هل اتفق الأميركيون والأتراك على منطقة آمنة شرق سوريا؟ وأين ستكون؟

هل اتفق الأميركيون والأتراك على منطقة آمنة شرق سوريا؟ وأين ستكون؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٣ أغسطس ٢٠١٩

حتى الآن، من غير الواضح ما هي تفاصيل المنطقة الآمنة التي توافق الأتراك والاميركيون على مقاربتها في الشرق السوري وعلى الحدود مع تركيا، وحيث ان ما اتفقا عليه ظاهريا لا يتجاوز غرفة عمليات وتنسيق مشتركة  لتحديد معطيات المنطقة الآمنة هذه، ليس بالضرورة ان يكتمل هذا الاتفاق، تماما كما حصل في موضوع منبج والتي بقي اتفاقهما حولها حتى الآن من دون تنفيذ، على الرغم من مرور أكثر من عامين عليه.
اهم نقاط الخلاف حول المنطقة الآمنة تدور حول عرضها، إذ  يريدها الأتراك بحدود عشرين ميل ( 32 كلم ) وعلى كافة الحدود التركية السورية شرق الفرات وحتى الحدود مع العراق شرق القامشلي، بينما لم يكن الاميركيون يريدون عرضها اكثر من 9 اميال، وليس على كامل الحدود إذ أنهم لا يوافقون على تضمينها المناطق الاستراتيحية من الشرق السوري المتاخمة للعراق، وحيث يوجد طبعا نقاط خلاف اخرى، تتعلق بتحديد جنسية الوحدات التي سوف تديرها والتي سوف تكون لها صلاحية امساك الامن فيها، وما هي قواعد الاشتباك وبروتوكولات التدخل والتوقيف، وما الى ذلك من إجراءآت عملية تحضنها اية منطقة أمنية، فما هي الحغرافيا الممكنة لهذه المنطقة؟ وكيف ستحقق أهداف كل من  الاميركيين والأتراك في نفس الوقت وبعضٍ من أهداف المجموعات الكردية على الاقل؟.
لناحية عرض المنطقة الآمنة :
مهما كان عرضها او على اي عرض تم الاتفاق، سوف تبقى وحدات الحماية الكردية او قوات سوريا الديمقراطية او أي فصيل كردي آخر، على تماس ميداني وجغرافي مباشر مع الأتراك او مع مجموعاتهم التي ترعاها انقرة من المسلحين السوريين المعارضين… وهذا لن يُنهي احتمال او امكانية تسلل مجموعات كردية ( إرهابية) كما تدعي انقرة، الى الداخل التركي وتهديد الامن، لا بل بالعكس، سوف تكون هذه المنطقة نقطة غير مضبوطة جيدا من الناحية الامنية، بسبب تداخل عدة مجموعات مسلحة مع بعضها وانتشارها فيها، الامر الذي سوف يُصعّب القدرة على الإمساك بها وضبطها، وهكذا فإن عرض المنطقة الامنية مهما يكن، لن يحل مشكلة الاتراك الامنية كما يدَّعون او كما يتحججون.
لناحية تحديد البقعة الجغرافية:
اذا كانت هذه البقعة الامنية المفترضة سوف تتضمن مدنا كردية اساسية، مثل كوباني (عين العرب) والقامشلي والحسكة وغيرها، فان الاكراد الطامحين بادارة ذاتية، سوف يخسرون الإمكانية المناسبة لإطلاق هذه الإدارة او الكانتون من دون تلك المدن الاساسية والضرورية لها، وطبعا هذا لن يرضي الاميركيين لان عينهم دائما على خلق ودعم كانتون انفصالي كردي – عربي في الشرق السوري.
لناحية امكانية ترحيل اللاجئين السوريين اليها:
لن يكون الأمر مناسبا وممكنا بسهولة، لو تم ترحيل اللاجئين السوريين الموجودين حاليا في تركيا الى مدن وبلدات في الشرق السوري، الغالب من سكانها هم من الاكراد السوريين، لان في ذلك مشروع توتر وصدام غير بسيط.
اذن، ما هو الحل الذي يرضي اغلب الأطراف الأساسيين وفي نفس الوقت يحقق اكبر قدر ممكن من الأهداف المرجوة من المنطقة الآمنة؟.
في دراسة (ميدانية – جغرافية – ديموغرافية) للشرق السوري حاليا، ربما يتفق الاميركيون والأتراك على منطقة أمنية تبدأ انطلاقا من مدينة تل ابيض وتتمدد جنوبا حتى عين عيسى الاستراتيحية وصولا الى شمال الرقة، مع توسع مناسب شرقا وغربا لاحتضان اغلب محافظة الرقة تقريبا، فهذه المنطقة تحوي بيئة سكانية سورية، الغالب فيها هم عرب سوريون، مع تواجد كردي سوري متواضع، وهذا الانتشار التركي سوف يؤمن :
– فصل المنطقة الكردية شرق الفرات  الى قسمين ، قسم شرقي وقسم غربي .
– قطع التواصل بين منبج وعين العرب ومحيطها مع الشمال العراقي حيث يدعي الأتراك تسلل مخربين وتهديدهم الامن الداخلي التركي .
– تشتيت الجغرافيا الحاضنة للاكراد السوريين واضعافهم جغرافيا وشعبيا.
– يؤمن منطقة مناسبة جغرافيا وشعبيا، لترحيل اللاجئين السوريين من تركيا اليها، وتكون بما تحضنه من إعداد كبيرة معارضة للدولة السورية، نواة مساعدة لنواة كردية اخرى، ايضا معارضة للدولة السورية، إنما اضعف من ان تكون اساس لادارة ذاتية يرفضها الاتراك بقوة .
وهكذا يمكن أن تكون هذه المنطقة بين تل ابيض وحتى الرقة، والتي سوف تكون نتيجة توافق اميركي تركي، منطقة آمنة، تُضعف الأكراد كما تريد انقرة، مع ابقاء نواة عسكرية و شعبية مقبولة لهم، كما تريد واشنطن، وفي نفس الوقت تشكل هذه المنطقة ممر سلام كما وصفها الأميركيون، والاهم انها سوف تكون كما تريدها واشنطن، ميدانا لعرقلة سيطرة الدولة السورية على شرق الفرات.