نهاية غير مثمرة لاجتماع (تل أبيب) الأمني.. سهام "نتنياهو" تصيب الصخور

نهاية غير مثمرة لاجتماع (تل أبيب) الأمني.. سهام "نتنياهو" تصيب الصخور

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٣٠ يونيو ٢٠١٩

ناقشت القمة الأمنية الإسرائيلية الأمريكية الروسية التي انعقدت يوم الأحد الماضي بالقدس المحتلة، مستقبل سوريا والإصلاح السياسي فيها، بضمان بقاء الرئيس "بشار الأسد" فيها وإبعاد إيران عنها، وتعزيز التنسيق والتعاون بين هذه الدول، وعودة واشنطن لحلف "تل أبيب" و"موسكو الإقليمي"، وتقارب وجهات النظر، في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران بالخليج الفارسي وأزمة الاتفاق النووي. 
وركّزت هذه القمة التي جمعت لأول مرة مستشاري الأمن القومي الإسرائيلي "مئير بن شبات"، ونظيره الروسي "نيكولاي بتروشيف"، ومستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون"؛ الذي سارع لتوجيه التهديدات لإيران من "إسرائيل" خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، مؤكداً أن القمة الثلاثية بمثابة فرصة لتعزيز التعاون بين أمريكا و"إسرائيل" وروسيا.
ورغم أن القمة الأمنية أتت في فترة انتخابات الكنيست المعادة والتي ستجرى في أيلول المقبل، فإن المحللين استبعدوا نجاح "نتنياهو" في توظيفها لرفع رصيده الانتخابي، خاصة أن القمة بمضامينها وجوهرها تحظى بإجماع مختلف الأحزاب الصهيونية، خاصة تحالف حزب الجنرالات "كاحول-لافان" الذي يزاحم نتنياهو على تشكيل الحكومة المقبلة. 
ويجمع محللون إسرائيليون على أن انعقاد القمة الثلاثية في "إسرائيل" بالتزامن مع قمة البحرين الاقتصادية، والتصعيد العسكري بالخليج الفارسي، وفرض الإدارة الأمريكية المزيد من العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي؛ بمثابة إنجاز للدبلوماسية الإسرائيلية، وتعزيز مكانتها الدولية والإقليمية بنجاحها في جمع المصالح الروسية والأمريكية، بما يتماشى مع الأمن القومي الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، أكد أمين مجلس الأمن الروسي "نيكولاي باتروشيف"، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" في مستهل زيارته لـ "تل أبيب" أن موسكو تُعير اهتماماً كبيراً لضمان أمن "إسرائيل"، لكنه شدد على أن تحقيق هذا الهدف يتطلب استتباب الأمن في سوريا، يذكر أن هذا المسؤول الروسي كان قد وصل يوم الاثنين الماضي إلى "إسرائيل" للمشاركة في الاجتماع الثلاثي مع مساعد الرئيس الأمريكي للأمن القومي "جون بولتون"، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "مئير بن شبات". 
وذكر "باتروشيف" أن الاجتماعات التي ستمتد حتى يوم الثلاثاء ستركّز على التطورات الراهنة في الشرق الأوسط وخاصة الملف السوري، مشيراً إلى أنه سيجري بحث الخطوات التي لا بدّ من اتخاذها لإحلال السلام في سوريا بما فيها التوصل إلى تسوية سياسية داخلية، واستكمال القضاء على فلول الإرهابيين، وتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار الاقتصادي والاجتماعي. 
وأكد وزير مجلس الأمن الروسي "نيكولاي باتروشيف" في كلمته خلال الاجتماع الأمني الثلاثي الأمريكي الروسي الإسرائيلي في القدس المحتلة، أن إيران ​تشارك روسيا في محاربة الإرهاب معتبراً أن الوضع الإقليمي يدعو للقلق.
