لماذا لم تُرضِ حزمة الإصلاحات الجديدة للحريري المتظاهرين؟

لماذا لم تُرضِ حزمة الإصلاحات الجديدة للحريري المتظاهرين؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٩

أعلن رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" يوم أمس الاثنين عن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد والتي كانت أبرز مطالب المتظاهرين اللبنانيين وذكر في خطابه أن أغلبية أعضاء مجلس الوزراء وافقوا على تلك الإصلاحات.
 
يذكر أن الرئيس "الحريري" كان قد هدّد في وقت سابق أحزاب الائتلاف والتيارات اللبنانية بعدم اللعب على أوتار الاحتجاجات وقال لهم بأنه ينبغي عليهم الموافقة على جميع الإصلاحات والقرارات التي سوف يتخذها وإلا فإنه سوف يقدّم استقالته.
 
وحول هذا السياق، قال مسؤول في الحكومة طلب عدم الكشف عن هويته: "لقد أرسل الحريري حزمة الإصلاحات هذه لجميع التيارات السياسية اللبنانية وحصل على موافقتهم النهائية، خاصة من الحركة الوطنية الحرة (بقيادة الرئيس ميشال عون) وحزب الله اللذين يعتبران شريكين رئيسيين في حكومة الحريري الائتلافية ويعارضان بشدة استقالة الحكومة".
 
 
ووفقاً للعديد من المصادر الإخبارية، فإن حزمة الإصلاحات التي أعلن عنها "الحريري" تتضمن تخفيضاً بنسبة 50٪ في رواتب الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والنواب وغيرهم من كبار المسؤولين. 
 
كما تشمل إصلاحات "الحريري" تخفيضاً كبيراً في عجز الموازنة من خلال تلقّي حوالي 5000 مليار ليرة لبنانية (ثلاثة مليارات وثلاثمئة مليون دولار) من البنك المركزي والبنوك اللبنانية الأخرى، وخصخصة قطاع الاتصالات وإعادة هيكلة صناعة الإنتاج والتوزيع للكهرباء.
 
وتشمل الإصلاحات التي اقترحها "الحريري" أيضاً، إلغاء جميع أنواع ضرائب القيمة المضافة والتعريفات الهاتفية والخدمات العامة، وكذلك إلغاء المقترحات الخاصة بتخفيض الرواتب والمزايا وسداد القروض العقارية.
 
يذكر أن هذه الإصلاحات دعت إلى إصلاح عجز الميزانية للعام 2020، وأكدت على زيادة بنسبة 25 في المئة على ضريبة الدخل للبنوك وشركات التأمين ويقال أيضاً إن هذه الإصلاحات تتضمن اقتراحاً لخصخصة قطاع الهواتف المحمولة.
 
ووفقاً لبنود حزمة الإصلاحات هذه، يمكن للمرء فهم أن برنامج الإصلاح الجديد هذا لا يهدف إلى فرض المزيد من الضرائب، بل لخصخصة بعض المؤسسات الاقتصادية، وحول هذا السياق يقول البنك الدولي إن أكثر من ربع سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر ويعاني سكانه من أزمة في الكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات العامة، ولهذا فلقد زاد غضب الشارع اللبناني منذ إعلان حكومة "الحريري" الحالية عن موافقتها على ميزانية التقشف في يوليو الماضي كجزء من الجهود المبذولة لجمع 11 مليار دولار من البنوك الخارجية.
 
يذكر أن "الحريري" بذل الكثير من الجهود لحرمان النخبة السياسية والاقتصادية اللبنانية من العديد من المزايا لتعويض العجز في الميزانية اللبنانية. 
 
ووفقًا لوزارة المالية اللبنانية، يعدّ لبنان واحداً من أكثر دول العالم مديونية، حيث تبلغ ديونه حوالي 86 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.
 
 
ومع ذلك، وعلى عكس توقعات رئيس الوزراء اللبناني وحكومته، لم يستجب المتظاهرون الليلة الماضية لدعوته لإنهاء الاحتجاجات، بل إنهم طالبوا باستقالته وحكومته.
 
لكن لماذا رفض المتظاهرون اللبنانيون حزمة الإصلاحات تلك ولماذا طالبوا "الحريري" وحكومته بالاستقالة على الرغم من الجهود التي بذلها هذا الأخير وأحزاب حكومة الائتلاف اللبنانية لتلبية جميع مطالب المحتجين؟.
 
