الكابوس الذي لا نهاية له.. هل ستُنهي "غزة" الحياة السياسية لـ"نتنياهو"؟

الكابوس الذي لا نهاية له.. هل ستُنهي "غزة" الحياة السياسية لـ"نتنياهو"؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٧ سبتمبر ٢٠١٩

"أتمنى أن أستيقظ ذات يوم وأن أرى غزة يبتلعها البحر"، هذا هو الحلم القديم والجديد الذي يخيّم على معظم التطلعات والأوهام السياسية للعديد من القادة الإسرائيليين.
 
لقد أصبحت غزة عنصراً مهمّاً في المنطقة ولقد فقد جميع الغزاة خياراتهم للتعامل معها ولم يعد لديهم أي خيارات أخرى، وذلك لأن هذه المدينة تعلّمت الكثير من فنون الحرب والتفاوض خلال العقود الماضية، ولهذا فإنها اليوم تؤرق مضاجع الكثير من المرشحين الصهاينة الذين استعانوا بفشل بعض الجهات الحكومية والعسكرية للتعامل مع هذه المدينة الفلسطينية لمهاجمة العديد من خصومهم على الساحة الانتخابية الصهيونية.
 
وفي هذا الصدد، يقول خبيران في الشؤون الإسرائيلية، إن قطاع "غزة" لا يزال منطقة صراع للعديد من المرشحين الإسرائيليين والذي قد يُنهي الحياة السياسية للبعض منهم، كما قضى خلال السنوات الماضية على الحياة السياسية لـ"اولمرت" و"باراك" و"ليبرمان"، خاصة وأن قطاع "غزة" يعتبر من المناطق الملتهبة والتي تشهد الكثير من الصراعات بين الفلسطينيين والمحتلين الإسرائيليين.
 
 
وحول هذا السياق، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور "عدنان ابو عامر"، "من الواضح أن السجال الانتخابي الإسرائيلي في هذه المرحلة يجري على قدم وساق، وقد تكون غزة ورقة لمنح هذا المرشح أو ذاك فرقاً في التصويت، واستمرار التوتر مع قطاع غزة قد يمحنهم فرصة التفوق على نتنياهو من خلال إظهاره بمظهر المفرّط بالأمن الإسرائيلي، وإظهاره بأنه ضعيف أمام المقاومة الفلسطينية في غزة في نفس الوقت".
 
وأشار "أبو عامر" إلى أن غزة كانت صعبة على صعيد الاستخدام كورقة بالنسبة لبعض المرشحين، قائلاً: "غزة فعلاً صعبة ولا تسمح لأحد بأن يستخدمها أي مرشح كورقة رابحة، فليس من السهل على العسكريين أو السياسيين الإسرائيليين المبادرة في اتخاذ قرار شن عملية عسكرية لرفع أسهمهم في الانتخابات، لاسيما أن غزة 2019 ليس 2009 ومن السهل على غزة أن تمنح شهادة وفاة لنتنياهو". 
 
مضيفاً: غزة لا تسمح بأن تستخدم كورقة في الانتخابات الإسرائيلية، نتنياهو يدرك أن أي تصعيد عسكري يعني إغلاق المجال الجوي وإدخال الإسرائيليين للملاجئ، وإعلان نهاية مبكرة لمستقبله السياسي، نتنياهو يدرك أن خصومه يسعون لاستدراجه نحو تفجير الموقف مع قطاع غزة، لعلمهم أن غزة ستردّ بالحديد والنار، وقد تطيح بمستقبله السياسي إلى الأبد.
 
وحول التهديدات الإسرائيلية تجاه قطاع "غزة" في مرحلة الانتخابات، قال "أبو عامر"، "بعد الانتخابات لكل حادثة حديث، من الصعب أن يتم تقييم موقف في موسم انتخابي على أنه الرؤية القادمة بعد الانتخابات، الجيش الإسرائيلي لديه قناعة أن غزة لا يمكن حلّها عسكرياً إذ لا بدّ من حل ملفاتها بالحل الاقتصادي ومن خلال تحسين الأوضاع المعيشية".
 
ويرى "أبو عامر"، أن الجيش الإسرائيلي سيعمل على كبح جماح أي مسؤول سياسي إسرائيلي في المستقبل يفكر بشنّ عملية عسكرية ضد غزة، مستدركاً بالقول: "لأن الذهاب لأي عملية عسكرية إسرائيلية قد يكبّد الجيش خسائر فادحة لا طاقة له عليها".
 
وأشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لديه تقدير موقف أن أي حرب قادمة ستنتهي إلى نفس نتائج الحروب السابقة الثلاثة، فلماذا يتم الذهاب إلى حرب غير واضحة المعالم والنتائج في الوقت الذي سيتكبّد فيه الجيش خسائر كبيرة دون معرفة ما هي الخطوة التالية بعد اليوم الأول!.
 
