واشنطن تطالب ألمانيا بإرسال قوات بريّة إلى سوريا.. إقرار بالهزيمة أم مناورة جديدة؟

واشنطن تطالب ألمانيا بإرسال قوات بريّة إلى سوريا.. إقرار بالهزيمة أم مناورة جديدة؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠١٩

مرّة جديدة يعود الحضور العسكري الغربي في سوريا إلى الواجهة من جديد، العودة الجديدة جاءت بناءً على طلب أمريكي من ألمانيا بإرسال قوات عسكريّة إلى سوريا لمساعدة الأكراد.
 
ورغم مشاركة ألمانيا في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في سوريا من خلال طائرات للاستطلاع وإعادة تزويد الطائرات بالوقود، فضلاً عن تدريب قوات في العراق، غير أن ذلك ليس كافياً من وجهة نظر واشنطن التي تطالب برلين بالمزيد.
 
الطلب الأمريكي بإرسال قوات برية لدعم قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا جاء على لسان جيمس جيفري، مبعوث أمريكا الخاص إلى سوريا، والتحالف الدولي حيث طلب من الحكومة الألمانية أن ترسل قوات تدريب وخبراء لوجستيين وعمال تقنيين من "البوندسفير" (الجيش الألماني).
 
وقال جيفري لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) وصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية "نريد قوات برية من ألمانيا لتحلّ محلّ جنودنا جزئياً"، وقال إنه يتوقع الحصول على ردّ قبل نهاية هذا الشهر.
 
لا تنفصل الدعوة الأمريكية عن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون أول الماضي عن خطط لسحب جميع الجنود الأمريكيين البالغ عددهم ألفي جندي من شمال شرقي سوريا.
 
لكن ترامب وتحت وطأة الضغط الداخلي لاسيّما من وزارتي الدفاع والخارجيّة تراجع فيما بعد وقال إن حوالي 400 فرد سيبقون للمساعدة في استقرار المنطقة الكردية، التي تمتد على الحدود بين العراق وسوريا.
 
وتعمل أمريكا منذ ذلك الحين على الحصول على دعم إضافي من حلفائها الثمانين في التحالف الدولي.
 
انقسام ألماني: لسنا جمهورية موز!
 
الطلب الأمريكي أثار انقساماً ألمانياً غير مسبوق باعتبار أن إرسال جنود للخارج مسألة بالغة الحساسية في ألمانيا، فقد فوجئت الطبقة السياسية بالطلب الأمريكي لبرلين كي ترسل قوات برية إلى سوريا لمكافحة الإرهاب، وفي حين سارع الاشتراكيون إلى رفض الطلب الأمريكي، بدا المحافظون منفتحين عليه.
 
تورستن شيفرـ غومبل، عضو الهيئة الرئاسية الثلاثية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الثاني في الائتلاف الحاكم في برلين رفض ما طلبه الممثل الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جيفري من ألمانيا بشأن إرسال قوات برية إلى شمال البلاد.
 
وقال شيفرـ غومبل في تغريدة له على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي:" تفويض من هذا النوع سيرفضه الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لن نوافق على إرسال قوات برية ألمانية إلى سوريا، ولا أرى أن الشريك في الائتلاف الحكومي يريد ذلك"، وذلك في إشارة للاتحاد المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة ميركل.
 
كما دعا المستشار الألماني السابق، الاشتراكي الديمقراطي، غيرهارد شرودر إلى عدم السماح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمعاملة ألمانيا كدولة "تابعة"، حسب تعبيره.
 
وأضاف في تصريحات لصحيفة هاندلسبلات قائلاً: "لسنا جمهورية موز هنا!".
 
في المقابل أعربت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي أنغريت كرامب ـ كارنباور، حزب المستشارة ميركل، انفتاحها مبدئياً على إجراء نقاش حول الموضوع. 
 
وقالت كرامب كارينباور حول نشر قوات برية ألمانية في سوريا: "إنها قفزة كبيرة بالنسبة إلينا"، لكن يجب على الناس أن يدركوا أن "الأمر هنا يتعلق بجزء كبير من الأمن الذاتي في ألمانيا وليس فقط أمر ترغب فيه أمريكا".
 
ألمانيا ترفض
 
يبدو أن ألمانيا لم تنتظر المهلة الأمريكية بل سارعت إلى الإعلان عن رفضها الطلب الأمريكي بإرسال قوات برية إلى شمال سوريا، فهو أمر من شأنه أن يثير خلافات داخل ائتلاف المستشارة الألمانية انغيلا ميركل.
 
فقد أكّد ستيفن شيبرت المتحدث باسم الحكومة خلال لقاء إعلامي دوريّ «عندما أقول إنّ الحكومة الألمانية تنوي الإبقاء على مشاركتها في التحالف ضد تنظيم داعش، فإن ذلك كما ندرك، لا يشمل قوات برية».
 
بعيداً عن الرفض، يبدو أن ترامب سيمضي في خطة الانسحاب بعد فشل مهمة سلفه أوباما في إسقاط الرئيس الأسد.
 
ترامب يريد خروجاً آمن لا يجعله عرضة للانتقاد الداخلي، وبالتالي يبحث عن حليف يمكنه ملء هذا الفراغ، وبما أن ألمانيا لم تلبِّ الدعوة فإن أمريكا أمام خيارات ثلاث: إما الانسحاب دون البديل، أو البحث عن بديل آخر أو البقاء لفترة أخرى مع تقليص جديد لعدد الجنود هناك.
 
إننا نرى الطلب الأمريكي هو بمثابة إقرار بالهزيمة حيث فشلت واشنطن وحلفها الدولي في تمرير مشروعهم في سوريا بعد أن كسر الجيش السوري وحلفاؤه شوكة داعش التي كانت تستخدم لضرب السوريين.