شي في بيونغ يانغ: عرّاب «التسويات الكبرى»

شي في بيونغ يانغ: عرّاب «التسويات الكبرى»

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢١ يونيو ٢٠١٩

في زيارة تاريخية هي الأولى له لبيونغ يانغ، عرض الرئيس الصيني، شي جين بينغ، «خطّة كبرى» لسلام دائم في شبه الجزيرة الكورية، ليبدو كأنه «عرّاب» أي تسوية مقبلة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، في وقتٍ يواجه فيه البلدان ضغوطاً أميركية
حشودٌ بالآلاف كانت حاضرة للترحيب بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، في مطار بيونغ يانغ، حيث كان في استقباله نظيره الكوري، كيم جونغ أون. استقبالٌ بدا مُفصّلاً لزيارة شي الأولى للشمال، لإظهارها كنقطة مفصلية بالغة الدلالة في سياق تمتين العلاقات بين الزعيمين. الزيارة التي تخلّلها لقاء قمة بين الرئيسين شي وكيم، جاءت بعد أربع زيارات للرئيس الكوري للصين خلال العام الماضي، وهي الأولى لرئيس صيني منذ استضافة هو جينتاو في شبه الجزيرة الكورية عام 2005. كذلك، جاءت قبل أسبوع من قمة مرتقبة ستجمع الرئيسين الصيني والأميركي في اليابان، على هامش قمة مجموعة العشرين.
وبعد توقف المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، بعيد القمة الثانية بين ترامب وكيم في هانوي، قال الرئيس الكوري لنظيره الصيني إنه «مستعد للصبر»، لكنه يريد مِن «الأطراف المعنيين» أن يلتقوا معه في منتصف الطريق. وأشار، بحسب التلفزيون الصيني، إلى أن الشمال «اتخذ تدابير عديدة إيجابية لتفادي أوضاع متوترة» خلال العام الماضي، «لكنه لم يتلقّ رداً إيجابياً من الأطراف المعنيين»، مضيفاً إن «هذا ليس ما تريد بيونغ يانغ أن تراه». من جهته، ثمّن شي جهود كيم الإيجابية، مبدياً استعداد بلاده «لتعزيز التنسيق والتعاون بين بيونغ يانغ» وتلك الأطراف. كذلك، أشارت صحيفة «رودونغ سينمون» الكورية الرسمية إلى أن الزيارة، التي تأتي «على رغم ظهور مهمات ملحّة ومهمة بسبب العلاقات الدولية المعقدة، تظهر أن الحزب الصيني والحكومة يوليان أهمية كبيرة للصداقة بين جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية والصين».
 
النووي كأداة ضغط صينية
يفيد مسؤولون في الإدارة الأميركية بأن شي سيسعى إلى إحراز تقدّم مع كيم في شأن القضية النووية الكورية، على أن يَستخدم ذلك كأداة ضغط خلال اللقاء الذي سيجمعه بنظيره الأميركي بعد انسداد أفق المفاوضات التجارية بين بكين وواشنطن الشهر الماضي. لذا، حين أعلن شي عن زيارة مفاجئة للعاصمة الكورية، سارع ترامب إلى الاتصال به لتثبيت «لقاء طويل» في أوساكا اليابانية، مُعلناً عبر «تويتر»: «أجريت محادثة هاتفية جيدة جداً مع الرئيس الصيني شي. سنعقد لقاءً طويلاً الأسبوع المقبل في قمة مجموعة العشرين». لم تكن تلك إلا الخطوة الأخيرة لما وصفته «ذي نيويورك تايمز» بـ«رقصة الرجال الأقوياء»، كونها تضمّ ثلاثة شركاء غير محتملين، لديهم دوافع متباينة للغاية، لكن اهتماماتهم قد تنسجم أحياناً. وبحسب الصحيفة نفسها، فإن مكالماتهم الهاتفية ورسائلهم ولقاءاتهم تكشف كيف أن موازين القوى تتقلّب، بحسب تقلّب الرياح الجيوسياسية والظروف السياسية الداخلية لكل بلد.
أميركياً، قُرئت دعوة ترامب للقاء شي على أن الأول لا يريد أن يُترك على الهامش في مفاوضات (نووية) تشكّل حجر الزاوية في سياسته الخارجية. لكنها أدت أيضاً إلى شحن سوق الأسهم في اليوم الذي أطلق فيه الرئيس حملة إعادة انتخابه، نظراً إلى أن المستثمرين اعتبروا خطوة ترامب بمثابة تسوية للحرب التجارية، التي تضرّ بالاقتصاد الأميركي. وتأسيساً على كل هذه التقاطعات، بدا واضحاً أن توقيت زيارة شي لبيونغ يانغ لم يكن عَرضياً. فقد كان هو نفسه مَن أذكى تلك التوقعات، حين نشر، أول من أمس، مقالة نادرة في صحيفة «رودونغ سينمون» الكورية الرسمية، عرض فيها «خطة كبرى» لتحقيق الاستقرار الدائم في شرق آسيا، مرحباً بالصداقة التي «لا تعوَّض» بين كوريا الشمالية والصين، ومتعهداً بأن تؤدي بكين دوراً فاعلاً في «تعزيز الاتصالات والتنسيق مع كوريا الشمالية وأطراف أخرى ذات صلة» للدفع بـ«التسوية السياسية لقضية شبه الجزيرة الكورية قدماً». وهو ما علّق عليه مدير مجموعة الاستشارات «يوريجيا غروب» لمنطقة آسيا، سكوت سيمان، بالقول إن الرئيس الصيني «يريد أن يبقى الجميع مدركاً تماماً بأنه يمكن أن يؤثر على كيم، وأن لا اتفاق شاملاً ودائماً مع كوريا الشمالية يمكن أن يحصل من دون موافقة ومساعدة من الصين».