الفجوة بين قطر والسعودية تزداد عمقاً.. هل تستسلم الدوحة لمطامع الرياض؟

الفجوة بين قطر والسعودية تزداد عمقاً.. هل تستسلم الدوحة لمطامع الرياض؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠١٩

إن التصريحات التي وجّهها بعض المسؤولين القطريين للسعودية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الدوحة قرّرت بأنها لن تتراجع عن مواقفها السابقة، ولن تستسلم لمطالب الدول العربية الأربع التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية معها قبل عامين وأنها سوف تسعى جاهدة لإثبات نفسها، وتقويّة قدراتها السياسية والاقتصادية في المنطقة.
وحول هذا السياق قال "خليفة بن حمد آل ثاني" شقيق أمير قطر في تغريدة على حسابه: (إن بلاده لا تدعو للحرب، لكنها جاهزة لها إذا اقتضى الأمر، وكل من تسوّل له نفسه أو يفكر بالاعتداء على بلادنا، فنحن وكل ما نملك فداء لوطننا وقائدنا "تميم")، وتأتي تغريدات الشيخ القطري في الوقت الذي تستمر فيه حدّة التوتر بالأزمة الخليجية بالتصاعد، وكان آخرها مرافعات أمام محكمة العدل الدولية بقضية "التمييز ضد القطريين" رفعتها الدوحة ضد الإمارات، وشراء قطر أسلحة بعدة مليارات من عدة دول وفي مقدمتها أمريكا.
يذكر أن الأزمة الدبلوماسية مع قطر حدثت في عام 2017 داخل البيت الخليجي والدول العربية، عندما قررت السعودية والإمارات والبحرين ومصر محاصرة قطر سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، بسبب ما وصفوه بعدم التزام الدوحة بمقررات تم التوافق عليها سابقاً بمجلس التعاون الخليجي، ويعُتقد أن أبرزها هو الموقف القطري من عزل الرئيس السابق "مرسي" بعد أحداث 30 يونيو الذي يراه الإعلام المحسوب على قطر بأنه انقلاب الثالث من يوليو في مصر، ودعم قطر لما اعتبروه فوضى وعدم استقرار في المنطقة وما تراه قطر "ثورات الربيع العربي"، وعلاقات حكومة قطر مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، والمتطرفة من وجهة النظر الإماراتية – السعودية، والتعاطي الإعلامي لقناة الجزيرة مع بعض الأحداث الذي تراها الدول المحتجة بأنه تحريض وإعلام موجّه، والخلاف حول طريقة مكافحة الإرهاب، وعدم بذل دولة قطر ما يكفي لمكافحته، أو الاتهام بتمويله، وإعطاء جماعات العنف منابر فضائية للتعبير عن أفكارها، وطبيعة العلاقات مع إيران. 
ولكن بعد عامين من ذلك، ما زالت الأزمة على حالها، مع رفض قطر المتواصل التدخل في سيادتها والمطالب الـ13 التي اشترطتها الدول الأربع عليها.
وفي سياق متصل، نشر "خليفة بن حمد"، شقيق أمير دولة قطر الحالي الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، مقطع فيديو لوالدهما الأمير السابق، "حمد بن خليفة آل ثاني"، وهو يتحدث عن الحرب في اليمن وفي مقطع الفيديو، الذي نشره الشيخ "خليفة" على صفحته عبر "تويتر"، قال الشيخ "حمد": "اليمن صار لها كم سنة وهو من حرب إلى حرب، ثم لا تسمع بعض التصريحات أنا بنخلص، لا، هذه مثل ذاك الذي يقول بسوي وما سويت، ولا شي من الذي قلته سويته". وفي تغريدة منفصلة، نشر الشيخ "خليفة" صورة لشعار القمة الخليجية العام 2017، بتعليق قال فيه: "من كان يتصوّر أنه سيكون شعاراً لآخر قمة خليجية.. في ليلتها تحطّم شعار "خليجنا واحد" بفعل غدرهم وتآمرهم، لكن سيبقى الشعب الخليجي واحداً مهما حاولوا تمزيقه".