بطبيعة الحال، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو لماذا شاركت روسيا في هذا الاجتماع، على الرغم من معرفتها بأن الجانب الأمريكي والإسرائيلي يريدون إخراج إيران من سوريا، ومعرفتها بأن هذا الاجتماع سيكون مصيره الفشل؟.
وللإجابة على هذا السؤال، أولاً، تجدر الإشارة هنا إلى أن الروس يرون بأنه من الضروري استخدام الوسائل الدبلوماسية إلى جانب التقدم الميداني في ساحة الحرب لتحرير المناطق التي لا تزال في أيدي الجماعات الإرهابية، ومن ناحية أخرى ذكر الروس مراراً وتكراراً أن مسألة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا، لا يمكن تنفيذها وذلك لأن حضور المستشارين الإيرانيين في سوريا جاء بطلب من الحكومة الشرعية السورية.
ثانياً، هناك قضية مهمة أخرى هي محاولة روسيا الحفاظ على علاقات جيدة مع الكيان الصهيوني ومنع القضية السورية من الإضرار بعلاقات موسكو- تل أبيب التاريخية.
وحول هذا السياق، شدد "نيكولاس باتروزيف، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، في مؤتمر صحفي مع "نتنياهو" على ضرورة إحلال السلام في المنطقة، وقال بأن أمن "إسرائيل" مهم بالنسبة لروسيا، حيث يعيش مليوني روسي في الأراضي المحتلة.
يذكر أن الروس الصهاينة كانوا قلقين بشأن التحديات الأمنية للأزمة السورية ولهذا فلقد دعوا موسكو إلى تقديم الدعم، وبطبيعة الحال، فإن موسكو، من خلال حضورها في هذه الاجتماعات، ترسل رسالة مفادها بأنها تعمل على معالجة هذه المخاوف، ولذا فلقد قال "نيكولاي بتروشيف" إن روسيا تدرك المخاوف الأمنية الإسرائيلية، وتأمل أيضاً زوال جميع تلك التهديدات الأمنية التي تعاني منها "إسرائيل".
والعامل الثالث لمشاركة روسيا في المفاوضات الثلاثية لـ "إسرائيل"، يتمثل في محاولة موسكو منع القوات الإيرانية وحلفائها من الاصطدام عسكرياً مع الصهاينة، وذلك لأن روسيا تعدّ واحدة من الضامنين لاتفاق إنهاء التوترات في جنوب سوريا مع أمريكا والأردن في 7 يوليو و 18 نوفمبر 2017.
وفي مايو 2018، كشفت صحيفة "يورونيوز" إن "إسرائيل" تريد من القوات الإيرانية الانسحاب إلى مسافة 60 كيلومتراً على الأقل من مرتفعات الجولان، وأن "نتنياهو" قد قدّم هذا الطلب للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" مراراً وتكراراً، وكان الأخير قد استبق اجتماعات القدس بالتأكيد على أن بلاده ترفض منطق الصفقات في حلّ الأزمة السورية، فيما بدا محاولة لطمأنة إيران، وتشارك كل من إيران وروسيا في دعم الرئيس "بشار الأسد" لاستعادة السيطرة على كامل المناطق السورية، بيد أن العلاقة بينهما لا تخلو من تنافس على العقود الاستثمارية، والقواعد العسكرية.
يذكر أن إيران استبقت الاجتماع الثلاثي الذي يجمع رؤساء مجالس الأمن القومي لروسيا وأمريكا والاحتلال الإسرائيلي بتأكيدها على التمسك بالبقاء في سوريا، وأن وجودها ليس محوراً للبحث. 
وادّعى الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني "علي شامخاني" أن وجود إيران على الأراضي السورية "شرعي" حيث قال: "لن يجبرنا أحد على القيام بذلك". 
وأضاف: "هناك مَن لا يعجبه تقاطُع مصالحنا مع روسيا في سوريا، لكن سياساتنا مع موسكو مبنية على التعاون ونرى أن الحوار السياسي هو الطريق الوحيد لحل المشكلة في سوريا وفي كل المنطقة".