفاً رقابياً لمنع التسويف والمماطلة.
 
تواصل الولايات المتحدة محاولاتها حرف مسار الحراك المطلبي
 
وتنصّ الوثيقة على ضرورة التزام البرلمان والحكومة بـ«الانعقاد الدائم، لأخذ دوريهما في تشريع وتنفيذ مطالب المواطنين بوتيرة عاجلة وعالية ضمن سقوف زمنية وتوقيتات محدّدة، لا تتجاوز نهاية هذا العام»، وتحديد الجهات المتورطة في «اختطاف المتظاهرين، ومواصلة الجهد لاكتشاف المتورطين بالقنص وقتل المتظاهرين، واستهداف وسائل الإعلام، والإفصاح عنهم للرأي العام، وتقديمهم للعدالة». كما تنص على العمل على أن لا «يكون هناك عراقي تحت خطّ الفقر»، و«الابتعاد الكامل عن التدخل في عمل الوزارات ومؤسسات الدولة، وتشريع وتعديل القوانين الأساسية لتطوير النظام، وتحقيق متطلبات الشعب برلمانياً»، من «تعديل قانون الانتخابات وقانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وإنهاء عمل المفوضية الحالية وتشكيل أخرى مستقلة»، إلى تشريع قانون إلغاء الامتيازات كافة.
وعلى رغم أهمية تلك البنود، إلا أن مفعولها يبقى رهناً بتنفيذها الذي يبدو أنه سيواجه صعوبات، وخصوصاً في ظلّ الموقف الأميركي الساعي إلى حرف مسار الحراك المطلبي نحو أهداف أخرى. إذ قال وزير الخارجية، مايك بومبيو، أمس، إن الحراك العراقي هدفه «مواجهة النفوذ الإيراني في البلاد»، معلِناً أن إدارته «لن تقف مكتوفة الأيدي... وستفرض عقوبات على مسؤولين عراقيين فاسدين... وعلى هؤلاء الذين يقتلون ويصيبون المحتجين المدنيين». وجاء هذا الموقف التصعيدي بعد نشر وثائق صادرة عن الاستخبارات الإيرانية، تكشف حجم التأثير الإيراني في «بلاد الرافدين». وعلى الرغم من أنه أريد من تلك الوثائق تأجيج الشارع الغاضب، وفق مصادر أمنية عراقية، إلا أنها «لم تؤتِ ثمارها» كما تقول المصادر نفسها.
في خضمّ ذلك، ثمة ترقّب لموقف «المرجعية» يوم الجمعة المقبل، لنواحٍ ثلاث: موقفها من الوثيقة ومدى اقتناعها بها؛ رسالتها إلى الحكومة التي لم تُقدِم إلى الآن على إحداث «الصدمة الإيجابية» المطلوبة؛ وخياراتها للمرحلة القادمة في ظلّ اتّسام الحركة الإصلاحية بالبطء.