وفي السياق ذاته، انتقد عدد من المسؤولين القطريين الدول التي أيّدت المجلس العسكري الانتقالي في السودان، وأشاروا إلى موقف السعودية والإمارات ودعمهما للمجلس العسكري بـ3 مليارات دولار وأعربوا بأن السعودية والإمارات بدأتا تخوضان في الشأن الداخلي السوداني بدعمهما للمجلس العسكري الانتقالي بهدف عرقلة الانتقال إلى الحكم المدني، وكشفوا أن حزمة المساعدات المالية والسلعية الجديدة من الدولتين البالغة ثلاثة مليارات دولار خففت الضغط على الوضع الاقتصادي وعلى المجلس العسكري الانتقالي، لكنها أغضبت السودانيين المعادين لأي دعم أجنبي للحكومة العسكرية المؤقتة. 
ولقد أفادت العديد من المصادر الاخبارية بأن حالة من التململ السياسي والشعبي تسود هذه الأيام في السودان، بسبب محاولة الرياض والإمارات ومصر التدخل في السودان ومحاولة بسط نفوذها وتحويل مسار الثورة، خصوصاً بعد أن كانت الرياض وأبوظبي من أوائل الدول المُرحّبة بقرارات المجلس العسكري في السودان.
قطر تسعى للاكتفاء الذاتي من الغذاء
منذ بداية فرض الحصار على دولة قطر قبل عامين من قبل كل من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، ظهر المنتج الوطني القطري كبديل قوي أمام المنتجات الأخرى، إذ زادت القوة الإنتاجية للمواد التي يتمّ تصنيعها في قطر، وذلك لتلبية حاجة السوق إليها، وفي الأيام الأولى من الحصار أطلقت وزارة التجارة القطرية مبادرة دعم المنتج الوطني بالتعاون مع المجمعات التجارية والاستهلاكية الكبرى، وذلك من خلال التنسيق معها لعرض المنتجات الوطنية بشكل واضح، ووضع ملصق يحمل شعار منتج وطني يشير إلى السلع والمنتجات المحلية، بحيث يسهل للمستهلك الوصول إليها وفي إطار خطط الدوحة لزيادة الإنتاج المحلي الوطني وتركيز الجهود نحو الاكتفاء الذاتي من المنتجات والسلع الغذائية، كشف وزير البلدية والبيئة القطري "محمد بن عبد الله الرميحي"، أنه تم افتتاح مجمّعين زراعيين للإنتاج الزراعي والحيواني والدواجن والأسماك، وتم توفير الأعلاف بدعم من بنك قطر للتنمية.
وفي قطاع اللحوم الحمراء ذكر أن دولة قطر تشهد حالياً زيادة في أعداد المواشي تصل نسبتها إلى نحو 20% سنويا، فيما تجري زيادة أعداد المواشي فيها لهذا الغرض، مشيراً إلى أن العدد الكلي لهذه المواشي بالدولة يصل الآن إلى مليون و350 ألفاً، 70% منها أغنام . أما في مجال إنتاج الدواجن، فقال "الرميحي" إنه تجري توسعة الشركة العربية للدواجن ليرتفع إنتاجها من الدواجن بنسبة 100%، أي ليصل إلى حوالي 20 مليون دجاجة سنوياً بدلاً من الإنتاج الحالي وقدره 10 ملايين دجاجة في العام.
في النهاية، تجدر الإشارة إلى أن قطر لم تركع للدول العربية الأربع التي كانت تربطها بها روابط وثيقة، ولم تستجب للمطالب المجحفة التي طالبت بها تلك الدول العربية، وإنما اتخذت العديد من الاستراتيجيات المناسبة للمضي قدماً على طريق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز علاقاتها مع البلدان الصديقة الأخرى.