ذوو البشرة السوداء ...قصص العبيد المأساوية في "إسرائيل"

ذوو البشرة السوداء ...قصص العبيد المأساوية في "إسرائيل"

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠١٩

 أدّى مقتل "سليمان تاكا" 18 عاماً، على يد الشرطة الإسرائيلية، إلى خروج الآلاف من الإثيوبيين اليهود إلى الشوارع للاحتجاج على هذا الإجراء الإجرامي الذي كشف الوجه القبيح لقادة هذا الكيان الغاصب، وتمييزهم العنصري ضد أبناء البشرة السوداء من اليهود، وحول هذا السياق كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن ما أطلق هذه الاحتجاجات كان عدم معاقبة رجل الشرطة الذي قام بهذه الجريمة من دون مبرر، وتقول الشرطة الإسرائيلية إن 47  ضابطاً أصيب، وتم اعتقال 60 شخصاً من المتظاهرين وفي بيان لها قالت الشرطة بأنها على مدار الأيام الماضية سمحت بتنظيم مظاهرات وسمحت للمتظاهرين بالتظاهر علناً.
ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أنه في الوقت الذي يخضع فيه الشرطي المذكور للإقامة الجبرية في منزله بعد أن استجوبه المحققون بشأن القضية، يشارك حشد كبير من اليهود الإسرائيليين ذوي الأصول الإثيوبية في مظاهرات ضخمة تتواصل منذ يوم الاثنين الماضي، وأكدت تلك المصادر بأن المتظاهرين سدّوا مفارق الطرق السريعة، ووجّهوا اتهامات جديدة بالعنصرية إثر هذا الحادث، وأغلق المتظاهرون أيضاً طرقات رئيسة في كل أنحاء البلاد وأشعلوا إطارات السيارات ونددوا بما يرون أنه تمييز ضد الإسرائيليين من أصول إثيوبية.
اليهود الأفارقة
يعاني اليهود الأفارقة الذين يبلغ عددهم أكثر من 170 ألف نسمة، بحسب آخر الإحصاءات الإسرائيلية، من رفض الحاخامية اليهودية الاعتراف بالكثير منهم، مشككة بيهوديتهم. إذ تعتبر الحاخامیة الكبرى في إسرائيل مسؤولة عن الاعتراف بيهودية شخص من عدمها، ويعتبر قرارها نهائياً لا رجعة فيه، واليهود السود الذين مشوا على أرجلهم مئات الأميال في صحارى وهضاب إثیوبیا، وصولاً إلى معسكرات تجميعهم، التي أخذت بنقلهم إلى فلسطين المحتلة، عام 1982، وموجة الهجرة الثانية الكبيرة أيضاً عام 1991، يعانون من تمييز وفصل عنصري كبير، لا يقل عن معاناة السود في أمريكا، بل أكثر من ذلك.
وكثيرة هي الشواهد على عنصرية هذه  الدولة التي تضطهد كل من يخالفهاً عرقاً ولوناً ودينياً وطائفة، وما التظاهرات الاخيرة إلا خير دليل على عنصرية هذا الكيان الغاصب الذي قام بقتل الشاب الأسود "سليمان" بدم بارد، ونظراً للتمييز العنصري ضدهم، فإن اليهود من أصل إثيوبي ينتشرون في مناطق محددة داخل "إسرائيل"، كما ينتشرون في بعض المناطق والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ووفقاً لبعض المصادر الإخبارية، فإن أكبر تجمع للإسرائيليين من أصل إثيوبي في الضفة الغربية المحتلة يوجد في مستوطنة "كريات أربع" قرب الخليل وتتسم معظم هذه التجمعات ببيئتها الفقيرة، وارتفاع معدلات البطالة، وفقدان جزء كبير من الخدمات التي تتمتع بها المدن الإسرائيلية التي يقطنها اليهود البيض.
التعامل مع اليهود السود.. تمييز عنصري
ترفض اليهودية الأرثوذكسية في "إسرائيل" الاعتراف بالكثير من اليهود الأفارقة، لا بل تشكك بيهودية بعض الذين تمكنوا من الهجرة إلى "إسرائيل" والذين يبلغ عددهم أكثر من 170 ألف نسمة، ويطلق على هؤلاء اليهود الأفارقة اسم "الفلاشا" و"بيتا إسرائيل" وتعني جماعة إسرائيل، واليهود الفلاشا لا يتمتعون بنفس حقوق التعليم والوظائف، في المجتمع الإسرائيلي حديث التشكّل، الذي يعاني من مشكلات انقسام عرقي وديني حادة. 
والفلاشا إلى جانب اليهود الشرقيين عموماً، لطالما رفعوا أصواتهم ضد التمييز العنصري الذي يتعرّضون له في "إسرائيل"، وكانت من أبرز الحوادث العنصرية الاعتداء على جندي من أصل إثيوبي، وكذلك إلقاء أحد المراكز الطبية الإسرائيلية بدم تبرعت به نائبة من أصل إثيوبي في الكنيست في القمامة.
يذكر أن معظم رؤساء وزراء "إسرائيل" وعلى رأسهم "ديفيد بن غوريون" و"موشيه شاريت" و"ليفي إشكول" و"غولدا مائير"، رفضوا هجرة اليهود الإثيوبيين الجماعية إلى "إسرائيل"، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى إبعاد من وصلوا إلى "إسرائيل" بالفعل خلال تلك الأعوام بحجة أنه لا ينطبق عليهم قانون العودة، وأنهم نصارى، ونبعت معارضة المسؤولين الإسرائيليين لهجرة اليهود الفلاشا إلى "إسرائيل" من موقفهم الديني.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن معدل البطالة داخل هذه الفئة المهمّشة وصل عام 2005 إلى حوالي 65 في المئة، فيما ظلّت نسبة كبيرة منهم تعيش في مناطق معزولة عن باقي اليهود الأشكناز والسفارديم. 
وأظهرت دراسة في العام 2012 أن معدل دخل اليهودي من أصل إثيوبي أقل بنسبة 30-40 في المئة من دخل فلسطينيي 1948، الذين هم بدورهم يشتكون من العنصرية والتمييز، وقام المسؤولون في "تل أبيب" في السنوات الأخيرة بإسكان اليهود السود واليهود الشرقيين، بما في ذلك اليهود الروس ويهود دول أوروبا الشرقية، في مدن غير آمنة تقع بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، والضفة الغربية، والجولان، وذلك من أجل استخدامهم كدروع بشرية لتعزيز سيادة "إسرائيل" في هذه المناطق .
وبالنظر إلى معاملة "تل أبيب" العنصرية للمواطنين الجدد في مجال توفير خدمات التوظيف والرعاية الاجتماعية، يمكن أن تتسبب في عدم قدرة اليهود السود على الاندماج في هذا المجتمع الإسرائيلي ومن المحتمل أن تقوم هذه الفئة من اليهود بالعديد من المظاهرات والاحتجاجات داخل "إسرائيل"، ما قد يؤدي إلى خلق حركات مناهضة للعنصرية في المجتمع الإسرائيلي الذي يواجه حالياً العديد من الثغرات الاجتماعية التي جاءت نتيجة للتمييز العنصري بين اليهود السفارديم والأشكناز من جهة، وبين اليهود المتدينين والعلمانيين من جهة أخرى.