وللإجابة على السؤال، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن هناك جهات خارجية وداخلية استغلت هذه الاحتجاجات لتحقيق بعض المكاسب ومن أبرز أولئك الأشخاص يأتي "سمير جعجع" متربعاً، حيث كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن "سمير جعجع" زعيم حزب القوات اللبنانية المسيحي الماروني، حثّ الحكومة يوم الجمعة الماضي على الاستقالة مع استمرار الاحتجاجات في أنحاء البلاد، متّهماً النخبة السياسية بالمسؤولية عن الأزمة الاقتصادية. 
 
وكتب "جعجع" على حسابه بموقع تويتر: "أفضل ما يمكن أن يقدّمه الرئيس سعد الحريري في هذه اللحظات الحرجة والعصيبة هو استقالة هذه الحكومة تمهيداً لتشكيل حكومة أخرى مختلفة تماماً وجديدة تماماً تستطيع قيادة عملية النهوض الاقتصادي المطلوبة في البلد".
 
جدير بالذكر أن الاحتجاجات التي خرجت في الأيام الأخيرة في عدد من المدن اللبنانية تختلف تماماً عن الاحتجاجات الشعبية السابقة، وذلك بسبب انتشار هذه الاحتجاجات على نطاق واسع بواسطة الشبكات ووسائل الإعلام التابعة للسعودية، بما في ذلك قناة العربية السعودية، والتي ترى بأن "الحريري" أصبح ورقة محروقة لا نفع منها.
 
وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء السياسيين بأن قناة العربية السعودية بذلت الكثير من الجهود لتغطية تلك الاحتجاجات التي اجتاحت لبنان، كما عملت تلك القناة السعودية على فبركة العديد من الأخبار لتغيير مسار تلك الاحتجاجات وتلفيق الاتهامات ضد "حزب الله" وذلك من أجل إثارة سخط أبناء الشعب اللبناني، وإن تغيير مسار الهتافات من مكافحة الفساد والمطالب الاقتصادية إلى هتافات ضد المقاومة اللبنانية يوضح أن السيناريو وراء الكواليس يصنع من قبل اللسعوديين والكيان الصهيوني ويجري تنفيذه بأيدي أشخاص مثل سمير جعجع.  
 
حزب "القوات" اللبناني.. المتهم يصبح هو الشاكي
 
كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن "سمير جعجع" الذي قضى 11 سنة في السجن بتهمة قتل "رشيد الكرامي" (رئيس الوزراء اللبناني السابق في عام 1989)، لديه الآن أربعة وزراء في الحكومة الائتلافية اللبنانية ولقد أعلن قبل عدة أيام عن استقالة أولئك الوزراء من الحكومة اللبنانية وهم "غسان الحصباني" نائب رئيس الوزراء، ووزير العمل "كامل بو سليمان"، ووزير الشؤون الاجتماعية "ريشار قيومجيان" و"مي شدياق" وزير شؤون التنمية الإدارية.
 
يذكر أن الاقتصاد اللبناني نما في عام 2018 بنسبة 0.2 في المئة. ولهذا فلقد أعرب العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن ذلك النمو البطيء لا يرجع إلى أداء الحكومة الحالية، بل بسبب تراكم الأزمة لعدم كفاءة الحكومات اللبنانية السابقة التي لم تعالج قضية الديون والفساد المنتشر في الهيكل الاداري للبلاد، وهذه هي نفس النقطة التي أثارها السيد "حسن نصر الله" والذي دعا قبل عدة أيام جميع المكونات السياسية إلى تحمل المسؤولية عن هذه الأوضاع الاقتصادية السيئة.
 
وبالنظر إلى أن الوزارات الاقتصادية كانت خاضعة لسيطرة حزب "القوات" اللبناني بقيادة "سمير جعجع"، مثل وزارة العمل (المسؤولة عن خلق فرص العمل والبطالة) ووزير الشؤون الاجتماعية (الذي يجب عليه العمل بشكل طبيعي على تحسين الخدمات الاجتماعية للشعب)، فإنه يمكن القول بأن جزءاً كبيراً من الأداء الاقتصادي للحكومة الحالية يرتبط بخطط وزراء هذا الحزب.
 
 
وفي الختام ينبغي التأكيد بأن التدخل الأجنبي وبناء سيناريوهات الاحتجاجات من قبل العديد من الجهات الفاعلة الخارجية والمحلية التي عملت خلال الفترة الماضية على خلق حالة من عدم الاستقرار في لبنان قد دفع المتظاهرون إلى رفض حزمة الإصلاحات الجديدة التي أعلن عنها "الحريري" يوم أمس.