نتنياهو وجنون السلطة.. ضم الخليل أنموذجاً

نتنياهو وجنون السلطة.. ضم الخليل أنموذجاً

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٧ سبتمبر ٢٠١٩

ساعات قليلة تفصلنا عن نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي باتت تشكّل كابوساً مزعجاً لرئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم حزب الليكود بينامين نتنياهو، فلا توجد نتائج مضمونة بعد اليوم لنتنياهو الذي لم يكن على قدر الثقة بالنسبة لناخبيه لذلك تراجعت شعبيته يوماً بعد يوم، لاسيما أنه ملاحق بقضايا فساد، لكن أكثر ما يقلق الإسرائيليين أن نتنياهو لم يعد قادراً على حمايتهم من ردود المقاومة الساحقة سواء في لبنان أم فلسطين.
 
الأمر الآخر أن صديقه المقرّب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يبارك له هذه الانتخابات، إذ لم يعطه أي جرعة أمل أو ثقة تدفع الناخبين لاختياره دوناً عن غيره، فقبيل الانتخابات السابقة اعترف ترامب بسيادة "الكيان الإسرائيلي" على الجولان وعلى الرغم من أن هذا الاعتراف يخالف جميع الاتفاقيات الدولية ويعدّ أمراً مهماً للصهاينة إلا أن نتيجة هذا الأمر لم تنعكس سلباً على الانتخابات السابقة، ولا حتى الاعتراف بالقدس ولا حتى جعجعة "صفقة القرن" نفسها.
 
لم يبقً أمام نتنياهو "طعم" يلقي به إلى الإسرائيليين لكي يجذبهم إلى سنارته الانتخابية سوى الحديث عن ضمّ الخليل وغور الأردن، وقبل أسابيع ذهب نتنياهو بنفسه إلى الخليل وطوّقت قواته المدينة التي لا يعيش فيها سوى بضعة آلاف من الصهاينة، وداس جميع القوانين الدولية والاتفاقيات الخاصة بمدينة الجليل ومضى دون الاكتراث بالنتائج في ظل صمت السلطة الفلسطينية والعالم عن هذا الحدث، واكتفى من تضامن مع الجليل ومنهم السلطة نفسها بإطلاق بيانات "تنديد" لما جرى، هذه البيانات وهذا التراخي في التعامل مع موضوع "الجليل" دفع نتنياهو للتمادي أكثر والحديث بجدية عن ضمّ غور الأردن والجليل، وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بضم البلدة القديمة من مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، ومستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي المدينة، عشية انتخابات الكنيست المقررة اليوم الثلاثاء.
 
وردّاً على سؤال في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، الاثنين، حول ما إذا كان نتنياهو ينوي "ضم التجمع اليهودي في الخليل ومستوطنات كريات أربع" أجاب: "نعم بالطبع، إنها ستكون جزءاً من إسرائيل، ولكن أنا أريد تفويضاً من أجل تنفيذ هذه الخطة"، في إشارة إلى إعادة انتخابه.
 
لكن من وجهة نظر نتنياهو فإن عبارة "مباشرة بعد الانتخابات" موثوقة تماماً مثل تصريحات سابقة بشأن القضية الفلسطينية والملف النووي الإيراني، التي كانت مجرد فقاعة إعلامية لخدمة أجندته الانتخابية، على حد تقدير المحللين. 
 
وكان نتنياهو قد قال خلال زيارة له إلى الخليل مطلع الشهر الحالي: "سنبقى في الخليل إلى الأبد".
 
ويستوطن نحو ألف مستوطن إسرائيلي في البلدة القديمة من مدينة الخليل، التي يسكنها أكثر من 40 ألف فلسطيني.
 
وأشار نتنياهو إلى أنه أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقراره "ضم جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية".
 
وقال: "قلت لترامب: أنا أخطط لفرض السيادة على جميع المستوطنات، بما فيها الكتل والأراضي حولها وجميع المستوطنات والمناطق ذات الأهمية لأمن وتراث إسرائيل".
 
وأضاف نتنياهو: "قلت إننا لن نخلي أي شخص (مستوطن) وأنا لن أعترف بحق العودة وقلت إن القدس يجب أن تبقى موحدة، لقد قلت كل هذه الأمور".
 
وتابع: "عدنا للخليل للتعبير عن النصر، لقد أرادوا اقتلاعنا من هذا المكان بشكل نهائي، لكنهم أخطؤوا وارتكبوا مذبحة قبل 90 عاماً بحق اليهود".
 
 
وسبق لنتنياهو أن أعلن الأسبوع الماضي، عزمه ضمّ منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت، التي تبلغ مساحتها نحو 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية، إلى "إسرائيل" في حال فوزه في الانتخابات.
 
لكن هذه الوعود التي تستهدف أصوات اليمين المتطرف لم تحقق لنتنياهو حتى الساعة تقدماً يذكر في استطلاعات الرأي، وما زالت الكفة تتأرجح بينه وبين حزب "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس، لتصدر الانتخابات، فيما لا يزال اليمين عاجزاً عن تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو من دون حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يرأسه أفيغدور ليبرمان.
 
يبدو أن نتنياهو الذي فشل في استعطاف الصهاينة لانتخابه بالرغم من كل الدعم الأمريكي والصمت الغربي والعربي وجد أن أفضل حل لدفع الصهاينة للتصويت له في الانتخابات المقبلة، هو اللعب على الوتر الديني الذي يتمسّك به الصهاينة ويمكن أن يتأثروا به، خاصة وأن المشروع الصهيوني يستقي مفاهيمه وتعاليمه من الرواية اليهودية ولكن تم تسويقه في العالم خاصة في أوروبا التي تحرّرت من سلطة الإقطاع الديني وسطوة الكنيسة على النشاط العقلي بأنه مشروع علماني وذلك كأسلوب تضليلي للدعاية في الحركة الصهيونية، والمشروع الاستعماري الغربي القائم على وجود أي كيان غريب في قلب النقطة مغاير عن نسيجها الاجتماعي الحضاري كي يعمل على منع وحدة شعوبها في إطار دولة قومية واحدة على غرار الدول القومية في العالم وذلك بهدف إبقائها في وضع التخلف الحضاري بكل أشكاله ملحقة بالنظام الرأسمالي العالمي والذي سيكون هذا الكيان الغريب من وظيفته السياسية العدوانية الأساسية هي أولاً  المحافظة على مصالح دول هذا النظام الرأسمالي الامبريالي العالمي.
 
إن هذا التدنيس الصهيوني لمقدساتنا هو سياسة صهيونية مدروسة، سواء المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي كما الاعتداء على المساجد في منطقة 48.
 
دولة الكيان الصهيوني ابتدأت بضم القدس، وها هي تهيّئ الأجواء لضم مدينة الخليل، وذلك في التحضير لضم المنطقة C في الضفة الغربية (وهي تشكل 60% من أراضيها).
 
هذه هي "إسرائيل" التي يراهن كثير من الفلسطينيين والعرب، للأسف! على إمكانية قيام سلام معها وعلى إمكانية اعترافها بقيام دولة فلسطينية مستقلة.