أبعاد التراشق الكلامي بين طهران وأبو ظبي

أبعاد التراشق الكلامي بين طهران وأبو ظبي

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٦ يونيو ٢٠١٩

أبعاد التراشق الكلامي بين طهران وأبو ظبي

جميع الظروف السياسية التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط وطبيعة التحالفات الجديدة التي أفرزتها المرحلة الحالية "توحي" بأن العلاقات الإيرانية - الإماراتية تشهد انعطافاً جديداً يأخذ العلاقات بين البلدين نحو المجهول.
 
يبدو أن الإمارات تبحث عن دور قيادي في منطقة الشرق الأوسط وتريد أن تقوم بهذا الأمر على أكتاف إيران، لذلك وجدناها خرجت عن دبلوماسيتها المعتادة، وبدأت حرباً كلامية مع الجانب الإيراني؛ هذه المرة كانت من بوابة الخارجية، حيث ردّ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي على التصريحات الأخيرة لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش بخصوص وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
 
وقال موسوي يوم الجمعة الماضي في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع "تويتر": "أولئك الذين يفتقدون المصداقية والشرعية وحتى الاستقلال، وأولئك الذين يعتمد وجودهم كلياً على شراء الأمن من الغربيين (الذين يرونهم فقط كـ "بقرة للحلب") ليسوا في موقف يسمح لهم بالتشكيك في مصداقية مسؤولي جمهورية إيران الإسلامية الذين يمكنهم سكب المياه في وكر النمل بتغريدة".
 
وفي وقت سابق، غرّد ظريف قائلاً: "إن بعض التفسيرات الخاطئة تستلزم توضيحاً، "الفريق ب" يخرّب الدبلوماسية ويعتّم على الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه أمريكا ضد إيران.
 
ليردّ قرقاش بأن تزايد إشارة وزير الخارجية الإيراني إلى الفريق ب "هزلية وتتضاءل مصداقيته يوماً بعد يوم".
 
مشيراً إلى أن "العلاقات العامة ليست بديلاً حقيقياً للسياسات البنّاءة، ووقف تصعيد الموقف الحالي يتطلب أفعالاً تتسم بالحكمة وليس كلمات جوفاء".
 
التوتر بين إيران والإمارات
 
لم تصل حدّة التوترات بين إيران والإمارات إلى هذه الدرجة في السابق على اعتبار أن البلدين تربطهما علاقات اقتصادية وتجارية متينة استمرت لعقود طويلة، فضلاً عن وجود كبير للتجار الايرانيين في الإمارات، ناهيك عن الاستثمارات التي يقوم بها هؤلاء التجار في الإمارات، إلا أن السياسة قرّرت هذه المرة أن تنفصل عن الاقتصاد بشكل شبه كلي وتبدأ صفحة جديدة لا نعلم مدى تأثيرها على الاقتصاد في الأيام المقبلة.
 
إن التبادل التجاري بين إيران والإمارات والذي سجّل أعلى معدل له عام 2011 عندما بلغ 23 مليار دولار، لا يزال يحافظ على ما يزيد عن 15 مليار دولار سنوياً، ومع ارتفاع حدّة التوترات في الشرق الأوسط سنشهد بعض التغيرات في المستقبل ويمكن أن يؤثر التعاون الاقتصادي إيجابياً على العلاقات بين البلدين ويخفف من التوترات الحاصلة، كما يمكن أن يحدث العكس.
 
لمحة عن التبادل التجاري بين إيران والإمارات
 
تعود بداية العلاقات الإماراتية - الإيرانية إلى فترة استقلال دولة الإمارات عام 1971، ومنذ ذلك الوقت أخذت العلاقة شكلاً مستقرّاً ورغم جميع الظروف السياسية التي مرّت بها المنطقة إلا أن هاتين الدولتين حافظتا قدر الإمكان على طبيعة العلاقة والمصالح المشتركة بينهما على المستوى الاقتصادي، وهذا الأمر منع الجانبين من الوصول إلى طريق مسدود أو حتى تصعيد إقليمي قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية.
 
مع مطلع العقد الجديد شهد التبادل التجاري بين إيران والإمارات ازدهاراً كبيراً ووصل حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار عام 2010، ليسجّل أعلى معدل له خلال هذا العقد في العام 2011 ويتجاوز الـ23 مليار دولار، و17.8 مليار دولار في عام 2012، و15.7 مليار دولار في عام 2013، بينما قُدّر حجم التبادل التجاري 17 مليار دولار نهاية عام 2014، وكان هذا الحجم قد بلغ 16 مليار دولار عام 2016، وقفزت التجارة بين إيران والإمارات إلى 22 مليار دولار في 2017.
 
وخلال العام الفائت بلغ حجم التجارة غير النفطية بين إيران والإمارات 16.83 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في 20 مارس2018، بارتفاع بلغ 21.18% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لإحصائيات إدارة الجمارك الإيرانية.
 
ونمت صادرات الإمارات إلى إيران بنسبة 57% من حيث القيمة على أساس سنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2018.
 
العلاقات الدبلوماسية
 
لم تشهد العلاقة بين البلدين أي توتر "خطير" يذكر على مدى العقود الماضية، لكن ومنذ استهداف حاملات النفط في ميناء الفجيرة، بدأنا نشهد تحولاً جديداً في تصريحات المسؤولين الإماراتيين، فبعد التفجيرات سارع وزير الشؤون الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش" لتوجيه أصابع الاتهام إلى طهران حتى قبل أن يبدأ التحقيق في الحداثة، وقال قرقاش وقتها "تعرّضنا للبلطجة من جانب إيران ورأينا أفعالاً عدوانية من قبل إيران في المنطقة".
 
في ظاهر الأمر إن هذا التحوّل ينمّ عن رغبة إماراتية بإزالة "طاقية التخفي" واللعب بشكل مباشر والولوج إلى عالم الكبار في السياسة الخارجية بعد أن كانت تنفذ ما تريد بصمت لكنها اليوم تبحث عن الشهرة على ما يبدو بعد أن شعرت بأنها مهمّشة، وسياسياً ليس لديها ثقل يتناسب مع فعاليتها في هذا المجال، لذلك نجدها اليوم تحاول إثبات نفسها وسحب البساط من تحت أقدام أفرقائها الخليجيين وتسلّم شارة القيادة، ويبقى السؤال، هل كانت السعودية وأمريكا هما من أعطاها الضوء الأخضر للبدء بهذا الأمر أم هو تصرف شخصي منها؟.