غزة هي العامل الحاسم والحكومات الإسرائيلية العاجزة
 
ذكر "تيسير محيسن" المختص في الشأن الإسرائيلي، أن ملف غزة وحضوره في الانتخابات الإسرائيلية ليس جديداً، وإنما غزة حاضرة في كل تفاصيل المجتمع الإسرائيلي، كيف لا تكون غزة حاضرة وكل التيارات الإسرائيلية والحكومات المتعاقبة عجزت عن التعامل مع القطاع.
 
وأضاف: الأدوات المستخدمة للتعامل مع غزة خلال السنوات السابقة أثبتت فشلاً ذريعاً، وعليه واجه "نتنياهو" انتقادات عنيفة، وكانت إحدى وسائله للتعامل مع قطاع غزة محل انتقاد وتهكم من المنافسين المعارضين، واستخدمها المنافسون كأدوات لتقليص حجم التأييد الشعبي لتيار "نتنياهو".
 
وذكر "محيسن"، أنه على الرغم من أن اليمين الذي يقوده "نتنياهو" حاول إقناع اليمين الإسرائيلي بأن هناك ملفات ذات أولوية أكبر من ملف غزة، إلا أن الواقع يقول أن ملف غزة فرض نفسه بقوة وأثّر على "نتنياهو" سلباً. 
 
مضيفاً: إن "غزة حاضرة كورقة لدى كل المرشحين الإسرائيلي لجلب أكبر قدر من الأصوات من المجتمع الإسرائيلي لمصلحتهم".
 
وفيما يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية التي أطلقها "ليبرمان" و"غانتس" و"نتنياهو"، أوضح "محيسن" أن تلك التهديدات تأتي في إطار البازار الانتخابي وهي جزء من الدعاية الانتخابية، مستبعداً تنفيذ أي من تلك التهديدات، قال: "مثلاً عندما تطالب بعض الأحزاب الإسرائيلية بحسم العلاقة مع غزة من خلال توجيه ضربة واسعة أو اجتياح واسع لغزة، هناك رأي مضاد معاكس له يقول إن تجربة التعامل العسكري لن يجدي نفعاً مع قطاع غزة".
 
مواقف الأحزاب الإسرائيلية من غزة
 
تباينت مواقف الأحزاب الإسرائيلية في طريقة التعاطي والتعامل مع قطاع غزة، مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة وفي هذا السياق استطلعت بعض الصحف الإسرائيلية قبل عدة أيام مواقف الأحزاب الإسرائيلية المرشحة للانتخابات، من قطاع غزة، وطريقة رؤيتها للحل هناك، كونها تحدياً كبيرا سيواجه الحكومة القادمة.
 
حيث أعرب حزب "كحول لفان" عن اعتقاده أنه لا يتوجب دفع أي مبالغ لحركة حماس تحت الضغط، كما يرى أنه سيكون من الصواب الالتفاف على الحركة وإيصال رسالة للسكان، بأنها هي الحائل بينهم وبين الحياة الرغيدة، وأنها ستسعى في هذا الإطار لإحداث حل يشمل مبادرات إقليمية واسعة، بينما لم يقدّم حزب "الليكود" أي خطة لطريقة تعامله مع القطاع، سوى الحديث عن تقوية قوة الردع. بدوره، عبّر حزب "العمل" عن اعتقاده أن الحزب لن يحتمل البالونات والطائرات الورقية والعبوات الناسفة والحرائق، معتبراً أن ردّ الجيش لغاية الآن كان صحيحاً ودقيقاً عبر توجيه النار ضد حماس، لأنها هي الحاكم الفعلي للقطاع وعليها تحمل المسؤولية. فيما عقَّب تحالف حزب "يمينا"، بالقول إن الحل يكمن في إخضاع حماس وعدم تحويل الأموال للحركة لقاء الهدوء، وأنه يتوجّب على حماس أن تبدأ بالخوف حال وصول الحزب للحكم.
 
 
كما عبّر حزب "يسرائيل بيتينو" عن اعتقاده أن الحل يكمن في العودة للتصفيات الجسدية لقادة حماس، وبعدها الذهاب نحو حلول إقليمية تشمل عمليات تبادل للأراضٍ ونقل للسكان.
 
أما حزب " القوة اليهودية" ذو الفرص المتدنية في الدخول إلى الكنيست، فيرى أن الحل يكمن في القبضة العسكرية الحديدية ضد القطاع، بالإضافة لتشجيع هجرة السكان من هناك وإعادة المستوطنين إلى العيش في "غوش قطيف".
 
وفي النهاية، ترى الأحزاب العربية واليسار الإسرائيلي أنه ليس من مصلحة الحكومة الذهاب نحو عملية عسكرية واسعة، وأن الحل يكمن في تسوية بعيدة الأمد في القطاع تضمن رفع الحصار ووقف العمليات، في حين يرى خبراء في الشأن الإسرائيلي أن رؤية شتى الأحزاب الإسرائيلية لمستقبل الحل في قطاع غزة تفتقد للاستراتيجية في التعامل، وتركّز على المنحى التكتيكي والحلول المؤقتة وتأجيل الحلول القابلة للحياة.